لو سألت شباب اليوم عن مواصفات زوجة المستقبل، فإنك تسمع إجابات مختلفة، فمنهم من يبحث عن الجمال، والآخر يبحث عن ذات الحسب والنسب والغنى، والبعض يبحث عن ذات الدين والخلق، وقديما قيل: "الناس فيما يعشقون مذاهب"، فكل إنسان حر في اختياره وقراره.

Ad

يروى عن رجل ذكي اسمه "شنٌّ" خرج للبحث عن امرأة ذكية مثله ليتزوجها، فبينما هو في الطريق صادفه رجل، فسأله شنّ: أين تريد؟ فقال: موضع كذا، يريد القرية التي يقصدها شنّ فوافقه، حتى إذا أخذا في مسيرهما قال له شنّ: أتحملني أم أحملك؟ فقال له الرجل: يا جاهل أنا راكب وأنت راكب، فكيف أحملك أو تحملني؟ فسكت عنه شنّ.

وسار حتى إذا اقتربا من القرية، فإذا بزرع قد استحصد، فقال شنّ: أترى هذا الزرع أكل أم لا؟ فقال له الرجل: يا جاهل ترى نبتاً مستحصداً فتقول أكل أم لا؟ فسكت عنه شنّ، حتى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة، فقال شنّ: أترى صاحب هذا النعش حياً أو ميتاً؟ فقال له الرجل: ما رأيت أجهل منك! أترى جنازة تسأل عنها أميّت صاحبها أم حيّ؟ فسكت شنّ وأراد مفارقته، فأبى الرجل أن يتركه حتى يذهب معه إلى منزله فمضى معه، وكان للرجل بنت يقال لها طبقة، فلما دخل عليها أبوها سألته عن ضيفه، فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جهله وحدثها بحديثه.

فقالت: يا أبت ما هذا بجاهل؟ أما قوله أتحملني أم أحملك فأراد أتحدثني أم أحدثك حتى نقطع طريقنا، وأما قوله أترى هذا الزرع أكل أم لا؟ فأراد هل باعه أهله فأكلوا ثمنه أم لا، وأما قوله في الجنازة فأراد هل ترك عقبا يحيا بهم ذكره أم لا.

فخرج الرجل فجلس إلى شنّ، فحادثه ساعة، ثم قال: أتحب أن أفسر لك ما سألتني عنه؟ قال: نعم، ففسره، فقال شنّ: ما هذا من كلامك فأخبرني من صاحبه؟ قال: ابنة لي، فخطبها إليه فزوجه إياها، وحملها إلى أهله، فلما رأوها قالوا: "وافق شنٌّ طبقة"، فذهبت مثلاً لكل متوافقَين.