مواجهة «داعش» على الإنترنت

نشر في 13-04-2016
آخر تحديث 13-04-2016 | 00:00
للقضاء على «داعش» يجب أن تكون الولايات المتحدة وجنود الإنترنت على استعداد للاستجابة بسرعة، وأن يحصلوا على استراتيجية شاملة، إذ تتطلب مواجهة «داعش» على الإنترنت استجابة مستمرة، كما تحتاج إلى يد متمرسة لتحقيق ذلك.
 بروجيكت سنديكيت على خلفية تنفيذ الولايات المتحدة وحلفائها عمليات القصف الجوي في العراق وسورية ستستعد الدولة الإسلامية (داعش) المستهدفَة للرد على جبهة أخرى، ومن خلال نقل المعركة إلى الفضاء الإلكتروني، سيحصل تنظيم "داعش" على مزايا عديدة من هذه الحرب غير المتناسقة ما لم تنظم الولايات المتحدة نفسها لمواجهة جهود هذه الجماعة الإرهابية.

وأضحى الدخول في حرب إلكترونية أمرا غير مستبعد، حتى بالنسبة إلى الفاعلين غير الحكوميين، وحتى في حالة إذا لم تكن لتنظيم "داعش" القدرة حاليا على تنفيذ هجمات على شبكة الإنترنت، فمن غير المحتمل أن يجد صعوبة في تجنيد أتباع من ذوي الخبرة المطلوبة. في الماضي قامت المنظمات الإرهابية والمتمردة الأخرى، بما في ذلك تنظيم القاعدة، بفعل الشيء نفسه، وهناك بالتأكيد مرتزقة الإنترنت ومتعاطفون ومستقلون للقيام بهذا الأمر إذا كانت الأجرة مغرية.

وقد حذر الخبراء أن "داعش" يمكن أن يدمر البنية التحتية غير المحمية أو المساكن الخاصة، وتترك مئات الآلاف من أنظمة التحكم الصناعية والتجارية، بما في ذلك النمو السريع لـ"إنترنت الأشياء"، مساحات واسعة من الحياة اليومية عرضة للاضطراب، والشيء المثير للقلق كثيرا هو التحذير الذي أطلقته "مبادرة التهديد النووي"، وهي منظمة غير ربحية مهتمة بتعزيز الأمن العالمي، وذلك لعدم وجود الحماية الكافية للعديد من المنشآت النووية المدنية والعسكرية ضد هجمات محتملة للإنترنت.

وفي أواخر العام الماضي كشف باحثون في مجال المعلومات وأمن الشبكات، بدون مفاجأة، أن "داعش" كان نشطا في ما يسمى بالويب المظلم، وهذه المواقع غير مرئية لمحركات البحث ولا يمكن الوصول إليها إلا من خلال برامج متخصصة، وغالبا ما تشكل ملاذا لمروجي المواد الإباحية والمخدرات، والاعتداء الجنسي على الأطفال أو غيرها من السلوكيات أو المنتجات الممنوعة، بما في ذلك خدمات القرصنة والبرمجيات الخبيثة، وكان هذا التطور بمثابة إشارة أولى أن "داعش" يسعى كثيرا لتطوير قدرات الإنترنت التي يمكنه استخدامها حتى في حالة ما إذا فقد موقعه على الأرض.

حتى الآن، قد تَخلفَ الإرهابيون وراء نظرائهم المجرمين في اعتماد عملات افتراضية مثل عملة "بت كوين" (Bitcoin)، لكن قد يتغير هذا إذا نجحت الدول الغربية في مواجهة مصادر التمويل الحالية لـ"داعش"، بما في ذلك تهريب النفط والابتزاز، وقد قام "داعش" بالفعل بطلب تبرعات من "بت كوين" مؤخرا.

