محمد العريان: أسعار أعلى للنفط بعد 18 شهراً

نشر في 08-03-2016 | 00:03
آخر تحديث 08-03-2016 | 00:03
No Image Caption
كبير الاقتصاديين في «أليانز» يدعو إلى تحرير الأسواق من الاعتماد على البنوك المركزية
قال محمد العريان إن مجتمع الأعمال والإعلام في مصر يناقش سعر الصرف بمعزل عن كل المتغيرات الأخرى! «ويجب أن نعي أنه في حال تحركنا على صعيد سعر الصرف فقط فإن المكاسب ستكون قليلة والتكاليف كبيرة».

ذكر كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة «أليانز» د. محمد العريان أن الوقت حان لتقليص الاعتماد المفرط على البنوك المركزية، لكنه يعتقد أن الأوضاع السياسية والاقتصادية في أميركا وأوروبا تحبط هذا التوجه، متوقعا أن أسعار النفط ستكون أعلى بعد 12 إلى 18 شهرا.

وقال العريان، في مقابلة مع قناة «العربية»، إن سياسات البنوك المركزية أصبحت أقل فاعلية من ذي قبل، والاقتصاد الأميركي استطاع التغلب على التباطؤ العالمي واضطرابات الأسواق، مضيفا: «أميركا ستنمو هذا العام بين 2 و2.5 في المئة».

واعتبر العريان، وهو عضو المجلس الاستشاري للبنك المركزي المصري، ان الاقتصاد الأميركي تمكن من أن يتغلب على تحديين قويين، الأول: تباطؤ الاقتصاد العالمي، لاسيما اقتصادات الدول النامية، والثاني: انتقال العدوى الى الاقتصاد الأميركي من اضطرابات الأسواق المالية.

وزاد أن ما تشير له الأرقام باستمرار هو أن الاقتصاد الأميركي قادر على تحقيق مستويات نمو تتراوح بين 2 و2.5 في المئة، رغم التحديات، وهذه هي الأخبار الجيدة، بطبيعة الحال مستويات النمو تلك لا تشكل «انطلاقة»، فهي غير كافية، لكنها تبقى افضل من مستويات النمو في كل من اوروبا واليابان.

وفي حال استمر هذا الحال، وهذا ما يتوقعه العريان فإن البنك الفدرالي سيرفع نسب الفائدة هذا العام مرتين. «فهذا بنك مركزي راغب في اعادة السياسة النقدية الى طبيعتها بوتيرة بطيئة وحذرة. وفي حال استمررنا على هذه الوتيرة فإن الفدرالي مستعد وقادر على رفع نسب الفائدة، ليس بأربع مرات التي توقعها الفدرالي قبل عدة أشهر، ولكن أتوقع رفعها هذا العام مرتين».

سياسات البنوك المركزية

ورأى العريان أن اجتماع مجموعة العشرين كان واضحا جدا، كما أن الاعتماد الزائد على سياسات البنوك المركزية يشكل خطرا، وآن الأوان أن يتم تسليم المسؤولية الى رد متكامل. «فالأمر بات واضحا: لا نستطيع الاستمرارا في الاعتماد بهذا الشكل المبالغ فيه على البنوك المركزية».

وتابع: «لكن الأوضاع السياسية في أميركا واوروبا تحبط هذا التوجه، لذا من المتوقع ان يستمر هذا الاعتماد المفرط. حتى إن الصين قامت بعد يومين من استضافتها اجتماع مجموعة العشرين، واصدار بيانها الختامي، باتخاذ المزيد من المحفزات النقدية عن طريق بنكها المركزي!».

وتساءل: «هل يتم اليوم استنزاف السياسة النقدية؟ برأيي انها تصبح أقل فاعلية. والآن نرى مجموعتين من البنوك المركزية، حيث أصبحت السياسة النقدية أقل فاعلية. الأولى تتسم بتراجع الرغبة. فالفدرالي غير راغب في الاستمرار بانتهاج سياسات نقدية غير تقليدية. فهو متخوف من الأضرار والآثار الجانبية لهكذا سايسة».

واردف: «أما المجموعة الثانية فيتعلق الأمر بعدم القدرة، والمركزي الياباني خير مثال، فعندما قام مؤخرا بخفض الفائدة الى منطقة السالب، فوجئ بارتفاع سعر صرف الين بدلا من تراجعه! وبانخفاض أسواق الأسهم بدلا من صعودها! لذا مع تزايد عدد البنوك المركزية غير الراغبة او غير القادرة على مواصلة سياساتها النقدية تلك، لن نستطيع الاستمرار في الاعتماد بشكل كامل عليها».

