هل ما يجري على أرض الواقع وحقيقته، من مخططات، تزامناً مع الهدنة المؤقتة في سورية مع بداية رعد الشمال! هو إدخال تركيا والسعودية بالذات، في مستنقع آسن، لن يكون الخروج منه كدخوله؟

Ad

هل القيادة في تركيا أو السعودية متيقنة تماماً أن ما يجري هو فعلاً للصالح العام، وليس استنزافاً لمقدرات البلدين؟ وبأن المسألة ليس فيها استدراج معين، لاسيما أن الظروف ضاغطة على البلدين بالذات للتدخل في سورية، تركيا تعاني من الأكراد، ومشاغباتهم، رغم ما يبذله أردوغان لرأب الصدع، لكن لاتزال الأمور التركية- الكردية ليست بذاك الوفاق المطلوب، والسعودية لاتزال تؤدي عملاً عسكرياً كبيراً بقيادتها للتحالف لإعادة الشرعية في اليمن، والأمور متعبة، ولم تحسم بعد، وفي حرب كظروف حرب اليمن، حتى في حال تحقيق الأهداف، فالثمن سيكون باهظاً.

أعجبني شرط الإمارات للمشاركة، في حال التدخل البري بسورية لمحاربة "داعش"، وهو أن تكون القيادة العسكرية للولايات المتحدة، حتى لا تكون الأمور كالفخ! ففي مثل هذه المبادرات العسكرية، إن لم تملك غطاء سياسياً محكماً، ودعماً عسكرياً واضحاً فالخسارة أقرب من النصر.

المشاركة النوعية للدول الإسلامية، في "رعد الشمال" تبين أن الأمر قد يكون أوسع من مناورة، وأن الوضع مجرد بروفة استعدادية لتدخل عسكري أشبه بالجراحة العاجلة للقضاء على "داعش" في مناطق تواجده بسورية، وربما يتوسع الأمر إلى مناطقه في العراق، وهنا أكرر بأن وجوب وجود الغطاء السياسي المحكم، ووفق تحرك في إطار قرارات دولية تصدر من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي، أي أن أي تحرك بلا غطاء سياسي سيواجه صعوبات.

هناك من يخشى الوجود الروسي في سورية، وأن روسيا، لن تسمح لأي دخول بري من قوات تمثل دولاً إقليمية بغطاء دولي، وواضح أن الروس أخذوا ذلك في الحسبان، وواضح أيضاً أنه توجد تفاهمات، أو توافق في الآراء والمصالح بين الأمريكان والروس، خصوصا بعد التصريح الذي أدلى به جون كيري، باحتمال تقسيم سورية! كيري لم يكن ليصرح لولا وجود أرضية تفاهم اتكأ عليها مع الروس، ويبدو أن تصريحه بشأن التقسيم يحمل رسالتين، الأولى تهديد مبطن لأطراف معينة، بأن وقف الحرب أصبح مستحيلاً، بدون هذا التقسيم، والثانية أن التقسيم وضع على الطاولة، ولم يعد من المحرمات، وقد نشهد دولة جديدة بالمستقبل القريب، تضمن أمن إسرائيل، والمصالح الروسية، وأيضاً المصالح الأميركية، المهم في كل ذلك أن ورقة رئاسة الأسد، لم يتم التباحث بشأنها، أي أنه أمر واقع، وعليكم التفاوض على غيرها.

على دولنا الانتباه جيداً، فالأمر ليس مناورات هنا وهناك، بل إن أقدام القوتين العظميين في العالم وطئت فعلياً أرض الصراع، وكل ما سيحدث لن يمر دون توقيعهما، إذن علينا أن نكون كالذئاب، بفتح عين وإغماض الأخرى، والتعامل وفق قدراتك ولا تسمح لأي قوة بأن تجرك لأمر قد لا ينفعك، والكل يتذكر ما جرى في أفغانستان في الثمانينات، علينا إما أن نحارب وفق قدراتنا، وإلا فلا.  معركة اليمن لم تحسم بعد، رغم التقهقر الواضح لصالح والحوثي وحليفهم الإقليمي، فلنكسب وقتاً أولاً حتى تحسم حرب اليمن، ومن ثم ننظر للشمال، بعد ضمان وضع الجنوب، الأحوال الدولية والإقليمية ساخنة، ولا ترحم، وفي السياسة وإدارتها، لا عواطف، بل "واحد + واحد = 2".