يقول الله تعالى في شأن الإنسان المبذر (إِن الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)، والحكمة تقول «من أنفق ولم يحسب هلك ولم يدر».

Ad

وإذا كان التبذير على مستوى الفرد العادي هذا شأنه، فما بالنا عندما يكون على مستوى الحكومات؟ هنا الهلاك سيطول الكل، الشعوب والحكومات.

وقدرنا في الكويت أن جميع حكوماتنا المتعاقبة موهوبة في التبذير وإهدار المال العام، بصورة يصعب وصفها.

وبالنسبة للحكومات الأخيرة، على وجه الخصوص، التي شهدت الارتفاع الهائل لأسعار النفط، فهي تتحمَّل مسؤولية كل ما نحن فيه الآن، لأنها راحت تنفق وتهدر وتهذي، بصورة ربما وصلت إلى حد السفه، والأدلة على ذلك يصعب حصرها، لكن سأستشهد بمثل واحد.. فحكومتنا الموقرة، كما جاء على لسان شخصية عربية لها وزنها القضائي الرفيع، ذكرت على الهواء مباشرة، أن مجلس الوزراء الكويتي تبرع بثلاثة ملايين برميل نفط و7 مليارات دولار لدولته كمنحة لا ترد.

هذا الكلام حدث عندما كان سعر برميل النفط يزيد على 110 دولارات، والسؤال هنا: هل يُعقل أن تفتح الحكومة أعينها، وتسحب ما في جيب الشعب، لتعويض العجز في ميزانية الدولة؟

ونذكر الحكومة، أنها عندما كانت تجني الفوائض المالية الهائلة من عوائد النفط، هل وزعتها على المواطنين، أو زوعت بعضاً منها، حتى تطلب من الشعب التقشف، لسد عجزها المالي؟ أم أن الحكومة تنسانا في أفراحها، وتطلبنا في أحزانها؟

وبلغة الأرقام، نقول إن بيانات وزارة المالية الكويتية ذكرت أن الفائض في ميزانية الكويت في الأشهر الثمانية الأولى فقط من السنة المالية 2011-2012، بلغ 11.6 مليار دينار (41.6 مليار دولار)، فأين هذه الأموال؟

فلو استغلت الحكومة هذه الأموال في تنويع مصادر الدخل، لظهر هذا أمام أعيننا، ولقدَّرنا ظروفها، لكن مع الأسف، ما نحن فيه الآن كان نتيجة حتمية لفشلها في إدارة أموال البلد، ولغياب الرؤية لديها، وهذا ما يثبت تخبُّطها، وعدم قدرتها على تحمُّل المسؤولية.

وحتى لا يغضب منا الأشقاء العرب، فنحن مع تقديم المساعدات للدول العربية، وغيرها، عندما تكون هذه الدول بحاجة لذلك، لكن كل ما نطلبه، أن تكون المساعدات بتوازن، من دون إسراف زائد على الوصف.

وفي الأخير، ماذا سنفعل عندما ينتهي عصر النفط؟ وماذا سنقول للأجيال القادمة، التي سترى أن دول المنطقة استغلت عوائد النفط في الصناعة وتنمية موارد بلادها؟ وكيف سيعمل هؤلاء؟ وماذا سينتجون؟ ومن أين سندبر رواتب المواطنين الحاليين والقادمين، لو تدنى السعر لعشرة دولارات؟ لا أجد من قول أختم به المقال سوى «حسبنا الله ونعم الوكيل».