أكد شيخ الأزهر الإمام الأكبر د. أحمد الطيب أن الأزهر يواجه حرباً ضده، محذراً من جهات خفية تقف خلف المذاهب لأغراض سياسية.

Ad

وقال الطيب، في حوار مع «الجريدة» على هامش لقائه الإعلاميين والمثقفين في المكتبة الوطنية الكويتية، بحضور وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود، إن الأزهر، منذ نشأته قبل أكثر من ألف عام، ظل قلعة للوسطية والتعددية وتقبل الآخر... وفي ما يلي تفاصيل الحوار:

• كيف يواجه الأزهر خطر الإرهاب؟

- منذ نشأة الأزهر قبل أكثر من ألف عام وهو ينتهج الوسطية والتعددية وقبول الآخر، لكن اليوم هناك من يحاول أن يمسك بمعوله ويضرب بالأزهر بشكل واضح وسافر، إلى أن أوجدوا شرخا كبيرا بين الثقافة العلمانية والإسلامية، وهذا بلاء كبير رسخه الغربيون ونجحوا فيه للأسف.

والأزهر اليوم يقاتل على كل الجهات، بما في ذلك "داعش"، رغم ما نواجهه من هجوم، إذ يعلق الجميع ظهور "داعش" على مشجب الأزهر، في حين هناك استعداد لدى البعض للانجراف خلف ذلك، ويتوجس في عقيدته وانتمائه المذهبي، حتى أثمر ذلك الغلو الكارثة الكبرى وهي تكفير الآخر، فالأمة بحاجة إلى وعي، وأتساءل: لماذا لا نقدر على مسألة الاجتماع على هدف واحد كمسلمين؟

• من يقف وراء ذلك؟

- يجب أن نطرح هذا السؤال العريض، ونقول إن مصانع الغرب للسلاح لن تعمل إلا إذا سالت الدماء العربية، فالغرب يتغذى على الخلاف العربي العربي، والخلاف الإسلامي الإسلامي، بحيث يستغلون الاختلاف المذهبي والطائفي لدى المسلمين ويرتكزون عليه، وبالتالي نكون سوقا رائجا لذلك السلاح، وللأسف لدينا من يركب الموجة.

والآن هناك محاولة كبيرة لتفريغ الوطن العربي من الشباب، ودعوتهم إلى الهجرة، وهذا واضح من خلال المواقع المتعددة الموجودة على الإنترنت التي تظهر العيوب والسلبيات وتدفع شبابنا كي يهاجر، والأزهر بمفرده لن يستطيع أن يحارب، بل على السفارات العربية أولا، ومن ثم الإسلامية، أن تركز على ذلك، وإظهار ان هذا الدين يسمح ويبيح للمسلم أن يتزوج من مسيحية أو يهودية أو كتابية، وأنه منفتح على الآخر ويقدره ويحترمه ويقبله.

وأنا شخصيا أراهن على الشعوب الغربية والأميركية، لأنها عندما تثق وتعلم الحقيقة تغير رأيها تماما، لكني لا أراهن على السياسات الغربية والأميركية لأنها تعمل ضد العرب والمسلمين، وهي سياسات بالغة المكر، ولديها نشاط إعلامي كبير جدا ومؤثر، كما أنهم يحاولون خلق المؤامرة، وللأسف يجدون لدينا الاستعداد لذلك.

وهنا أتساءل: لماذا ظهرت الآن الطائفية والمذهبية وعدم قبول الآخر؟ رغم اننا نعيش منذ 14 قرنا في تعايش وسلام، ولم نكن نعرف هذا سني أو شيعي أو جعفري؟ وللأسف هناك من يتخفى خلف المذاهب لأغراض سياسية.

وأذكر مثالا آخر في مصر، وفي فترة من الفترات، إذ أرادوا خلق فتنة وزعزعة بين الأقباط، من خلال إيجاد "باباوان" للكنيسة، ولولا تدخل الدولة لكانت هناك حرب لا طائل لها بين الأقباط.

• بماذا تعلل هذا الهجوم على الأزهر اليوم؟

- الجميع اليوم يطالب الأزهر بأن يقف بالمرصاد ضد الإرهاب، ونحاول ونعمل جاهدين بكل ما نملك لمواجهة ذلك، ليس فقط في مدرسة وجامعة الأزهر، التي طورنا فيها المناهج، بل حتى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فنحن نحارب كل الجهات.

