على الشركات الأميركية رفع الحد الأدنى للأجور

نشر في 26-03-2016
آخر تحديث 26-03-2016 | 00:01
تشير نظرية «أجور الفعالية والكفاءة» إلى أن دفع أجور زائدة إلى العمال قد يكون منطقياً من الوجهة الاقتصادية، لأنه سيُشعر الموظفين بتقدير لقيمتهم، كما يشجعهم على العمل بجهد أكبر للاحتفاظ بوظائفهم.
 بلومبرغ • قررت شركة ماكدونالد في الآونة الأخيرة رفع الأجور بالنسبة الى العديدين من عمال مطاعمها الذين تحتسب أجورهم بالساعة، كانت الزيادة متواضعة وارتفعت من 9 دولارات الى 10 فقط، ولكن التنفيذيين في الشركة يقولون انهم لمسوا تحسناً في نوعية وجودة الخدمة.

وأبلغ رئيس الشركة في الولايات المتحدة مايك أندرس المحللين في أحد المؤتمرات أن تلك الخطوة حققت ما كنا نتوقعه منها، فقد هبط عدد العمال المتخلفين وارتفعت معدلاتنا وأصبح لدينا المزيد من الموظفين في المطاعم "ونحن سعداء بذلك حتى الآن"، كما أن النتائج المالية للشركة لم تتأثر حتى الآن، بل على العكس ارتفعت المبيعات.

ومع كون الركود في الأجور أحد أكثر المواضيع أهمية في هذه الأيام وتردد الدعوات الى زيادة الحد الأدنى من الأجور في شتى أنحاء الولايات المتحدة فإن مثل هذه القصص كانت لافتة جداً وبشكل واضح. وإذا كانت الزيادة في الأجور تسهم في تحسين أداء العمال بما يكفي لمساعدة مستوى القاع فلا توجد مقارنة بين المبالغ التي تستطيع الشركات دفعها الى العمال، ضمن الحدود المعقولة على الأقل، وبين عدد العمال الذين تستطيع الشركة تشغيلهم. ومن الواضح أنه اذا كان في وسع الشركة زيادة الأجور بدرجة كافية جداً فقد يفضي ذلك الى الاستغناء عن الكثير من الموظفين، ولكن قد يصبح العديد من الشركات الأميركية في المنطقة الآمنة إذا ارتفعت الزيادة بشكل متواضع من الوجهة الاقتصادية.

الحد الأدنى من الأجور

وإذا كان ذلك يساعد في معالجة مستوى القاع فما هو سبب عدم قيام الشركات بتلك الخطوة في الأساس؟ عندما يطرح هذا السؤال على العديد من دعاة تحسين الحد الأدنى من الأجور فإنهم يشيرون الى نظرية "أجور الفعالية والكفاءة" وهو ما يعني أن دفع أجور زائدة الى العمال قد يكون منطقياً من الوجهة الاقتصادية لأن ذلك سوف يجعل الموظفين يشعرون بتقدير لقيمتهم ووفائهم، كما أنه يشجعهم على العمل بجهد أكبر من أجل الاحتفاظ بوظائفهم.

وقد تنطبق هذه النظرية على العديد من الصناعات، ولكنها لا تستطيع أن تفسر تجارب من النوع الذي عاشته شركة مثل ماكدونالد.

وتقول نظرية أجور الكفاءة ان الشركات تدفع الى الموظفين أجوراً أعلى من الحد الذي تستطيع تحمله، ولكن تلك النظرية تفترض أن الشركات تدفع في حقيقة الأمر ما يكفي من أجل الحفاظ على تحسين الانتاجية والولاء، وإذا كان الموظفون مثل اولئك الذين يعملون في شركة ماكدونالد لا يدركون منافع دفع المزيد من الأجور فسوف يتعين علينا عندئذ أن ننظر الى ما هو أبعد من نظرية أجور الكفاءة والفعالية.

