الروس مستاؤون رغم حبهم لبوتين

نشر في 14-03-2016
آخر تحديث 14-03-2016 | 00:01
 واشنطن بوست يهوى داعمو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التفاخر بأنه يتمتع بشعبية كبيرة، ولكن ما الصورة الفعلية على أرض الواقع؟

هذا ما أردتُ اكتشافه عندما أمضيتُ أخيراً فترة بعد الظهر في نهاية أحد الأسابيع، وأنا أراقب شابة روسية تجري استطلاعاً للرأي. صحيح أن استطلاعات الرأي تؤكد أن الروس يدعمون بوتين دعماً كبيراً، إلا أنهم يبدون أكثر استياء من السياسيين والبيروقراطيين تحت قيادته، وهذا ما أظهرته خمس ساعات من القرع على أبواب المنازل في مجمع سكاني على أطراف موسكو ينتمي معظم سكانه إلى الطبقة الوسطى. رغم ذلك أذهلتني رؤية هذا الاختلاف على أرض الواقع.

يسألني كثيرون عما إذا كانت شعبية بوتين حقيقية، ولدي انطباع قوي أنها كذلك، ولكن عندما يقول الناس إنهم يؤيدونه، فلا يعنون بذلك ما يقصده الأميركيون حين يؤكدون دعمهم للرئيس أوباما، فبعد أن أمضى بوتين في الحكم أكثر من 16 سنة، يعتبره روس كثيرون حاكماً يطبّق سياسات سامية، لا مجرد سياسي تبقيه الانتخابات في منصبه أو تزيله منه، لذلك عندما تسأل روسياً عما إذا كان يؤيد بوتين، تكون كمن يسأله عما إذا كان يدعم روسيا، فمن يجيب بالنفي عن سؤال مماثل؟

على سبيل المثال، أخبر رجل في العشرين من عمره ليوبوف كوستيريا، التي كانت تجري استطلاع الرأي، بأنه يؤيد بوتين بالكامل، ولكن عندما طرحت عليه سؤالاً غير محدّد عن السياسيين الذي يدعمهم في روسيا، لم يستطع تسمية سياسي واحد، فقد احتل بوتين في ذهنه، على ما يبدو، مكانة فوق الجميع.

أجاب آخرون أنهم يؤمنون ببوتين، إلا أنهم عبّروا بأساليب أخرى عن مخاوفهم حيال الاتجاه الذي يسير فيه البلد، فقد أخبر الناس مراراً كوستيريا التي تجري الاستطلاع أنهم قلقون حيال تأمين عيشهم، فلا يظنون أن معظم السياسيين في روسيا يهتمون بالمواطن العادي، حتى إن كثيرين تحدثوا عن نمط حياتهم الجديد الكثير الضغوط: عطل لم تؤخذ وأدوية لم تُشترَ، فضلاً عن التخلي عن بعض الرفاهيات البسيطة في الحياة لأن ثمنها يرتفع بسرعة، في حين تتقلص الأجور.

قالت امرأة وهي تدخن سيجارة، مشيرةً إلى عقد يعتبره روس كثيرون مرحلة مؤلمة من الفوضى الاقتصادية، والفساد، والإمكانات الضائعة: "نشعر كما لو أننا عدنا إلى تسعينيات القرن الماضي"، (سمحت لي وكالة استطلاع الرأي الحكومية "مركز أبحاث الرأي العام في روسيا" بمرافقة موظفتها خلال استطلاعها آراء الناس شرط ألا أكشف عن هوية مَن تتحدث إليهم).

أضافت هذه المرأة: "أحب بوتين. وأدعو الله أن يطيل عمره ويمده بالصحة، لكنني قلقة حيال ما يخبئه المستقبل"، فقد أكدت أنها تخاف فكرة أنه لا يملك خلفاً محدداً.

في المقابل، رفض كثيرون التحدث إلى مستطلعي الرأي، صائحين من وراء الأبواب الموصَدة أنهم لا يتدخلون في السياسة، وما من طريقة أكيدة لمعرفة ما إذا كانت هذه الشريحة من الناس تختلف في آرائها عمن شاركوا في الاستطلاع، لكن بعض نقاد بوتين يعتقدون أن استطلاعات الرأي تبالغ في تصويرها تأييد الحاكم الروسي لأن مَن لا يحبونه يرفضون بكل بساطة المشاركة في هذه الاستطلاعات.

عندما فتحت لنا الباب امرأة في الثانية والثلاثين من عمرها ترتدي قميصاً قطنياً أبيض وسروالاً قصيراً أزرق، أجابتنا: "لا أتمتع بحس وطني قوي، لذلك لا داعي لأن تتحدثَا إلي"، لكن كوستيريا أكّدت لها أنها مسرورة بالتكلم معها.

أضافت المرأة: "الوضع الاقتصادي مريع. وحالة المصرف المركزي بالغة السوء"، ثم عبّرت عن قلقها حيال ارتفاع الأسعار، وتوقعت أن يزداد الاقتصاد تدهوراً، وأخبرتنا أنها لا تنوي التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة لأنها لا تظن أن صوتها سيحدث أي فارق... رغم كل ذلك عندما سألتها كوستيريا عما إذا كانت تدعم بوتين، أجابت: نعم.

مايكل بيرنبوم

back to top