علاء الديب... رحل «المسافر الأبدي»

نشر في 21-02-2016 | 00:00
آخر تحديث 21-02-2016 | 00:00
• أحد أكثر أبناء جيل الستينيات إخلاصاً للكتابة
ترك رحيل الكاتب والأديب الكبير علاء الديب عن عمر يناهز (77) عاماً، يوم الخميس الفائت، غُصَّة في قلب كثير من المثقفين في مصر، نظراً إلى القيمة الأخلاقية الكبرى التي يجسّدها حضوره في الثقافة المصرية، ولما كان أحد الذواقين الكبار في الثقافة المصرية، فإن رحيله مثَّل ألماً مضاعفاً في قلوب الآلاف من عشاقه وقرائه ومتابعيه. وهو الذي لم يكن يملك من حطام الدنيا سوى الموهبة الفائقة والقلم الشريف والذائقة النزيهة.

تتجاوز القيمة التي يمثلها الكاتب والأديب الكبير علاء الديب قيمته ككاتب روايات وقصص قصيرة، وضعته في مكانة مميزة بين أبناء جيل الستينيات، بل تتمثَّل في أنه اعتبر بمثابة «زهرة» جيل عرف روائيين يتسابقون للحصول على جوائز وتكريمات، مثلما شهد آخرين يموتون لأجل الانتصار لكاتب شاب مبدع، لا يجد من يقدمه للوسط الثقافي، وكان أحد أهم هؤلاء تحديداً، علاء الديب.

قيمة الكاتب الأدبية لا تتمثل فحسب في أعماله المتميزة، مثل الثلاثية الشهيرة: «أطفال بلا دموع، قمر على المستنقع، عيون البنفسج»، لكنها تمتد إلى تجربته السينمائية اللافتة أيضاً، وتمثلت في كتابة الحوار العربي لفيلم «المومياء»، التحفة السينمائية التي أخرجها الراحل شادي عبدالسلام، أواخر الستينيات من القرن الماضي، واعتبر علامةً مصرية خالصة، في سينما القرن العشرين.

بدأت موهبته الأدبية تتفتح، من خلال عمله المبكر في مؤسسة «روز اليوسف» الصحافية، منذ مطلع الستينيات، حيث وجد لنفسه مساحاتٍ واسعة، في الأفق التحريري الواسع لمجلة «صباح الخير»، بشعارها «مدرسة الهواء الطلق».

ولد علاء الدين حسب الله الديب في مصر القديمة عام 1939، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ثم عمل في «روزاليوسف» و{صباح الخير»، ومن رواياته: «زهر الليمون» و{أيام وردية»، ومن مجموعاته القصصية: «القاهرة»، «الحصان الأجوف»، «المسافر الأبدي»، «صباح الجمعة»، وكان آخر عمل روائي له، عام 2002، سيرته الذاتية «وقفة قبل المنحدر». وعام 2002 حصد الديب «جائزة الدولة التقديرية» في الآداب.

والتزاماً بفكرة المثقف، الذي يجب أن يؤدي دوره في تثقيف شعبه، ترجم الديب كتباً مهمة عدة، من بينها مسرحية «لعبة النهاية» لصموئيل بيكيت، و{امرأة في الثلاثين»، مجموعة قصص مختارة من كتابات هنري ميلر، كذلك ترجم «كتاب الطاو الطريق إلى الفضيلة».

ومن بين أهم أدواره ترسيخ باب {عصير الكتب} في مجلة {صباح الخير} الأسبوعية، حيث توافد على العمل عليه أدباء كبار منهم الشاعر صلاح عبد الصبور وغيره. واستطاع الديب أن يمنح روحه لما يكتبه في هذا الباب، الذي حمل اسمه لوقت طويل، في ما بعد، حيث قدم فيه أجيالاً من الأدباء الكبار والشباب، ومنح كثيراً من المبدعين شعراء وروائيين وقصاصين، ملايين الطاقة الإيجابية بالكتابة عن أعمالهم الإبداعية بحب وفهم وانحياز إلى الجمال المطلق.

سمات روائية

اختار الأديب في رواياته الانحياز إلى أبناء الطبقة الوسطى وأحلامها، فتدور ثلاثيته الروائية حول غربة أسرة مصرية، بشكل يمثل غربة في المكان وغربة نفسية لدى الأب منير فكار، أستاذ الأدب العربي، في «أطفال بلا دموع»، وتلاحق الأم سناء فرج، في «قمر على المستنقع»، وأخيراً تصيب الابن تامر فكار، الشاعر التسعيني في «عيون البنفسج». وفي رواياته عموماً يغوص الكاتب في أعماق الصراع الإنساني، متحدثاً بلسان الأبطال بما يمنح النص عادة أبعاداً فلسفية، خصوصاً بسبب لغته الشاعرية جداً في الرواية.

اعتمدت روايات الديب على لغة شاعرية مرهفة لم تخل بالبناء الدرامي أو السردي، فثمة دائماً جمل ساحرية تتخلل العمل وتمنح القارئ طاقة إبداعية مضاعفة، يقول الديب في روايته «أيام وردية»: «فلسطين.. متى تصمت تلك النغمة الحزينة المُمضّة، التي تربض تحت كل الأيام والساعات، نغمة تتصاعد في القلب مستمرة ثابتة، رغم طبول الأكاذيب، وطبول الموالد التي يدقها العرب، عندما يتذكرون للحظة أنهم مهزومون، وأن ثمة وطناً سليباً، يدقون طبول الموالد ويقيمون عروض الأزياء... ويبنون ديكورات أفلام بينما الحزن في القلب كامن، والحقيقة قوية مزروعة في الأرض على بعد ساعات في المشرق».

وفي حين حفلت رواياته وكتاباته بمواقف سياسية صلبة، سواء على لسان الأبطال، أو على لسان الراوي، إلا أن، الديب كان لا يفرط في توجيه الروائي لصالح السياسي،  ولم تكن كتاباته صورة أو نسخة «كربونية» من الواقع المعاش، بل كانت قصصه القصيرة ورواياته، جزءاً من خيال يحتمي بالواقع.

يقول علاء الديب إنه تعلم أن يُحب الكلمات، ويضيف: {تعلمت ألّا أرددها من دون فهم أو إدراك. فهم الكلمات ومحبتها كان هو المفتاح السحري الذي يقودني إلى بهجة العقل ونعيم الفهم والتفكير}.

مؤلفاته

• المجموعات القصصية

«القاهرة»

«صباح الجمعة»

«المسافر الأبدي»

«الشيخة»

«الحصان الأجوف»

• الروايات

«زهرة الليمون»

«أطفال بلا دموع»

«قمر على المستنقع»

«عيون البنفسج»

«أيام وردية»

«وقفة قبل المنحدر» ـ سيرة ذاتية

• الترجمات

« لعبة النهاية» ـ مسرحية لصموئيل بيكيت

«امرأة في الثلاثين»، قصص مختارة لـ هنري ميلر

ـ «عزيزي هنري كيسنجر»، كتابات عن شخصية السياسي والديبلوماسي كسينجر، بقلم الصحافية الفرنسية دانيل أونيل.

ـ كتاب «الطاو الطريق إلى الفضيلة}.

back to top