يعكف بنك الائتمان الكويتي حاليا على إجراء دراسة خاصة عن نظام الرهن العقاري، وصرح المدير العام للبنك، صلاح المضف، في لقاء مع إحدى الصحف المحلية، بأن نظام الرهن لا يزال قيد الدراسة، ولن تبصر دراسته النور قبل 6 أشهر على الأقل، وبعدها سيتم رفع توصية بها إلى الوزير لعرضها على مجلس الوزراء.

Ad

«الجريدة» التقت عدداً من العقاريين، وسألتهم عن نظام الرهن العقاري، وأهميته بالنسبة للسوق المحلي، فاتفقوا على أهميته، بشرط التحوط من حدوث أي أزمات اقتصادية في المستقبل، كما حدث في الولايات المتحدة الأميركية.

وأضاف العقاريون أنه يجب ضبط عمليات الرهن، ولابد من وجود ضمانات تحفظ حق القطاع المصرفي الممول لتلك الرهون، وذلك لأن هذا القطاع يعتبر عصب اقتصاد الدولة، لافتين إلى أن هذا النظام يساهم في حل الأزمة الإسكانية، ومعمول به في معظم دول العالم، ولكن مفهومه يختلف بين دولة وأخرى... وفيما يلي التفاصيل:

بداية، قال الخبير العقاري طارق العتيقي إن السكن الخاص يشكل قيمة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الكويت، إذ تصل قيمته إلى 400 ألف دينار، ويصل إلى أكثر من ذلك في بعض المناطق، ويمكن رهن المنزل واستغلال قيمته في مشروع يدر عوائد جيدة.

وأضاف العتيقي أن نظام الرهن العقاري كان مفعلا في الكويت، ولكن بعد أزمة المناخ، التي أدت إلى إفلاس العديد من الأسر الكويتية، وأصبحت الكثير من المنازل مرهونة، أصدر الشيخ جابر الأحمد، أمير الكويت آنذاك، قراراً بمنع رهن المنازل.

وأشار إلى أنه يمكن للمستثمر أو المواطن أن يرهن منزله، شرط أن يكون في ملكيته منزل آخر باسمه، ولكن البنوك لا تتفاعل مع هذه الحالة، ولذلك إن تعذر العميل عن السداد فستكون هناك قضايا ومحاكم، إضافة إلى أنه لا يوجد ما ينظم العملية، موضحا أنه في حال تفاعل البنوك مع تلك الحالة، فإنها تكون متشددة في منح القرض، وقد لا تصل نسبة القرض الممنوح إلى 25 في المئة من قيمة المنزل الحقيقية.

خطوط حمراء

وذكر أن دراسة قانون الرهن، التي يعكف على اعدادها حاليا بنك الائتمان الكويتي، ستواجهها خطوط وقيود حمراء لا يمكن تجاوزها، إذ إن هناك قانونا يمنع رهن المنزل، وهو الذي اصدره الشيخ جابر، ولكن يمكن تجاوز ذلك إذا تقدم الخبراء بطلب أو توصيات إلى مجلس الامة ومجلس الوزراء بإلغاء القانون أو تعديله.

وأكد العتيقي حاجة الكويت الى نظام الرهن العقاري، اسوة بباقي دول العالم، فأسعار المنازل مرتفعة، ويمكن استغلال جزء من قيمتها في مشروع مالي، والأهم من ذلك سيصبح بمقدور المواطن شراء المنزل، دون الانتظار فترات طويلة للحصول عليه.

ولفت إلى أنه يجب ان يكون النظام متكاملا، وأن تكون البنوك متجاوبة معه، وأن تصل نسب التمويل الى 80 في المئة من قيمة المنزل، مشيرا الى ان الرهن نظام معمول به في كل الدول، وله إيجابيات عديدة، وسيساهم في خفض الاسعار التي وصلت إلى ارقام خيالية.

وبين أن الكويت مرت بتجربة سابقة مع الرهن العقاري، مشددا على ضرورة وضع الضوابط التي تحمي صاحب المنزل والجهة الممولة، إذ إن هناك دول عديدة طبقت نظام الرهن العقاري، ومن خلاله تم حل أزمة السكن.

تطبيق النظام

من جانبه، أكد الخبير العقاري المتخصص في إدارة وتطوير العقارات المحلية والدولية محمد النوري أن نظام الرهن العقاري للسكن يحتوي على الكثير من الإيجابيات، ويعتبر حلا لمشاكل عديدة، إلا أن النظام المصرفي المتمثل في بنك الكويت المركزي لا يطبقه أسوة بباقي دول العالم.

