العواقب الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
في حين يؤكد بنك إنكلترا أن عضوية الاتحاد الأوروبي حسنت الاقتصاد البريطاني عن طريق جعله أكثر ديناميكية يزعم أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن عضوية بلادهم في الاتحاد ألحقت بها الضرر.
قد يكون التأثير الذي يخلفه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالنسبة الى اقتصادها القضية الأكثر أهمية وحيوية في ضوء اقتراب الاستفتاء الذي سوف يجرى في 23 يونيو المقبل، والعديد من الأشخاص المترددين ازاء قرارهم حول التصويت يقولون إنهم سوف يتخذون قرارهم على أساس فكرة واحدة تقول هل يحتمل أن يجعلهم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أحسن، أو أسوأ، حالاً، ويصعب تقييم المجادلات المتعلقة بهذا الأمر.ويقول أندرو تايري وهو عضو البرلمان عن حزب المحافظين والذي يرأس لجنة الاختيار في الخزانة العامة التي تحقق في تكلفة وفوائد عضوية الاتحاد الأوروبي، إن جانبي الجدال "على استعداد لأن يضعا جانباً كل المؤهلات والقيود في مزاعمهما"، وهو يأمل أن تحقق لجنته أداء أفضل على الرغم من الانقسام الذي يعصف بها أيضاً.
غياب الوقائع المضادةويلاحظ تايري أنه عندما يتعلق الأمر بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإن المشكلة "الرئيسة تتمثل في عدم وجود وقائع معاكسة"، ففي شهر أكتوبر الماضي، على سبيل المثال، خلصت دراسة أجراها بنك انكلترا الى أن عضوية الاتحاد الأوروبي قد حسنت الاقتصاد البريطاني عن طريق جعله أكثر ديناميكية. ويصعب توفيق ذلك مع مزاعم أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد بأن تلك العضوية قد ألحقت الضرر بالبلاد.وعلى الرغم من ذلك فإن قضية الديناميكية الجديدة قد تكون غير ذات صلة وكما يقول المشككون في عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، ربما تكون اصلاحات تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي أسهمت في خفض الضرائب والاجراءات الروتينية.ويشكل غياب الوقائع المضادة مشكلة أكبر ازاء تقييم التأثيرات الاقتصادية لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي – وليس في وسع أحد التأكد من آفاق تحقيق بريطانيا لسوق واحدة، وما الذي سوف تكون عليه أنظمتها وقوانينها المتعلقة بالهجرة، وكم هي المدة المطلوبة للتفاوض حول مثل تلك الأمور.وعمد العديد من الفرق من الاقتصاديين الى طرح تخمينات في هذا الشأن، ويظهر الجدول المصاحب خلاصة ست من أكثر الدراسات شمولاً، كما تظهر الشريحة العريضة لتوقعات الناتج المحلي الاجمالي درجة الشك في النتائج المستخلصة. جوانب الاتفاقشيء واحد يتفق عليه أنصار ومعارضو الاتحاد الأوروبي، وهو أنه من المرجح أن تكون تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد في الأجل القصير سلبية، كما أن الشك في ترتيبات التجارة في المستقبل قلص في الأساس من الثقة في الجنيه الاسترليني كما قد أضعف التوجه نحو الاستثمارات. ويعتبر بنك انكلترا خروج بريطانيا من الاتحاد المجازفة الأكبر بالنسبة الى الاستقرار المالي المحلي، ثم إن بلوغ بريطانيا مستويات قياسية من عجز الحسابات الجارية، الذي يتعين أن يمول من تدفقات رأس المال من الخارج، يجعل البلاد معرضة للعجز بقدر أكبر.والتأثيرات في الأجل الطويل هي أكثر إثارة للجدل، على الرغم من أن معظم الاقتصاديين يقولون انه من المحتمل أن تكون سلبية أيضاً، ولا يرجع ذلك الى أن الأمر سوف يتطلب سنوات عديدة كي يتعافى الاقتصاد متجاوزا انتاج الأجل القصير – هذا إن حدث – وقد وجد خبراء الاقتصاد 5 طرق يمكن أن يؤثر من خلالها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على مستقبل الناتج المحلي الاجمالي.والخسائر الناجمة عن تدني التجارة هي الأكبر بأشواط، وفي وقت متأخر من هذا الشهر سوف ينشر مركز التفكير وهو مركز الإصلاح الأوروبي نسخة منقحة عن دراسته لعام 2014 حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مبنية على عمل اقتصاديين من جامعة غروننغن في هولندا.وتستنتج تلك الدراسة أن تجارة بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي كانت أعلى بنسبة 55 في المئة مما كان يمكن لها أن تحققه من دون تلك العضوية، وأنه لم يتم رصد خسائر عبر تحويل التجارة من دول ثالثة الى الاتحاد.وحتى إذا كان بعض تلك المكاسب عرضة للخطر نتيجة خروج بريطانيا من الاتحاد فإن ذلك سوف يتفوق على التأثير الاقتصادي الناجم عن قطع اسهام بريطانيا السنوي بحوالي 8.5 مليارات جنيه استرليني في ميزانية الاتحاد الأوروبي.ثم إن هناك عامل الهجرة، ولو أن على بريطانيا فرض قيود أشد على المهاجرين من الاتحاد الأوروبي بعد مغادرته فإن النمو سوف يعتمد على اجتذاب المهارات التي يحتاج الاقتصاد اليها من أماكن اخرى، وعلى الرغم من ذلك فإنه من غير الواقعي من الوجهة السياسية الاعتقاد بأن البريطانيين الذين صوتوا على الحد من الهجرة من أوروبا الشرقية سوف يرحبون بمزيد من المهاجرين من أماكن مثل الهند وأفريقيا.