صورة لها تاريخ : «المنارة» معلم أساسي من معالم رأس الأرض تجب إعادته إلى الحياة
من معالم قرية "رأس الأرض"، التي بدأنا الحديث عنها الأسبوع الماضي، "المنارة"، أو ما يطلق عليه سكان الرأس القدماء "الحطبة". وبنيت هذه المنارة في عهد الشيخ مبارك الصباح؛ بهدف إرشاد السفن المارة قرب ذلك المكان، لئلا تصطدم به ليلا، ولكي تتجنب منطقة "الدرادير" الخطيرة، المجاورة للرأس.جاء البريطانيون بالفكرة، من منطلق حماية سفنهم في مياه الكويت، وذلك عام 1904، طبقاً لما ورد في كتاب "موسوعة الكويت المختصرة". ومن المراسلات التي تشير إلى رغبة البريطانيين في بناء "نياشين" على سواحل الكويت، ما ورد في وثيقة كتبها الشيخ مبارك الصباح بتاريخ 22 شعبان 1323هـ الموافق 21 أكتوبر 1905م، يخاطب فيها "دختر صاحب"، وأظنه طبيب المعتمدية البريطانية في الكويت. يقول الشيخ مبارك في الرسالة ما يلي:
"حضر عندنا القبطان صاحب وجنابكم ايضا الى الترجمة افدتونا مطلب القبطان ان يبلد البحر ويصل الى القصور الجنوبية ويحط علايم نياشين في قرب القصور وطلب منا قبطان صاحب ان نبعث خبر ان لا يعارضون فبعثنا خبر واني شفاها افدت قبطان صاحب بترجمتكم ان العلايم الذي تصير خارج البلد اما في بعد القصور العشاير اللي من كل جنس يومية يصلون لطرفنا مقدار من بعيد فيهم محب وفيهم مبغض ونخشى من حركاتهم يخربون العلايم..."، وفي نهاية الرسالة طلب الشيخ مبارك أن تكون التكاليف على الدولة البريطانية، ومن ضمنها أجرة الموظف.ولا أدري ما حدث بعد ذلك، لكن من المؤكد أنه تم بناء "نيشان" في رأس الأرض، وعين له موظف ليقوم بتشغيله وإطفائه وصيانته، وبعد عدة سنوات "وبالتحديد عام 1912"، تم بناء المنارة بشكلها المألوف، الذي استمر إلى فترة الخمسينيات، وشاهده العديد من أهل الرأس وبعضهم على قيد الحياة الآن. من الوثائق التي لم تنشر من قبل وتتحدث عن تكاليف بناء المنارة، وثيقة كتبت بتاريخ 12 ذوالقعدة 1330هـ الموافق 24 أكتوبر 1912م، وهي من أوراق الأرشيف البريطاني، عثرتُ عليها قبل حوالي أربع سنوات، في رحلتي الأولى للمكتبة البريطانية في لندن. تشير الوثيقة وعنوانها "مصاريف البنيان في الرأس"، إلى التكاليف التالية:قيمة طين (320 وجر) 27 روبيةقيمة صخر 3 روبيةشيل الرمل مع قيمة الزبلان 3 روبيةماجلة وعيش 3 روبية قيمة حب 12 آنةقيمة دهن 3 روبيةقيمة لحم 4 روبية و 2 آنةقيمة سمك 2 روبيةأجرة البنائين والاستاد 48 روبية 9 آناتالمجموع 94 روبية و 9 آناتوأعتقد أن المعتمدية البريطانية دفعت تكاليف البناء، بل إنها أيضاً عينت موظفاً ليقوم بحراسة المنارة وصيانتها، هو زبن بن مزيد البريعصي المطيري، وسنتحدث عنه بشيء من التفصيل في المقال القادم إن شاء الله. ومن الوثائق الأخرى، التي تشير إلى منارة رأس الأرض وثيقة يعود تاريخها إلى عام 1347هـ 1924م، كتبها الشيخ أحمد الجابر، وإليكم نصها:"حضرة حميد الشيم عالي الجاه الأفخم المحب العزيز كرنل جي سي مور المحترم تحية وسلاماً. بعده ان الإعلان الذي قدمناه لسعادتكم بالأمس إلى منارة رأس الأرض وجده إنسان بالطريق وجاء به إلينا مع ترجمته. وأظن أنه صقط (سقط) من المأمور الموظف من قبلكم بالمنارة. واني أرجعه لسعادتكم بطيه هذا والباري يحفظكم 9 رمضان سنة 1347 محبكم أحمد الجابر الصباح".