الدستورية: العموم في الصياغة لا يعيب التشريع
رفضت طعن البراك على مادة تجريم الأخبار الكاذبة وأكدة سلامة دستوريتها
أعلنت المحكمة الدستورية أنه لا خلاف دستورياً بين المادة 15 من قانون أمن الدولة المتعلقة بتحريم الأخبار الكاذبة وبين الدستور، ما يفسح المجال أمام استكمال محاكمة البراك بشأن بعض التصريحات المنسوبة إليه.
رفضت المحكمة الدستورية، أمس، برئاسة المستشار يوسف المطاوعة الطعن المقدم من النائب السابق مسلم البراك بشأن عدم دستورية المادة 15 من قانون أمن الدولة، وانتهت المحكمة إلى عدم تعارض نصوص المادة مع الدستور على خلفية إحالة القضية اليها من محكمة الجنايات، بعد اتهام النيابة العامة للنائب السابق مسلم البراك بإطلاق تصريحات صحافية بشأن مشاركة قوات الأمن الأردنية في قمع التظاهرات، إلى جانب النائبين السابقين مبارك الوعلان وسالم النملان، وعباس محمد.وأكدت "الدستورية" أن العموم في صياغة النصوص التشريعية لا يصح لأن يكون مدخلا لتعييب التشريع، مضيفة أن المشرع بما له من سلطة تقديرية في مجال تنظيم الحقوق والواجبات، وبما لا إخلال فيه بالمصلحة العامة ان يحدد وفق أسس موضوعية ومن خلال النظم العقابية التي يقرها أركان كل جريمة، ودون ان يفرض عليه الدستور طرائق بذاتها لضبطها تعريفا بها.وأضافت المحكمة أن المقصود بجريمة إذاعة خبر كاذب هو انه من الواجب على من يريد إذاعته الا يقدم على ذلك قبل ان يتثبت من صحته، ويقصد بعبارة الخبر الكاذب هو ما كان غير مطابق للحقيقة او الواقع، أو مخالفا للصدق في جملته، وفي ما يلي نص حيثيات الحكم.قالت المحكمة الدستورية إن الثابت من الأوراق أن الجريمة التي نسبتها النيابة العامة الى (المتهم الأول) مبدي الدفع بعدم الدستورية انه قد اذاع عمدا في الخارج إشاعات كاذبة ومغرضة حول الأوضاع الداخلية في الكويت، وكان من شأنها (إضعاف هيبة الدولة واعتبارها والإضرار بالمصالح القومية للبلاد)، فإن مصلحته الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية تنحصر في الطعن على ما تضمنه النص متعلقا بوصف هذه الجريمة وحدها دون غيرها، وبالتالي فإن ما ورد بالنص الطعين محل الدفع منصرفا الى عبارة (إضعاف الثقة المالية للدولة) يكون منبت الصلة بوصف الجريمة المنسوبة إليه، والتي لم يتضمنها قرار الاتهام في الدعوى الموضوعية، مما يغدو معه الطعن على ما تضمنه النص في هذا الخصوص غير مقبول الانتفاء مصلحته في الطعن عليه.شبهة تعارضوأضافت المحكمة ان مبنى الطعن على الشق المطروح من المادة 15 من القانون رقم 31 لسنة 1970 سالف البيان- حسبما يبين من حكم الإحالة- أن عبارات هذا النص قد صيغت على نحو من العموم والشمول، واتساع الحدود الضيقة لنواهيها، بحيث يلتبس المخاطب بها بحقيقة الأفعال المجرمة مما تقوم به شبهة التعارض مع نص المادتين 30 و32 من الدستور.ولفتت المحكمة الى أن هذا النعي في غير محلة، ذلك ان العموم في صياغة النصوص التشريعية لا يصح ان تكون مدخلا لتعييب التشريع والقول بعدم دستوريته، باعتبار أن العموم في حد ذاته – من ابرز متطلبات القاعدة القانونية التي يجب ان تكون عامة، أي ينصرف اثرها الى الكافة، والعموم هنا غير الاتساع، فالأول مطلوب كضابط تشريعي، والآخر- إن جاء غير منضبط – فهو عوار في التشريع قد يؤدي به الى مدارك الإهدار، ولا يقوم هذا العوار الذي مرده الى اتساع عبارات النص الا اذا أدى بذاته الى لبس يغلق فهم المخاطبين به، بحيث لا يدركون حدود النهي الوارد فيه- ان لعدم تحديده على نحو صريح، او لالتباسه في المعنى والمبنى مع ما هو مباح وغير مجرم- فإن لم يكن النص التشريعي – والجزائي على وجه الخصوص- مؤدياً الى ذلك، ويمكن للفهم العام استخلاص الفعل المجرم وأركانه وحدوده، وليس من العسير تبين نواهيه وزواجره، وفيه من الشواهد ما يعين على فهمه، فإنه لا مجال للقول باتساعه وعموميته والتباسه، ومن ثم التمسك بعد دستوريته استناداً لذلك، والمعيار في كل ما سبق معيار موضوعي لا شخصي، فضلا عن ان المشروع بما له من سلطة تقديرية في مجال تنظيم الحقوق والواجبات- وبما لا اخلال فيه بالمصلحة العامة - أن يحدد وفق أسس موضوعية ومن خلال النظم العقابية التي يقرها، أركان كل جريمة، ودون ان يفرض عليه الدستور طرائق بذاتها لضبطها تعريفاً بها، ودون اخلال بضرورة ان تكون الافعال التي جرمتها هذه النظم قاطعة في بيان الحدود الضيقة لنواهيها، فلا يشوبها الغموض، أو تتداخل معها أفعال مشروعة يحميها الدستور.واضحة وجلية وأضافت المحكمة: ولما كان ذلك، وكانت العبارات الواردة بالشق الأخير من نص المادة 15 من قانون الجزاء المشار اليه قد جاءت واضحة وجلية، محددة المعنى بصورة يقينية، لا التباس فيها ولا غموض، وتنبئ بجلاء عن ماهية الافعال المنهي عنها بدقة، حيث جاء تحديدها قاطعاً لها، وفهمها مستقيماً لعباراتها، منطوية على تحديد جازم لضوابط تطبيقها وفق معايير تنفرد بها وحدها في حدود ضيقة لا انفلات في عباراتها، ولا يستعصي على الفهم العام استخلاص الأفعال المادية المجرمة وأركان ذلك الفعل وحدودها، فالواضح من عبارة (إضعاف هيبة الدولة واعتبارها) وعبارة (الإضرار بالمصالح القومية للبلاد) أنه لا يمكن ان يحمل فهمها الا على كل ما يمس بكيان الدولة وما من شأنه ان يعصف به، او ينال من مقومات الدولة الأساسية كالامن العام والأمن الاقتصادي والاجتماعي وسمعتها وسياسيتها، وان ذلك كان نتيجة حتمية لجريمة عمدية يرتكبها الجاني بيد اتصل الاثم بعملها وعقل واع خالطها، محددا لخطاها، محددا لخطاها متوجها الى النتيجة المترتبة على نشاطها موجها جهده لتحقيقها، وذلك بارتكاب الأفعال للجريمة التي تتمثل بإذاعته عمداً في الخارج- بأي وسيلة كانت- أخبارا أو اشاعات كاذبة ومغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد على نحو من شأنه المساس بمكانة الدولة واعتبارها بين الدول او الأضرار بمصالحها في محيطها القومي على ما سبق.شرطانوذكرت المحكمة: فإذا كان الأصل في الخبر انه إنباء بأمر وقع فعلا، وهو مما يتطلع الناس لمعرفته سواء من الحوادث او الآراء او الحقائق وما يتعلق بها من نتائج مما يحرك اهتمامهم، فإنه متى كان الخبر في ظاهره من شأنه ان يترتب عليه ضرر، فإنه من الواجب على من يريد اذاعته الا يقدم على ذلك قبل ان يتثبت من صحته، ويقصد بعبارة الخبر الكاذب هو ما كان غير مطابق للحقيقة او الواقع او مخالفاً للصدق في جملته، أو في بعض تفصيلاته أو في احداها، او في وصف الحوادث التي وقعت فعلاً، ويجب ان يتوافر في شرطان: الأول، رواية واقعية غير صحيحة، والثاني أن تكون الرواية متعلقة بحادث مزعوم، فالخبر مهما تكن