كما يقوم "داعش" باستخدام شبكة الإنترنت المظلم لتجنيد ونشر دعايته في أوساط الجهاديين الطامحين، ويمكن لحملة عبر الإنترنت في بعض الأحيان أن تكون كافية لإثارة أعمال العنف

بمساعدة جمهور متعاطف، وهذا ينطبق بشكل خاص على الأفراد المتطرفين، مثل سيد فاروق وتاشفين مالك، الزوجين اللذين أطلقا النار على حفلة نهاية السنة في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، في ديسمبر الماضي.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق من الناحية العملية هو احتمال استخدام "داعش" لشبكة الإنترنت المظلمة للتنسيق مع نشطاء، والتخطيط لهجوم كبير على أوروبا أو الولايات المتحدة، ويسعى الإرهابيون دائما للبقاء بعيدا عن أنظار الشرطة وأجهزة الاستخبارات، ولذلك من المتوقع أن يقوم "داعش" باستعمال البرنامج الذي يشفر عنوان "آي بي" الخاص بالمستخدم وطرق حركة المرور على الإنترنت من خلال سلسلة برامج مجهولة المصدر.

ومن المؤكد أن غزو "داعش" للفضاء الإلكتروني سيدفع قوات حفظ النظام الغربي ووكالات المخابرات إلى تشديد  عمليات المراقبة إذا استطاعت إلى ذلك سبيلا، وقد ثبت أن "داعش" ليس قويا ويمكن هزيمته في ساحة الوغى، ويحتمل أن يُهزم في الفضاء الإلكتروني أيضا، ومن أجل مكافحته بصفة فعالة في هذا المجال غير المحدود، على الولايات المتحدة العمل عن كثب مع شركائها الدوليين، كما يمكنها اتخاذ خطوات بمفردها.

في الآونة الأخيرة حث وزير الدفاع آشتون كارتر قيادة الإنترنت الأميركية والذراع العسكري المخصص لعمليات الفضاء الإلكتروني على "تكثيف القتال" ضد تنظيم "داعش"، لكن من الحكمة أن تفكر الولايات المتحدة في توسيع الحرب بتجنيد متطوعين مدنيين.

وبالفعل تصبح الأرقام مهمة عندما يتعلق الأمر بالهجمات الإلكترونية، وفي بلدان أخرى، مثل إيران والصين، وكوريا الشمالية، تم توظيف جيوش ضخمة من المختصين في المجال الإلكتروني، وعشرات الآلاف من المجندين الذين يقومون برصد وتعقب ومكافحة وتقويض التهديدات الإرهابية المحتملة.

وقام فيلق الإنترنت المدني بولاية ميشيغان في الولايات المتحدة بتجنيد نفسه للرد على هجمات الإنترنت، ومن شأن إعادة نشر هذا البرنامج على المستوى الوطني، وهو بمثابة هيئة بين "دائرة متطوعي الإطفاء والحرس الوطني"،  تعزيز قدرات الولايات المتحدة، كما قامت وزارة الأمن الداخلي بخلق "الإنترنت الاحتياطي" المكون من خبراء الكمبيوتر، كما اقترح تقرير شركة بوز ألين هاملتون، وهي شركة للتكنولوجيا والأمن، بذل جهود مماثلة لتزويد الولايات المتحدة بمزيد من محاربي الإنترنت في حالة وقوع هجوم.

ومن أجل القضاء على "داعش"، يجب أن تكون الولايات المتحدة وجنود الإنترنت على استعداد للاستجابة بسرعة، وأن يحصلوا على استراتيجية شاملة، إذ تتطلب مواجهة "داعش" على الإنترنت استجابة مستمرة، كما ستحتاج إلى يد متمرسة لتحقيق ذلك.

كولن كلارك & إسحق بورش الثالث

* كولن ب. كلارك أستاذ العلوم السياسية في مؤسسة راند. وإسحق ر. بورش الثالث كبير المهندسين في مؤسسة راند.

«بروجيكت سنديكيت، 2016» بالاتفاق مع «الجريدة»

back to top