تراجع الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة

نشر في 02-04-2016
آخر تحديث 02-04-2016 | 00:01
يبدو أن فقاعات أسواق الأسهم والإسكان صرفت الأميركيين عن حقيقة أن دخلهم انكمش، وأن الاقتراض غير المستدام في الطبقتين العاملة والمتدنية يسمح بالاستمرار في مستويات الاستهلاك فترة من الزمن، ما يسهم في تأجيل يوم الحساب بعض الوقت.
 بلومبرغ • مع استمرار الانتخابات الأولية للرئاسة الأميركية جرى الكثير من الحديث عن القبول الذي يتمتع به المرشحان دونالد ترامب وبيرني ساندرز في أوساط الطبقة العاملة الغاضبة، ويبدو أن كل شخص يوافق على هذه المجموعة تواجهه مشكلة في حاجة الى مساعدة جدية.

ولكن السؤال هو: أي من الأميركيين يعتبر جزءاً من الطبقة العاملة؟ لا يوجد تعريف محدد، وفي وسعك تعريف الطبقة من خلال الثروة ولكن العامل الشاب الذي بدأ العمل في وول ستريت ويكسب القليل نسبيا يصعب أن يعتبر من الطبقة الأدنى.

عقول الناس

وفي وسعك التعريف عبر الدخل على الرغم من أن ذلك سوف يشوه من خلال الفوارق المحلية في تكاليف المعيشة والسن (والمتقاعد يتمتع بدخل قليل ولكنه في العادة أكثر ثراء) كما يمكنك التعريف من خلال الوضع التعليمي. ولكن قد يكون التعريف الأكثر أهمية ما هو في عقول الناس وتفكيرهم، ويعمد غالوب بشكل دوري الى الطلب من الناس ان يضعوا أنفسهم ضمن واحدة من خمس طبقات، الأعلى والأعلى الوسط والوسط والعاملة والأدنى. (ويظهر الشكل رقم 1 نتائج الفئات الخمس).

وقد ظلت النسبة المئوية للأميركيين الذين يعتبرون أنفسهم من الطبقة العاملة مستقرة بشكل نسبي، ولكن من عرفوا أنفسهم ضمن الطبقة المتوسطة تراجعوا بحوالي 10 نقاط مئوية وقابل ذلك زيادة أكبر في النقاط المئوية للأميركيين الذين وصفوا أنفسهم ضمن الطبقة الأدنى، وربما يتعين وصف تلك الطبقة ضمن الطبقة العاملة التي يتحدث عنها ترامب وساندرز.

لم يتم تعريف شريحة أقل ضمن الطبقة المتوسطة؟ أحد الاحتمالات الواضحة هو أن تلك الطبقة قد انتشرت وتفرقت الى طبقة متوسطة أعلى غنية وطبقة عاملة متوسعة، ويظهر الدليل أن شيئاً من هذا القبيل كان يحدث منذ عقود من الزمن، ويظهر الشكل رقم 2 المقياس الواسع للتفاوت في الدخل في الولايات المتحدة الذي يعرف باسم المعامل أو درجة جيني.

 كان التفاوت في الدخل يزداد بصورة ثابتة منذ سنة 1970 مع قفزات خاصة كبيرة في مطلع الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، ويبدو بالتأكيد أن ذلك يفضي على الأرجح الى خفض حصة الناس الذين يشعرون أنهم في الوسط.

انجراف نحو الأسفل

ولكننا لا نشهد اختلافاً، وما نراه حقاً هو انجراف نحو الأسفل. والسؤال هو: لماذا؟ ربما أن النمو البطيء جعل كل شخص في الولايات المتحدة أكثر تشاؤماً، أو ربما أن التباين نفسه خفض فكرة كل شخص ازاء طبقته. والأشخاص الذين يكسبون 25000 دولار قد يقارنون أنفسهم بمن يكسبون 50000، ولكن من يكسبون 400000 دولار قد يقارنون أنفسهم بمن يكسبون مليوني دولار.

ويتمثل أحد التطورات في أن الفارق في الدخل بين الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة الأعلى قد اتسع، ولكن الفجوة بين الطبقة المتوسطة الأعلى والغنية قد تفجرت بكل تأكيد، وقد يجعل ذلك كل شخص أكثر تشاؤماً ازاء موقعه في التركيبة الهرمية.  ولكن توجد مشاكل في هذا الشرح أيضاً، فهو يجعل التوقيت خطأ، والشيء الغريب هو أننا اذا نظرنا الى الوراء الى حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي عندما كان الدخل ضمن الطبقة المتوسطة يتباين بسرعة فسوف نشهد تغيراً طفيفاً جداً في تغيير الطبقة.

كما تظهر الدراسة الاجتماعية العامة أن النسبة المئوية للأميركيين الذين تم تعريفهم ضمن الطبقة العاملة كان وضعهم ثابتاً طوال تلك العقود، وتشير معلومات "غالوب" الى أن تعريف الطبقة ظل ثابتاً بشكل عام حتى سنة 2008، عندما حدثت الزيادة المفاجئة في الطبقة الدنيا والهبوط في الطبقة المتوسطة الذي حدث بعد الأزمة المالية العالمية والركود الكبير.

خداع النفس

هل خدع الأميركيون أنفسهم طوال كل ذلك الوقت؟ وهل صرفتهم الفقاعات في أسواق الأسهم والاسكان عن حقيقة أن دخلهم انكمش؟ وهل يسمح الاقتراض غير المستدام للأميركيين في الطبقة العاملة والمتدنية بالاستمرار في مستويات الاستهلاك لفترة من الزمن وتأجيل يوم الحساب؟

مقياس خطير

يبدو هذا ممكناً تماماً والامكانية الاخرى هي أن تعريف الطبقة أو الفئة هو حقاً مقياس خطر، وحتى اذا كانت عائلتك تكسب 180000 دولار في السنة – أي أعلى من المتوسط الوطني – فقد يكون من الصعب أن تظن نفسك ضمن الطبقة المتوسطة الأعلى اذا كنت عرضة للتسريح في أي وقت، أو إذا كانت حالة طبية طارئة يمكن أن تدفعك الى الافلاس. إن عدداً من كبيراً من الأميركيين من ذوي الكسب العالي يعيشون على الراتب، كما أن الخلل في نظام الرعاية الصحية يجعل الحالات الطبية الطارئة خطراً مالياً أكبر من ذلك الموجود في كندا أو المملكة المتحدة، وأظهرت عمليات الاستغناء عن الموظفين في الركود الكبير مدى غياب الأمان في وظائف الأميركيين – بعكس الحال في اليابان حيث تعمد الشركات الى خفض الأجور لتمكين الناس من الاحتفاظ بوظائفهم خلال فترة التباطؤ.

وأياً كان السبب فإن التحول في تعريف الطبقة مسألة حقيقية والمزيد من الأميركيين يظنون أنفسهم في قاع المدى الاقتصادي، ولهذا السبب يركز السياسيون بقدر أقل على الفرص الاقتصادية وبقدر أكبر على الخوف.

* Noah Smith

back to top