عنواني هذا ليس دعاية أو من قبيل المديح والمبالغة لأجل أعياد الكويت الوطنية، بل هو حقيقة نابعة من شعوري الخاص تجاهها، وأكاد أجزم أنه شعور جميع مواطنيها. النتيجة هذه توصلت إليها أو وعيت بها العام الماضي حين عدت من سفر طويل خارج الكويت، وكانت عطلة ممتعة جداً في الطبيعة الخلابة للريفيرا الإنكليزية، التي منحتني شعوراً بالسعادة والمتعة لا يضاهى، ولا يقاس بأي مكان آخر، ومع هذا، فحين سألني أحد أبنائي إن كنت أفضل أن أقضي باقي عمري فيها، كان جوابي بالرفض بكل ما قدمته لي من افتتان بالمتعة والبهجة، لأنني أفضل أن يكون سكني في الكويت حتى ولو كان أشهراً معدودة في السنة، لكن المهم والأهم أن يكون مستقري وملاذي الدائم والأخير في الكويت، فهي سكن للروح، لا أريد أي مكان آخر مثوى لروحي إلا هي، وهذا لا يعني أنها المستقر المحبب والمفضل للنهايات، بل هي أيضا ربما تكون الأفضل والأكثر راحة للعيش والسكن، فهي بلد متعايش مع جميع من فيه، ومتقبل بكل انفتاح جميع الثقافات الأخرى، وفيه حرية رأي وديمقراطية عالية، وحقوق إنسانية على مستوى عال، وهذه أمور واضحة للجميع، ولن أتطرق إليها في مقالي هذا، لأن ما سأكتبه عن الكويت هو صلاحيتها البيئية للسكن والعيش، وهي من هذه الناحية أجدها مكاناً مثالياً للعيش والسكن، خاصة بعد الانتهاء من المشاريع العملاقة للطرق السريعة التي ستدعم وتفعل كلامي هذا إلى واقع.

Ad

الكويت بلد نظيف نظافة تكلفتها باهظة بكل هذه العمالة الوافدة الهائلة المنتشرة في المؤسسات والمباني الحكومية وشوارع مدنها كلها، التي تتفوق في نظافتها على عواصم عالمية مثل لندن وباريس وغيرها، وبالطبع كل الدول العربية. النظافة المكلفة و"المتعوب" عليها هي التي جعلتها بيئة نظيفة صالحة للسكن، وبالرغم من كل العواصف الترابية التي تهاجمها باستمرار، فإنها تبقى محافظة على نظافتها رغم أنف وضعها الجغرافي الصحراوي الصعب.

الكويت مخططة ومرتبة بشكل جيد بمناطقها السكنية التي توفر كل الخدمات التي يحتاج إليها المواطن، مثل المعاملات التي يستطيع إنجازها من منطقته دون أن "يتعنى" للذهاب إلى أبعد من مكان سكنه، أو عن طريق الإنترنت.

كذلك الكويت بلد أخضر، وبالرغم من صحراويتها فإن الخضرة تطوق شوارعها، ومناطق مدنها، فالتخضير والزراعة التجميلية مخصص لهما ميزانية كبيرة لتصبح بيئة الكويت ترويحية وجمالية وحضارية صالحة تماماً للعيش فيها. وفي إعلان الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية كشف رئيسها م. فيصل الصديقي أن "مساحات الحدائق العامة والنموذجية في البلاد وصلت إلى 183 حديقة بمساحة إجمالية 3.65 ملايين متر مربع، وأنه تم الانتهاء من تصميم 13 حديقة عامة جديدة بمساحة 170 ألف متر مربع، وتمت زراعة 581 طريقاً وشارعاً رئيساً بمساحة 1450 كيلو متراً طولياً، "زيادة على كل الشوارع التي تمت زراعتها من قبل، مما جعل الكويت مدينة خضراء رغم كل ظروفها المناخية الصعبة، وما تواجهه من تحد كبير لتوفير مصادر الري، الذي يتم الآن عن طريق إحلال مياه المجاري المعالجة كبديل للمياه مع استخدام الطاقة الشمسية لحماية البيئة من التلوث.

هذه الحدائق تحتوي على ملاعب للأنشطة الرياضية للشباب، وساحات ألعاب للأطفال وعدد كبير من المتنزهات العائلية التي تتوزع على كل محافظات الكويت.

فكيف لا تكون الكويت بلداً صالحاً للعيش فيه، وهي تقدم كل هذه الخدمات البيئية الحضارية لمواطنيها؟

الكويت بلد صالح لسكن الروح والجسد في الحياة والممات، بكل ما فيها من مميزات تحترم آدمية المواطن وإنسانيته، وبكل ما تقدمه لمواطنيها، وهي وطن يحتوي على 183 حديقة، فكيف لا تكون سكناً صالحاً بمعنى الكلمة؟

البلاد المتحضرة الصالحة للعيش هي التي تقاس حضارتها بما تقدمه من خدمات ورفاهية لمواطنيها، وليس فقط بما توفره لهم من لقمة عيش يكافحون هم من أجل تحصيلها.