هل مسموح الاختلاف؟

نشر في 07-02-2016
آخر تحديث 07-02-2016 | 00:01
 علي البداح في مقالين لكل من الأخ أحمد الصراف وأستاذي عبدالله بشارة احترت في كيفية التعامل معهما، فالأخ أحمد يرى في إسرائيل ديمقراطية تحتذى، ويرى أستاذي ضرورة التمسك بمجلس التعاون وعدم الخروج عن وحدة الصف.

من الناحية النظرية البحتة يبدو هذ كلاما جيداً، لكن الواقع يقول لنا غير هذا، فإسرائيل وهي الكيان المغتصِب لأراضينا والمدمر لشعبنا في فلسطين، لا يمكن أن تكون ديمقراطية، وهي تقيم هذه الديمقراطية على جثث إخوتنا في فلسطين. إسرائيل ومن ورائها الصهيونية العالمية تريد أن تظهر للعالم بمظهر البلد المتحضر في هذا المحيط الجاهل ولها في إعلام العالم ألف وسيلة لإخراجها كبلد متحضر عنده العلم والفن والصحافة الحرة، حتى يستمر دعم الغرب والعالم لها لتثبت أقدامها في أرضنا، وكلنا نعلم مدى سيطرة الحركة الصهيونية على صحافة وإعلام العالم الغربي وبرامج الدعاية وتضخيم ديمقراطية إسرائيل وتحضرها، وهم قادرون على امتصاص أي نقمة في الشارع على هذا الكيان بعد كل جريمة يرتكبها، فتجد بعد أن يدمر الجيش الإسرائيلي مدناً وقرى على أهلها ويقتل الآلاف يتصدى أفراد في المنابر الديمقراطية الإسرائيلية للهجوم على الجيش لامتصاص أي نقمة وإسكات أي صوت معترض بافتراض أن الإسرائيليين أنفسهم معترضون على هذا القتل الوحشي والتدمير، ليتكرر مرة وأخرى وتعمل حرية الرأي والتعبير الديمقراطية الإسرائيلية على إسكات الرأي العام.

الديمقراطية في إسرائيل أصوات تذهب مع الريح حين يتعلق الأمر بإدانتها على جرائمها، وحتى هذه اللحظة فإن أيا من الديمقراطيين الإسرائيليين لم ير في قهر الشعب الفلسطيني أي عيب، ما عدا ما يقال لذر الرماد في العيون في أحيان ومناسبات مطلوبة.

أما فيما يتعلق برأي أستاذي بمجلس التعاون فأنا أدرك مصدره، فأستاذي عبدالله بشارة كان أول أمين عام للمجلس وقد أدار الأمانة بجدارة وتقدير، وأسّس الأمانة العامة ونال دعم المجلس وثقته طوال أعوام تقلده المنصب، إلا أن ما لم نره في مجلس التعاون هو التعاون البناء بين أعضائه، والتطور باتجاه كسب شعوبه وتوفير مناخ أفضل للحرية وبناء مؤسسات ديمقراطية تسهم في دفع المجلس تجاه وحدة حقيقية بين شعوبه.

ما زال مجلس التعاون يسير بأسلوب عشائري، حيث لا يجوز للصغير أن يتعدى على الكبير أو الاعتراض على ما يريده، ولعل المثال الذي كان محور موضوع الأستاذ يبين بوضوح هذا الشكل من العلاقة، فهل يستطيع أي عضو في مجلس التعاون أن يقول رأيا يخالف الأخ الأكبر في موضوع اليمن؟ وهل يعتبر خروجا عليه لو قامت إحدى دوله بمهمة لنزع فتيل الحرب؟ وهل يمكن أن تبحث بدائل للعلاقة مع إيران بدل الشحن الحالي، وكان المجلس يستحث الحرب مع إيران؟

إن نجاح مجلس التعاون لا يكون إلا بنظام ديمقراطي بين أعضائه، وفي فتح باب الحريات لشعوبه، بل إنه قد حان الباب للمطالبة بالمشاركة الشعبية بين شعوب المجلس، كان هناك مبادرات سابقة بهذا الاتجاه لكنها أخمدت ولم يعد أحد يتحدث عنها. اليوم وأوضاع المنطقة تشتعل ليس أمام المجلس إلا وحدة شعوبه على أسس من العدل والنزاهة والديمقراطية وحقوق الإنسان؛ للنهوض بكل بلدان المجلس وشعوب بدل الإصرار على بقاء الأمور كما هي.

وخطط تقسيم المنطقة يمكن مواجهتها بوحدة شعبية حقيقية لا تفرق بين الناس على أسس قبلية أو طائفية يكون فيها الناس سواسية في الحقوق والواجبات، وبذلك نحمي دول المجلس ونضمن استقرارها.

back to top