وأشار النوري الى ان «الرهن» يتيح للفرد الاقتراض من البنوك أو من جهات تمويل اخرى بهدف شراء عقار او سكن، وتكون ملكيته لهذا العقار ضمانا للقرض، أي أن العقار يبقى مرهونا حتى يتم استيفاء وسداد كامل القرض.

وقال إن نظام الرهن العقاري يدور حاليا في فلك الحكومة فقط، متمثلة في المؤسسة العامة للرعاية السكنية، والشرائح التي تقع تحت مظلتها، لافتا الى انه يجب اعادة النظر في التطبيق الفعلي لهذا النظام، حيث سيعمل على تخفيض اسعار الاراضي والعقارات، وتنشيط القطاع الصرفي الذي يعتبر اهم قطاعات الدولة.

شركات تمويل

وبين أن هناك آليات يمكن اتباعها لحل الازمة الاسكانية، وتخفيف العبء على الدولة، مشيرا الى انه يمكن للحكومة اتخاذ آلية في نظام الرهن العقاري تكون مباشرة بين المواطن والجهات التمويلية لتملك منزل قائم وفق معايير التقييم السليمة، ويمكن أيضا اتخاذ آلية بين الدولة، متمثلة في المؤسسة العامة للرعاية السكنية، وشركات التطوير العقاري كطرف، والجهات التمويلة كطرف آخر لعملية الرهن.

وأضاف أن الرهن العقاري بحاجة إلى شركات تمويل عقاري، كي تكون هناك منافسة بينها وبين البنوك، ولتخفيف الضغط على القطاع المصرفي، ولكن يجب أن تكون مدد التسديد طويلة تتراوح بين 20 و30 سنة ولا تقل عن ذلك، ويجب ألا تتجاوز نسبة الفائدة 2.5 في المئة.

إيجابيات النظام

وأردف بقوله إن جميع الاقتصاديين يتفقون على أن نظام الرهن العقاري يعمل على تحويل المواطن الى مستثمر، ويساعد ايضا على تغيير نمط الاستهلاك لديه وعدم اقتراض مبالغ دون الحاجة إليها، ويساعد على توفير فرص عمل وتحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط السوق العقاري وزيادة حجم الطلب على مواد البناء.

وأكد النوري أن نظام الرهن العقاري معمول به عالميا، وهو خيار جيد لحل الازمة الاسكانية في الكويت، حيث يمكن المواطن من الحصول على قرض ميسر ومرن في السداد كقروض طويلة الاجل، وسيعمل النظام على تصحيح اسعار القطاع السكني الخاص بعد تضخمها، إضافة الى انه يعمل على الحد من ظاهرة بناء واستئجار الشقق السكنية في مناطق السكن الخاص، التي يمنعها قرار مجلس الوزراء رقم 9/1981.

ارتفاع الأسعار

من ناحيته، قال الرئيس التنفيذي لشركة بلوبرينت للاستشارات العقارية، مشعل الملحم، إن حل الازمة الاسكانية لن يأتي فقط بنظام الرهن العقاري، دون منع المتاجرة في السكن الخاص، لافتا الى أنه وفي حال تم التعامل بنظام الرهن العقاري للسكن الخاص، مع وجود أشخاص ومستثمرين يتاجرون في العقار الخاص، فسترتفع الاسعار وتصل إلى أرقام خيالية.

وأضاف الملحم بقوله: «لا نستطيع أن نؤيد أو نعارض نظام الرهن العقاري، إلا إذا نظرنا لكل حالة على حدة، فإذا كان الشخص مستثمرا، ولديه مصادر دخل وضمانات كافية ويريد شراء عقار مدر للدخل، فالنظام في هذه الحالة يعتبر ايجابيا، أما إذا كان الشخص يريد شراء سكن دون وجود مصادر دخل أخرى، أو ضمانات كافية، فهنا تكون البنوك معرضة للمخاطر».

وتابع: «من النادر ان تجد بنكا في المملكة المتحدة يمول شخصا لشراء منزل، او يمول عقارا غير مدر للدخل، فالبنوك هناك تضمن ان يدر العقار ايرادات من خلالها يتم تسديد الاقساط»، موضحا أنه يجب حماية القطاع المصرفي من أي هزات، فهو يعتبر عصب الدولة.

وأكد أن نظام الرهن العقاري للسكن الخاص توجد به خطورة عالية على القطاع المصرفي، وتجب دراسته من جميع الجوانب الإيجابية والسلبية، مع ضرورة وضع الضوابط الكافية التي تحمي الطرفين، لافتا إلى أن النظام له ايجابيات كثيرة بالنسبة للمستثمرين والعقارات المدرة، وينعش قطاع البنوك والعقارات وقطاعات أخرى ايضا.