شارك الإيرانيون بكثافة في انتخابات مجلس الشورى ومجلس خبراء القيادة التي جرت، أمس، بعد أن قام المحافظون والإصلاحيون والمعتدلون على حد سواء بتحفيزهم على المشاركة في أول انتخابات بعد الاتفاق النووي، والتي ستحدد التوجه الذي ستسلكه البلاد في السنوات القليلة المقبلة.

Ad

بعد التحشيد الكبير المتواصل منذ أسابيع لنحو 55 مليون ناخب إيراني لدفعهم إلى المشاركة في أول انتخابات تشهدها البلاد بعد الاتفاق النووي الذي رفع العزلة الدولية عن البلاد، أدلى الإيرانيون بأصواتهم، أمس، بأعداد كبيرة لانتخاب أعضاء مجلس الشورى (البرلمان) للسنوات الأربع المقبلة، ومجلس خبراء القيادة للسنوات الثماني المقبلة.

وبعد انسحاب حوالي 1400 مرشح، أمس الأول، أصبح 4 آلاف و844 مرشحاً يتنافسون على مقاعد مجلس الشورى الـ290، فيما يتنافس 159 مرشحاً على مقاعد مجلس خبراء القيادة الـ88.

وتشكلت صفوف طويلة من المقترعين أمام مراكز التصويت في طهران والمدن الكبرى.

وقال رئيس مركز في وسط طهران مهدي خزاعي: «حتى الآن صوت 150 شخصاً، أي أكثر بمرتين من عدد الناخبين في الانتخابات الأخيرة» التشريعية التي جرت في 2012.

وقبل أربع سنوات بلغت نسبة المشاركة 64.2 في المئة في البلاد، منها 48 في المئة فقط في طهران.

وتعتبر هذه الانتخابات مهمة جداً لاستمرار سياسة الانفتاح التي ينتهجها الرئيس حسن روحاني، الذي يأمل تعزيز سلطاته أمام المحافظين، خصوصاً أنها تشهد مشاركة الإصلاحيين للمرة الأولى منذ سنوات بلوائح كبيرة على مستوى البلاد، رغم رفض ترشيح عدد من قادتهم من قبل مجلس صيانة الدستور المحافظ، الذي له سلطة قبول أو رفض المرشحين.

ويعول روحاني المنتخب في 2013، على أن يعزز نجاح الاتفاق حجم تمثيل مؤيديه الإصلاحيين والمعتدلين في مجلس الشورى بشكل خاص، مما سيساعده في تطبيق جملة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية قبل نهاية ولايته في 2017، وخصوصاً بفضل الاستثمارات الأجنبية التي يأمل في جذبها.

ويحاول روحاني المحسوب على المعتدلين، والرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، المعتدل، إلى جانب الإصلاحيين، الذين يقبع زعماؤهم في الإقامة الجبرية، إنهاء سيطرة المحافظين على مجلس الشورى ومجلس الخبراء المتواصلة منذ عدة سنوات.

وتمكن أحد قادة الإصلاحيين مهدي كروبي، الذي يخضع للإقامة الجبرية في طهران، من التصويت في منزله، كما ذكرت شبكات التواصل الاجتماعي.

ولزيادة فرصهم وتجنب تشتيت أصواتهم تحالف الإصلاحيون مع المعتدلين وبينهم محافظون عبر قائمة «أوميد» (الأمل).

ودعا الرئيسان السابقان الإصلاحي محمد خاتمي والمعتدل أكبر هاشمي رفسنجاني الناخبين إلى التصويت بكثافة للإصلاحيين والمعتدلين المؤيدين لروحاني بهدف قطع الطريق على «التطرف».

ورفض مجلس صيانة الدستور ترشيح حسن الخميني حفيد الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية لمجلس خبراء القيادة على أساس عدم التثبت من إلمامه بعلوم الفقه.

ورفسنجاني وروحاني مرشحان فيه، ويأملان في تحسين تمثيل المعتدلين في المجلس، الذي قد يتعين عليه اختيار خليفة لآية الله علي خامنئي الذي يبلغ من العمر 76 عاماً.

في المقابل، شكل المحافظون «ائتلاف الأصوليين الكبير» المتوافق مع خط المرشد الأعلى، الذي يقوم على محاربة أي «تغلغل» أجنبي في إيران في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

خامنئي

وكان المرشد الأعلى علي خامنئي بين أول من أدلوا بأصواتهم.

وقال خامنئي، بعد أن قام بذلك في مكتب اقتراع داخل مسجد في المجمع الذي يقيم فيه في طهران: «على الجميع أن يشارك في التصويت، كل من يحبون إيران، والجمهورية الإسلامية، ويحرصون على عظمة ومجد إيران».

وأضاف: «لدينا أعداء (..) وينبغي أن ننتخب بذهن متقد وعينين مفتوحتين (...) لكي نهزم العدو»، مستطرداً: «يجب أن تحصل الانتخابات بشكل يدخل اليأس في قلوب الأعداء».

روحاني

وأعلن الرئيس حسن روحاني، الذي أدلى بصوته في وزارة الداخلية أن حكومته ترى في الانتخابات «دلالة ثقة كبيرة» ولأن كل المؤسسات المعنية بتنظيمها ستضمن أن تكون «شرعية وسليمة».

وشدد روحاني على أن حكومته «ستحترم أي تركيبة لمجلس الشورى تنبثق من أصوات الشعب»، مشدداً على أن «كل أفراد الشعب يحترمون أصوات الأغلبية».

ورأى روحاني، أن «هذه الانتخابات هي في الحقيقة رمز للسيادة الوطنية وللاستقلال السياسي للبلاد».

رفسنجاني

بدوره، أكد رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام أكبر هاشمي رفسنجاني عقب الإدلاء بصوته في حسينية جماران بالعاصمة طهران، أن «الشعب يمتلك تجارب سابقة ويدرك جيداً أن أي صوت يتم الإدلاء به سيترك تأثيراً على مصير ومستقبل البلاد».

ودعا رفسنجاني المعنيين بالانتخابات إلى «الالتزام بالنزاهة والخلق الإسلامية وعدم الخيانة بالأمانة»، وقال:»يجب عليكم ألا تسمحوا بأن يطرأ أصغر خلل في هذه العملية».

الأخوان لاريجاني

أما رئيس السلطة القضائية صادق أملي لاريجاني المحافظ المتشدد، فقد اعتبر أن «الشعب الايراني سيعلن اليوم أنه لا يولي أي اهتمام لإيحاءات الأجانب»، مضيفاً أن «المشاركة الحاشدة للجماهير في الانتخابات رسالة واضحة للدول الغربية مفادها بان الشعب موحد في الدفاع عن النظام وقيادته».

أما رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني شقيق صادق أملي، وهو أيضاً من المحافظين المتشددين، فقد رأى أن «مستقبل البلاد وتحسن أوضاعه رهن بدخول أعضاء مقتدرين إلى مجلس الشورى».

«الداخلية»

وأكد مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية حسين ذوالفقاري عدم حدوث أي خروقات أمنية في سير العملية الانتخابية بمختلف أرجاء البلاد.

وشدد ذوالفقاري على أنه «لا يحق لأي مرشح الإعلان عن فوزه في الانتخابات حتى الإعلان عن النتائج الأكيدة والنهائية».