تعريف العاصفة المتكاملة

وحول مخاطر الاقتصاد العالمي، ومن منطلق الأسواق المالية، وليس من منطلق سياسي او جيوسياسي، كما يقول حاول العريان تعريف العاصفة المتكاملة بأنها تفاعل ثلاثة عوامل مختلفة في نفس الوقت تجعل النتيجة متقلبة وتوقعها أمرا صعبا.

ومن هذا التعريف، فإن العوامل الثلاثة حاليا هي: النمو الاقتصادي العالمي المنخفض: خاصة خطر امكانية وليس احتمالية، تباطؤ الصين بشكل حاد. هذا هو الخطر الأول. هذه ليست الاحتمالية المرجحة، لكنه أحد المخاطر، أما الخطر الثاني فهو ان نكتشف أن فاعلية البنوك المركزية قد تلاشت، وان البنوك هذه اصبحت غير قادرة على اقتراض النمو والعوائد المالية في المستقبل.

وزاد ان «الخطر الثالث هو نقص ما أسميه رأس المال الصبور، فهذه الأيام لا يوجد ما يكفي من رؤوس الأموال طويلة الأجل ليتخذوا المراكز المقابلة للمتداولين، لذا ما نحصل عليه اضطرابات حادة في الأسواق، على سبيل المثال، تحرك مؤشر داو حونز بأكثر من 1 في المئة في الجلسة الواحدة خلال 80 في المئة من جلسات هذا العام. هذا يشكل نحو ضعف معدل نفس الفترة قبل عام».

واستدرك: «لذا نحن نشهد تزايدا في التقلبات المالية، وخطورة هذا ان تنتقل العدوى من الأسواق المالية الى النشاط الاقتصادي العام، لذا ألخص اجابتي: التباطؤ الاقتصادي العالمي، سياسات البنوك المركزية، الاضطرابات المالية هي أكبر المخاطر في رأيي التي تواجه الأسواق والاقتصادات العالمية».

وحول توقعات أسعار النفط في سياق الأفق الزمني متوسط المدى، قال: «اذا افترضنا مدة زمنية تتراوح بين 12 و18 شهرا، فالإجابة هي ان الأسعار ستكون أعلى وقتها مقارنة بمستوياتها اليوم»، متسائلا: «لماذا؟ لأننا سنرى تدميرا هائلا للقدرات الإنتاجية الذي لم يحصل بعد. الى جانب تعافي الطلب بسبب انخفاض الأسعار. وأضيف الى ذلك ان الأسعار بالغت في انخفاضها. لماذا؟ بسبب تغيّر النظام في تحديد الأسعار والناتج عن فقدان دور المنتج المرجِح».

الجنيه المصري

وحول أهم تحد تواجهه مصر، بشأن تراجع قيمة عملتها ونقص الدولار، ذكر العريان ان منظومة سعر الصرف تشكل احدى الأدوات الاقتصادية. والمؤسف في مصر أن مجتمع الأعمال والإعلام يناقش سعر الصرف بمعزل عن كل المتغيرات الأخرى! ما يجب أن نعيه جيدا، هو في حال تحركنا على صعيد سعر الصرف فقط، فالمكاسب ستكون قليلة والتكاليف ستكون كبيرة، لذا يجب أن نعي أننا لا نستطيع التحرك على صعيد احدى السياسات دون سياسات أخرى داعمة، هذا أمر في غاية الأهمية».

واردف: «ثانيا: المشكلة الرئيسية في مصر هي ليست سعر الصرف، بل هي أحد أعراض المشكلة الحالية، وهي أن مصر لا تنتج ما يكفي حاليا لسد احتياجاتها المحلية، لذا الحل في مصر هو اتخاذ اصلاحات هيكلية لزيادة الإنتاجية. الى جانب اطلاق العنان لطاقات شعبها الكامنة لاسيما الشباب».

وخلال استعراضه الحلول المقترحة في مصر لفت الى ان الحل يكمن ايضا في إدارة أفضل للطلب، للتأكد من الا يقوم القطاع العام بمزاحمة القطاع الخاص، اضافة الى تنسيق أفضل بين السياسات المختلفة، هذا هو الإطار الذي يجب أن يتم من خلاله مناقشة سعر الصرف، لكنه من المؤسف أن الموضوع أصبح مستقلا عن غيره، وكل الدول الأخرى تجمع انه لا يمكن مقاربة هذا الموضوع بهذه الطريقة.

واعتبر أن «من الصعب الحديث عن حلول لمسألة سعر الصرف في مصر من دون معرفة كيف سنتحرك على صعيد السياسات الثلاث الأخرى. لأنه بالإمكان أن تتعايش عدة أنواع من أنظمة سعر الصرف مع تلك السياسات. لذا قل لي ماذا ستفعل على صعيد الإصلاحات الهيكلية، وادارة الطلب، والتنسيق بين السياسات المختلفة، وحينها سيكون باستطاعتي أن اقول لك ما هي منظومة سعر الصرف الأنسب في ضوء ذلك».

back to top