لكن ليس باستطاعة الأزهر أن يعمل بمفرده، لأن هناك حربا خفية ضد الأزهر، بدليل أننا نحاول الآن إنشاء قناة تلفزيونية تقدم الخطاب الوسطي والتعددي للدين الإسلامي، لكننا نواجه معوقات وصعوبات بشكل أو آخر.

كذلك لدينا مرصد متخصص بسبع لغات، يرصد كل ما يخرج من مواقع "داعش" وغيرها، ويترجم إلى اللغة العربية ثم إلى سبع لغات وتنشر، وهم يوميا يقدمون أكثر من ألف رسالة كلها تشويه للإسلام وتكفير لكل شيء، ونحن نبذل أقصى ما بوسعنا في هذا، ونرسل ايضا قوافل سلام من العلماء الذين يتحدثون بلغات أجنبية كي يعرفوا الإسلام كدين وسطي يقبل الآخر.

الطيب: ضرورة تصدي العلماء للعابثين بتراث الأمة

أكد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، د. أحمد الطيب، ضرورة تصدي العلماء، من كافة المذاهب الإسلامية، بفتاوى صريحة وواضحة، للعابثين بتراث الأمة ومقدساتها ورموزها، والتبرؤ المعلن من كل ما يعكر صفو علاقة الأخوة، من أجل حسابات أيديولوجية فئوية وسياسية داخلية أو خارجية.

وشدد د. الطيب في كلمته خلال ندوة دينية نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمسجد الكبير، امس الاول، على العمل الجاد، للقضاء على ثقافة العنصرية والفئوية والعرقية والرغبة المحمومة في الاستحواذ والإقصاء، وتشجيع كل ما يبعث على التعالي عن سياسة التربص والكيد.

وأكد حرص الأزهر على ترسيخ الصورة الحقيقية للإسلام لدى الأجيال، ولاسيما الطلبة، وغرسها في وجدانهم، مشيرا إلى أن الترجمة الصادقة للتراث الإسلامي في بُعديه؛ العقلي والنقلي، يمثل وسطية الإسلام، التي هي أخص خصائص هذا الدين القيم.

وأضاف أن منهج الأزهر لا يقتصر على ترسيخ مبدأ الحوار وشرعية الاختلاف واحترام الرأي الآخر ضمن دائرة المذاهب الفقهية والفكرية عند المسلمين فحسب، بل يعمل على ترسيخ المبدأ ذاته في أذهان طلابه، في ما يختص بعلاقة الإسلام بالأديان السماوية.

ولفت إلى دور الأزهر في محاربة الجمود والتعصب اللذين هما أساس الفرقة والنزاع بين المسلمين.

واقترح أن تخصص الكويت 2016 عاما لثقافة الحوار، تأصيلا وتطبيقا، حتى تفوز بلقب عاصمة الثقافة الإسلامية وعاصمة الحوار العربي والإسلامي، بعد أن أكرمها سمو الأمير، بجعلها مركزا للعمل الإنساني.

من جانبه، أعرب وزير العدل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية يعقوب الصانع، عن الاعتزاز والفخر باختيار الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2016 من قبل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو).

وقال إن الأزهر وشيخه يمثلان في عالم الإسلام والمسلمين المرجعية الكبرى على مدى أكثر من ألف عام في نشر دين الإسلام وفهم شريعته الغراء، لما يحملانه من تاريخ وعلم، وما يمتازان به من وسطية واعتدال، وما يقومان به من جهد ونشاط وبذل في سبيل نشر رسالة الإسلام السمحة.

ولفت إلى ما يقوم به شيخ الأزهر من مهام وأعمال في خدمة الإسلام، وترشيد الدعوة إليه، وما يبذله من جهد مقدر في تجديد الخطاب الديني، ليواكب العصر، ويفي باحتياجات المسلمين المتجددة وقضاياهم المعاصرة، معربا عن أطيب الترحيب بالإمام الأكبر في بلده الثاني الكويت، وبين أهله ومحبيه.