بعد مباحثات استمرت أكثر من أربع ساعات في الكرملين، توصلت القوتان العظميان؛ الولايات المتحدة وروسيا، إلى اتفاق لتسريع الانتقال السياسي في سورية، وإجراء «مفاوضات مباشرة» بين المعارضة ونظام الرئيس بشار الأسد، الذي جدد تمسكه بمواصلة القتال وعدم الرهان على معارضة لا تملك قرارها.

Ad

اتفقت الولايات المتحدة وروسيا، في أعقاب محادثات مطولة في الكرميلن، أمس الأول، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف من جهة، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري من جهة ثانية، على أن تضغطا باتجاه إجراء "مفاوضات مباشرة" بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد والمعارضة، وتسريع عملية الانتقال السياسي في سورية، وإجراءات ملموسة، لتثبيت وقف إطلاق النار.

وفي أعقاب محادثات مطولة لم تتوصل خلالها القوتان العظميان إلى اتفاق بشأن مصير الرئيس الأسد، المسألة المركزية في أي تسوية للنزاع، قال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع كيري، إنه "فيما يتعلق بالمسائل الملحة، اتفقنا على أن نضغط من أجل أن تبدأ في أسرع وقت ممكن مفاوضات مباشرة بين الوفد الحكومي وكل أطياف المعارضة"، بعدما شهدت جنيف جولة مفاوضات غير مباشرة جديدة بين الطرفين لم تكن مثمرة.

وكشف الوزير الأميركي عن اتفاقه مع بوتين ولافروف على وجوب إعداد مشروع دستور جديد بحلول أغسطس المقبل. وقال: "اتفقنا على وجوب أن يكون هناك جدول زمني ومشروع دستور بحلول أغسطس".

وفي حين لم يوضح كيري، ما إذا كان تطرق في مباحثاته مع بوتين، التي استمرت أكثر من أربع ساعات، إلى مصير الأسد، المسألة التي تشكل نقطة الخلاف الرئيسة بين موسكو وواشنطن، أكد أن الطرفين اتفقا على أنه يتعيَّن عليه أن "يفعل ما يلزم"، وأن ينخرط في عملية السلام.

ونقلت وكالة "إنترفاكس" عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريبكوف، أن المباحثات كانت "محددة"، وشهدت تبادل الآراء والتنسيق بين العسكريين الروس والأميركيين، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، والحيلولة دون انهيار الهدنة نتيجة الخروقات.

القضية الشائكة

وفي وقت سابق، أعلن الموفد الدولي ستافان ديميستورا، أن الجولة المقبلة من المفاوضات ستُستأنف بدءاً من 9 أبريل المقبل، رغم طلب دمشق تأجيلها حتى إنجاز الانتخابات التشريعية المقررة في 13 من الشهر نفسه.

وقال ديميستورا، في مؤتمر صحافي عقده في ختام الجولة الراهنة من المحادثات غير المباشرة بمقر الأمم المتحدة في جنيف، إن "المحادثات ستناقش القضية الشائكة المتصلة بالانتقال السياسي، وما حدده القرار الدولي رقم 2254 لتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر، وتنظيم انتخابات خلال 18 شهراً".

القتال والنصر

في المقابل، أكد الأسد أنه "أمام الإرهاب لا حل إلا بالقتال والنصر"، وأن "معركتنا مستمرة من دون هوادة"، وقال إنه لا رهان على حل مع المعارضة "التي لا تمتلك قرارها، والتفاوض يجري مع أسيادهم" عبر المبعوث الدولي.

وخلال استقباله أمس الأول المشاركين في ملتقى "التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة"، الذي عقد بدمشق في 19 و20 الجاري، قال الأسد: "نؤمن بالحل السياسي، لكن هذا الحل يحتاج إلى حوار مع من هو قادر على اتخاذ القرار. هذه المعارضة تدار من قطر وتركيا والسعودية، ولا مشروع سياسياً لها، وأطرافها مختلفون على كل شيء. لذلك، فإن الحوار مع هؤلاء لن يجدي، ولا رهان كبيرا على الحل معهم. نحن اليوم نتحاور مع ديمستورا، الذي ينسق مع أسياد هؤلاء".

زعيم تاريخي

ووصف الرئيس السوري نظيره الروسي بـ "الزعيم التاريخي والحليف الحقيقي. ولدينا ثقة كبيرة به وبأنه لن يتأخر عن أي عمل يخدم وحدة سورية، وهو أدار الأمور في العسكر والسياسة بشكل ماهر: دعم جيشنا، وعبر الهدنة وضع الجميع أمام امتحان مَن مع الإرهاب ومَن ضده".

وأكد أنه لا خلافات مع موسكو، "ومنذ البداية تفاهمنا مع الرئيس بوتين على كل الخيارات. الانسحاب الروسي كان منسقاً منذ فترة طويلة. والأدق تسميته تقليصاً طال فائض القوة الاستراتيجي الذي استقدم عندما كانت هناك احتمالات عالية لمواجهة مع تركيا والاطلسي".

تقسيم سورية

وعن طروحات الفدرلة، شدد على أن "أي حبة تراب سورية سندافع عنها، وهي ملك للشعب السوري. لا بحث ولا إمكانية ولا فرصة لتقسيم سورية". وقال: "بعد هزيمة المؤامرة الخارجية التي استهدفت سورية، تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها الاستثمار في المسألة الكردية، ولن ينجحوا"، لافتاً إلى أن المنطقة التي اعلنت فيها الفدرالية لا يزيد عدد الاكراد السوريين من سكانها على 23 في المئة، "وهذا ما يجعل الفدرلة وهماً".

معركة تدمر

وعلى الأرض، أصبح جيش الأسد على بُعد 600 متر من معبد بل بالمنطقة الأثرية بمدينة تدمر، ويخوض حالياً معارك صعبة لاستعادتها من أيدي تنظيم "داعش"، الذي عمد إلى زرع الألغام في المدينة وأحيائها في ريف حمص الشرقي (وسط).

ووفق المدير العام للاثار والمتاحف مأمون عبدالكريم، فإن الجيش يتقدم ببطء، بسبب الألغام، وللحفاظ على المدينة من الدمار، كما طلبنا منهم، مؤكداً أنه تم "تحرير حي الفنادق والمطاعم ومنطقة وادي القبور في جنوب غرب المدينة، واستعاد أيضا من الجهة الغربية تلة سيرياتل المطلة على قلعة تدمر الأثرية، التي بُنيت في القرن الثالث عشر".

القوات الروسية

وخسرت القوات الروسية الخاصة في معركة تدمر، التي أشادت المديرة العامة لمنظمة يونسكو، إيرينا بوكوفا، بالهجوم لاستعادة المدينة، التي وصفتها بـ"الشهيدة"، أحد عناصرها الاستطلاعية. وأوضح ممثل للجيش الروسي في قاعدة حميميم، أن الجندي "كان يحدد الأهداف الإرهابية والاحداثيات الدقيقة للطائرات الروسية"، مبيناً أن الضابط أبلغ عن موقعه الشخصي، لتوجيه ضربة عندما ادرك أنه بات محاصراً من قبل "داعش"، مفضلا الموت بدلا من اعتقاله.

وكان التنظيم المتطرف أعلن أمس مقتل خمسة جنود روس في معارك قرب تدمر، أحدهم مستشار عسكري عرض له شريط فيديو يظهر جثته وأسلحة بينها بنادق وخوذة وصندوق مواد أسعاف عليه كتابات بالروسية، كانت بحوزته.