المنافسة الحكومية في كوريا الشمالية
بموازاة النكسة التي تعرضت لها استثمارات ساويرس في كوريا الشمالية، تشتكي الشركات الأجنبية هناك من تخصيص الحكومة الأملاك والأرباح المحققة، كما قالت شركة تعدين صينية عام 2012 إن كوريا استولت تعسفياً على منشآتها الخاصة بمعالجة المعادن هناك.
حقق قطب الأعمال المصري نجيب ساويرس المليارات الكثيرة من الدولارات من خلال امبراطورية اتصالات عالمية نشطت في دول تمتد من زيمبابوي الى باكستان، وقد تعرض هذا الملياردير الآن لنكسة مؤلمة من قبل واحدة من أكبر الدول المنبوذة عالمياً في ميادين الاقتصاد هي كوريا الشمالية.وقد أسست شركة ساويرس أوراسكوم تيلكوم ميديا اند تكنولوجي القابضة شركة هواتف جوالة ذات ربحية عالية تضم حوالي ثلاثة ملايين مشترك في كوريا الشمالية، حيث غدت الهواتف الجوالة شعبية لدى أثرياء ذلك البلد، كما خففت الدولة قيودها على الاتصالات – وحققت الشركة حوالي 270 مليون دولار قبل دفع الضرائب والاستهلاك في عوائد عام 2014 التي بلغت 344 مليون دولار.
ولكن شركة منافسة مملوكة للدولة ظهرت في كوريا الشمالية في السنوات الأخيرة، وتعرضت شركة اوراسكوم، التي تتخذ من القاهرة مقراً لها، إلى متاعب، وهي تحاول استعادة أرباحها.وقالت الشركة في نوفمبر الماضي إنها فقدت السيطرة على مشروعها المملوك بنسبة 75 في المئة في كوريا الشمالية "كوريولنك" وشطبته من ميزانيتها وأزالت مئات الملايين من الدولارات من الأصول.ويحاول ساويرس، وهو الرئيس التنفيذي لأوراسكوم والمشروع الكوري الشمالي، الآن التفاوض بغية التوصل الى حل ويقول: "مازلنا نأمل أن نتمكن من حل كل القضايا العالقة بغية الاستمرار في هذه الرحلة الناجحة".وأشار مدقق حسابات شركة أوراسكوم إلى "عقم المفاوضات" مع كوريا الشمالية حول اصول شركة كوريولنك التي قالت الشركة إنها كانت تساوي 832 مليون دولار في نهاية يونيو الماضي، بما في ذلك مبالغ نقدية تحققت بقيمة 653 مليون دولار بحسب معدلات الصرف الرسمية.وتقول شركة كوريولنك، التي تشكل الآن 85 في المئة من عوائد أوراسكوم وأرباحها، إنها لم تتمكن من ارسال أي أموال خارج كوريا الشمالية في سنة 2015 بسبب الرقابة المحلية على الأموال والعقوبات الدولية التي تستهدف برنامج بيونغ يانغ النووي.ولم تشر وسائل الاعلام والمسؤولون المعنيون في كوريا الشمالية الى هذا النزاع الذي قد يؤثر على خطط كوريا الشمالية لتحسين الاستثمارات الأجنبية لتطوير اقتصادها المتردي.وكانت بيونغ يانغ أقامت في السنوات الأخيرة أكثر من عشرين منطقة اقتصادية خاصة للمستثمرين كما أعلنت عن أنظمة محلية لطمأنة الأجانب. وفي الماضي، قالت وسائل الاعلام الكورية الشمالية إن الشركات الأجنبية سوف تتمكن من اعادة أرباح من احدى مناطق الشمال الشرقي من البلاد "من دون قيود".مخاطر الاستثماروتبرز هذه النكسة التي تعرض لها ساويرس – 61 سنة – مخاطر الاستثمار في كوريا الشمالية، حيث تشتكي الشركات الأجنبية من أن الأملاك والأرباح يتم تخصيصها من قبل الحكومة. وفي عام 2012 قالت شركة تعدين صينية إن كوريا الشمالية قامت بصورة تعسفية بالاستيلاء على منشأتها الخاصة بمعالجة المعادن في ذلك البلد. وبدورها، اتهمت بيونغ يانغ تلك الشركة بعدم الوفاء بالتزاماتها الاستثمارية.وتقول شركة أوراسكوم إن المحادثات مع حكومة كوريا الشمالية لحل الصعوبات اشتملت على امكانية الاندماج مع الشركة المنافسة "بايول" وأشارت كوريا الشمالية الى أنها لن تمنح أوراسكوم حق ادارة الشركة الثنائية، وهو ما أفضى الى توقف تلك المحادثات، بحسب بيان الشركة المصرية في نوفمبر، ونتيجة لذلك فقدت السيطرة على أنشطة شركة كوريولنك. ومنذ سنة 1997، أسست أوراسكوم وأدارت شبكات هواتف جوالة في أكثر من عشرين دولة في إفريقيا والشرق الأوسط وشبه القارة الهندية، وتعتمد استراتيجيتها على الديون لبناء شبكات بشكل سريع في أسواق تنطوي على مخاطر من دون بنية تحتية أو بقدر ضئيل منها، وهي تراهن على النمو السريع والعوائد العالية، ثم تعمد إلى البيع عندما ينضج السوق.وقد عملت أوراسكوم في العديد من الدول غير المستقرة سياسياً مثل اليمن وبنغلادش، وفي معظم الحالات أثمرت تلك المقامرة. وفي سنة 2003 دفعت أوراسكوم خمسة ملايين دولار للحصول على أول ترخيص لشبكات الهواتف الجوالة في العراق، وفي سنة 2007 باعت أوراسكوم عملياتها في العراق بمليار و200 مليون دولار الى شركة كويتية.وتعرضت أوراسكوم الى بعض النكسات كما حدث في سورية، عندما انهار مشروعها المشترك في شركة يديرها ابن عم الرئيس بشار الأسد في سنة 2002، حين أعطت محكمة سورية حصة الشركة المصرية من المشروع إلى شريك محلي.وفي سنة 2013 تعرضت أوراسكوم لمأزق عبر العقوبات الأميركية على كوريا الشمالية عندما منع بنك أسسته مع شريك كوري شمالي كانت تستخدمه كوريولنك لعمليات مالية من الوصول الى النظام المالي في الولايات المتحدة.