بعد يومين على طرد تنظيم "داعش" من مدينة تدمر الأثرية، شهدت مدينة القريتين والتلال القريبة وسط البادية بمحافظة حمص معارك دامية بين قوات النظام السوري مدعومة بالطيران ومسلحي التنظيم، الذين سيطروا في الخامس من أغسطس الماضي على هذه المدينة الواقعة على طريق استراتيجي يربط تدمر بريف القلمون.

Ad

دخلت قوات النظام السوري والمسلحون الموالون لها بدعم جوي روسي، أمس، في مواجهة مفتوحة ببادية سورية في محافظة حمص مع تنظيم "داعش"، الذي مني قبل يومين بخسارة ميدانية كبرى بعد طرده من مدينة تدمر الأثرية.

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن قوات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية جديدة، أمس، إلى محيط مدينة القريتين والتلال المحيطة بها في ريف حمص الجنوبي الشرقي، مشيرا إلى "اشتباكات عنيفة مستمرة منذ ما بعد منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء في المنطقة، تزامناً مع قصف جوي نفذته طائرات حربية سورية وروسية".

وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، لوكالة "فرانس برس": "تمكنت قوات النظام ليلا من السيطرة على كل منطقة جبال الحزام الأوسط المشرفة على القريتين الواقعة على بعد نحو 120 كيلومترا من تدمر"، إثر عملية عسكرية بدأتها صباح أمس الأول لطرد الجهاديين منها.

ونفذت طائرات حربية روسية وسورية ضربات كثيفة على أماكن سيطرة "داعش" في الأطراف الشرقية لمدينة تدمر ومنطقة السخنة في ريف حمص الشرقي، وفق المرصد، الذي أوضح أن قوات النظام تواصل تفكيك الألغام والعبوات الناسفة التي تركها التنظيم في الأحياء السكنية وفي المدينة الأثرية.

وتوجه أمس فريق روسي متخصص في نزع الألغام إلى سورية، ونشرت قناة "روسيا اليوم" شريطاً مصورا يظهر خبراء الألغام، مزودين بأجهزة كشف ورادارات وكلاب متخصصة، في طائرة عسكرية أقلتهم من قاعدة جوية تبعد نحو 30 كم عن موسكو إلى تدمر.

الأمن والعمليات

وأكد وزير الدفاع السوري العماد فهد الفريج، أمس، أن "إعادة الأمن والاستقرار إلى تدمر خطوة أساسية في الانتصار النهائي على الإرهاب التكفيري ورعاته وداعميه".

وأشار الفريج، في اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني حسين دهقان، إلى أن "الدعم الذى قدمه أصدقاء سورية وخاصة طهران لعب دورا مؤثرا في تحقيق النصر بتدمر".

وشدد دهقان على "ضرورة تشديد العمليات العسكرية ضد الإرهاب لاستئصال الغدة السرطانية التكفيرية من المنطقة"، مثمنا "الانتصارات التي حققها الشعب والجيش السوري في الآونة الأخيرة ولاسيما تحرير مدينة تدمر التاريخية"، التي رحبت الولايات المتحدة أمس الأول بطرد "داعش" منها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي: "نعتقد أن عدم سيطرة التنظيم بعد اليوم على تدمر أمر جيد، وذلك مع التأكيد أن الأمل الأكبر بالنسبة الى سورية وشعبها هو عدم تعزيز قدرة بشار الأسد على ممارسة طغيانه على الشعب السوري".

وعلى غرار واشنطن، أعربت باريس، أمس، عن ارتياحها لخروج "داعش" من تدمر، مذكرة بأن نظام دمشق "المسؤول الرئيس عن النزاع".

وذكّر المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال بأن فرنسا طلبت منذ البداية من أطراف النزاع والجهات الدولية الداعمة لها محاربة المجموعات الإرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة" ووقف الهجمات على مجموعات المعارضة المعتدلة، وفقا للقرار الدولي رقم 2268.

واستقبل قاض فرنسي، أمس، والدي ضابط سوري اتخذا صفة الادعاء بالحق المدني على فرنسي يدعى مكسيم هوشار، يشتبه بأنه عنصر في "داعش" وذبح ابنهما في سورية.

 رحيل الأسد

سياسيا، شدد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، أمس، على أن رحيل الأسد لا يمكن أن يكون شرطا مسبقاً لمواصلة المفاوضات المقرر أن تبدأ مرحلتها الثانية في 11 أبريل، مطالبا بأن تبدأ اتصالات مباشرة بين الوفدين، وألا تتحول المفاوضات إلى سلسلة لقاءات بمشاركة المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا ووفود الدول الأعضاء في مجموعة دعم سورية.

وتعليقاً على تصريحات وزير الخارجية الأميركي حول وضع دستور سوري جديد قبل أغسطس المقبل، قال ريابكوف، لوكالة "إنترفاكس"، إنه لا يمكن تحديد الفترة الزمنية لوضع الدستور، لأن ذلك يتطلب عملا تحضيريا، موضحا أنه ينوي عقد لقاء اليوم مع نظيره الأميركي توم شينون لبحث مسائل التسوية السورية وموضوع إيران والعلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن زيارة شينون إلى موسكو تأتي امتداداً لمباحثات الجانب الروسي مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري.

وفي تطور سياسي، بحث رئيس الوزراء الجزائري عبدالمالك سلال، مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، مستجدات الأوضاع، وجهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة المستمرة منذ مارس 2011.

وقالت الرئاسة الجزائرية إن سلال والمعلم، الذي وصل إلى العاصمة الجزائرية مساء أمس الأول، في زيارة عمل بدعوة من وزير الخارجية والتعاون الدولي الجزائري رمطان لعمامرة، ناقشا الجهود التي تبذلها الجزائر للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، "من خلال إبراز مصالح الشعب السوري واحترام الشرعية الدولية"، مضيفة أن الطرفين جددا تأكيد ضرورة مواصلة مكافحة "الإرهاب"، والتشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وأكد عضو وفد هيئة المعارضة جورج صبرا أن مجريات محادثات جنيف تشير إلى وجود توافق دولي كبير، خصوصاً بين واشنطن وموسكو بشأن الحل السياسي وإنهاء الحرب، مشدداً على أن مسألة رحيل الأسد غير قابلة للتفاوض بالنسبة للمعارضة.

واعتبر رئيس ممثلية أكراد سورية في روسيا رودي عثمان، أمس، أن المجتمع الدولي لا يريد انضمام الأكراد إلى الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف، مؤكدا، لوكالة "تاس"، أن استثناء الأكراد يعني استبعاد حصول التغيير وتبني النهج العلماني الديمقراطي لدى صياغة النظام السياسي الجديد، وندد بموقف دمشق من قضية "فدرلة الدولة".

مبعوث الصين

إلى ذلك، عينت الصين، أمس، شيه شياو يان أول مبعوث خاص لها للأزمة السورية، وهو دبلوماسي عمل سفيرا لدى إيران وإثيوبيا والاتحاد الإفريقي، في وقت تسعى فيه للقيام بدور أكثر نشاطاً في الشرق الأوسط، الذي تعتمد على إمداداته النفطية وتميل إلى ترك دبلوماسيته إلى الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن.