وهم حرية التعبير
![حسن العيسى](https://www.aljarida.com/uploads/authors/25_1682522445.jpg)
شعرت بالغثيان حين طالعت ردود الفعل بوسائل التواصل الاجتماعي على لقاء شيخة الجاسم التلفزيوني، لم تكن شيخة مجرد مواطنة تعبر عن رأيها في الخلط الكبير بين الدين والدولة، بين السياسة والعقيدة، وبين حرية الفرد في التعبير وسطوة غياب الوعي الإنساني واستغلال المشاعر الدينية من رجال السياسة ومن كثير من الباحثين عن مكان عال للبروز والتكسب الاجتماعيين.الذين ذرفوا الدموع قبل فترة على مصادرة حرية الرأي بعد الأحكام التي صدرت ضد النائب السابق مسلم البراك وغيره وقفوا بشماتة ضد شيخة، واصطفوا مع دعاة الدولة الدينية لقمع شيخة ومن على شاكلتها، فحريات التعبير والنقد يمكن تفصيلها وتشذيبها حسب من يدعو لها و"المتهم" بها، فحرية التعبير وإبداء الرأي ممكنة وعظيمة طالما هي معنا وتبصم مع آرائنا، وهي كفر وزندقة واصطفاف مع "الخونة" حين نختلف معها، بهذا الفكر يقف اليوم في خندق واحد دعاة الحرية "المفصلة" مع سجاني الرأي لا فرق ولا اختلاف في مجتمعات تمقت التفرد وتسحق الرأي المختلف، وكأنه يمكن للحرية ان تتجزأ وتفصل حسب الظروف والمقاسات المناسبة.عدنا للنبش في صدور الناس، ولمحاكمات الضمير وتحريم التفكير وترسيخ فتاوى التكفير، لنتذكر عندها أن أزمتنا ليس اسمها النظام الحاكم فقط، بل أزمة غياب وعي إنساني بمجتمعاتنا، وهي أزمة عصبية فكرية متجذرة في عقول الكثيرين بثقافتهم البائسة.