فكرة الطلب على المنتجات

تتمثل احدى الامكانيات في أن الشركات ببساطة لا تملك فكرة ثابتة عن الطلب على منتجاتها، وفي معظم النظريات الاقتصادية، نفترض أن الشركات تعرف كم يرغب المستهلك، ويستطيع، دفعه من أجل شراء مادة ما عند سعر معروض، ولكن في حقيقة الأمر ليس لدى أي شركة مثل هذه المعلومات، كما أن مسألة الطلب تتسم بفرضية مجردة صرفة، وفي الواقع نحن نشهد فقط ما يوجد من طلب عند السعر الحالي وليس عند كل الأسعار الممكنة.

ولنفترض أنني أبيع شطيرة الهمبرغر بسعر 4 دولارات، كيف يمكنني أن أعرف كم سوف يقل عدد الشطائر التي أستطيع بيعها اذا قمت برفع السعر الى 5 دولارات؟ وقد أتمكن من اجراء الكثير من الاحصائيات في محاولة لتوقع التغير في الطلب، على أساس عملية ديموغرافية، ونسبة الدخل والعوامل الأخرى ذات الصلة، وفي وسعي النظر إلى مناطق تكون فيها أسعار الهمبرغر أعلى وأن أعمد إلى استخدام احصائيات في محاولة لمعرفة وتحديد مدى اختلاف تلك المناطق عن المنطقة التي أعمل فيها، ولكن تلك الطرق تزخر بعدم اليقين، ولذلك فإن رفع أو خفض أسعاري ينطوي دائماً على خطر ومجازفة.

البديل الوحيد

قد يتمثل البديل الوحيد في قيامي بمحاولة تغيير السعر ورؤية ما سوف يحدث عندئذ، وقد حاول بعض الناس دراسة تجربة السعر على الرغم من أن المثير للاهتمام أن تلك الخطوة تبدو ضمن نطاق عمليات بحوث بقدر أكبر من جهود خبراء اقتصاد، ولكن المنطق ذاته ينسحب على قضية الأجور، والشركة لا تعلم في العادة ما اذا كان رفع الأجور سوف يسهم في تحسين الانتاجية بما يكفي لتحسين مستوى القاع، كما أن الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك تكمن في القيام بمحاولة ورؤية ما سوف يحدث، وقد يكون ذلك هو ما نشهده في تجربة شركة ماكدونالد، وقد رفعت تلك الشركة الأجور وكانت النتائج جيدة.

ومن شأن ذلك أن يعيدنا الى مسألة الحد الأدنى للأجور، وفي وسعنا التفكير في الحد الأدنى للأجور على شكل تجربة سياسة، ونحن نختبر تنفيذ أجر الـ 15 دولاراً في سياتل، وفي حال نجاح تلك التجربة فسوف نجربها في مدن اخرى، ولكن من المحتمل أيضاً أن يرغم الحد الأدنى من الأجور الشركات على اجراء تجارب واختبارات خاصة بها، وقد يتمكن العديد من أرباب العمل من رفع الأجور من دون الإضطرار الى الاستغناء عن العمال والموظفين، ولكن أرباب العمل لا يعلمون ذلك لأنهم يشعرون بدرجة من الخوف تحول دون قيامهم بمحاولة تلك الخطوة. وربما يرغم الارتفاع الكبير في الحد الأدنى للأجور تلك الشركات على تخطي تلك المخاوف، كما يحدث عندما تقوم بإلقاء أحد السباحين المترددين لأول مرة في مسبح.

وطبعاً فإن تجارب السياسة والسعر معاً تنطوي على الخطر ذاته، وإذا كانت تجربة الـ 15 دولاراً عالية جداً فقد تستتبعها موجة تسريح ولن يسمح للشركات بالتراجع، كما كانت شركة ماكدونالد سوف تفعل بكل تأكيد لو أن رفعها للأجور لم ينجح، ولكن فكرة اختبار السعر تقدم سبباً يؤكد أن رفع الحد الأدنى من الأجور قد لا ينطوي على الكثير من الضرر.

* Noah Smith

back to top