طريقة سياقه، ان ساقه الشخص على انه إشاعة ينشرها على علتها فهي اشاعة مزعومة، كاذبة، ولا ريب في ان من شأن ذلك ان يلحق ضرراً بالمصلحة العامة فوجب العمل على اتقائه، درءا لما ينجم عنه من أخطار، لذلك لم يكن عبثا النص في هذه الجريمة على (التعمد) لأن من شأن صراحة النص على ذلك إلقاء عبء الإثبات على النيابة العامة، وذلك وفق العبارات الدقيقة الواردة بصدر نص المادة 15 المطعون على الشق الأخير منها، والذي أوضح النص بجلاء وبصورة يقينية لا التباس فيها ولا إبهام، الأفعال .عدم قبول دعوى 11 موثقاً بـ «العدل» أمام «الدستورية»قررت المحكمة الدستورية أمس عدم قبول الدعوى الدستورية المقامة من 11 موثقا يعملون في إدارة التوثيق بوزارة العدل، وذلك لعدم وجود شبهة عدم الدستورية بالقرار المطعون عليه الصادر من الخدمة المدنية.وقالت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها، ان "البين من الأوراق ان جوهر النزاع الموضوعي يدور حول طلب "المستأنف عليهم" الحكم بأحقيتهم في تقاضي المكافأة المالية الواردة في قرار مجلس الوزراء رقم 698 لسنة 2005 بواقع 50 دينارا شهريا اعتبارا من 1/7/2005، وبعدم جواز استرداد ما سبق صرفه لهم على سند من أن الجهة الادارية قد أوقفت صرف تلك المكافأة لهم لسبق حصولهم على مكافأة تشجيعية اعتبارا من 1/12/2002". وأضافت أن ذلك "يعد مانعا لهم من تقاضي تلك المكافأة المالية الخاصة، التي اشترط لصرفها عدم تقرير اي كوادر او بدلات او علاوات اضافية للموظف خلال الفترة من 1/7/2000 حتى 1/7/2005، على أساس ان المكافأة التشجيعية التي صرفت لهم لا تعتبر كادرا أو بدلا اوعلاوة، فيتوافر منوط صرف المكافأة المالية المشار اليها في حقهم، فضلا عن ان تلك المكافأة قد صرفت لهم فعلا اعتبارا من 1/7/2005، ولم يتم وقف صرفها إلا في أكتوبر 2010".وقالت المحكمة، ان البين أن مرد الامر في هذه المنازعة هو تفسير نص الفقرة (أ) من المادة (1) من قرار مجلس الوزراء رقم 698 لسنة 2005، توصلا لبيان ما اذا كانت شروط تطبيق حكم ذلك النص على المستأنف عليهم قد توفرات في حقهم من عدمه، وهو ما يخرج عن نطاق رقابة هذه المحكمة ويقع في دائرة عمل محكمة الموضوع، ويكون النعي على ما تضمنه هذا النص من حرمان الموظفين الذين تقررت لهم كوادر او بدلات او علاوات إضافية خلال الفترة من 1/7/2000 حتى 1/7/2005 من المكافأة المالية بقالة انه تلابسه شبهة عدم الدستورية لإخلاله بمبدأ المساواة، هو امر يخرج عن نطاق المنازعة الموضوعية المطروحة عليها.وذكرت أنه "لا يغير من ذلك ما افترضه حكم الإحالة للتدليل على وجود شبهة عدم دستورية تحيط بالنص المطعون فيه بشأن الموظفين الذين تقررت لهم زيادة في مرتباتهم بسبب طبيعة وظيفتهم واختلاف مركزهم القانوني من غيرهم من الموظفين الذين لم تتقرر لهم هذه الزيادة بما يستلزم المغايرة بينهم، إذ ان قبول الدعوى الدستورية امام هذه المحكمة لا يسوغ أن يُبنى على محض افتراضات لا ترتبط بصلب النزاع الموضوعي المطروح على محكمة الموضوع". وأوضحت المحكمة أنه "بالترتيب على ذلك فإن ما وجه الى النص المطعون فيه من عيب دستوري لا يكون متصلا بصلب المنازعة الموضوعية المطروحة على محكمة الموضوع، ومن ثم يكون مناط قبول الدعوى الماثلة منتفيا، ويكون حريا القضاء بعدم قبولها".