لا يزال لبنان يعيش توترا سياسيا متصاعدا، بعد قرار الرياض وقف المساعدات العسكرية له، بسبب مواقف الحكومة اللبنانية في قضية الاعتداءات على سفارة المملكة بطهران وقنصليتها بمشهد.

Ad

وفي ظل التصعيد، الذي بادرت اليه الرياض وأبوظبي والمنامة أمس الأول، والكويت أمس، بتقييد سفر مواطنيهم إلى لبنان، يعيش الفريق المتحالف مع الرياض حالة ارتباك حقيقية، حيث تبدو التحركات التي قام بها لاحتواء "الغضب السعودي" غير كافية، وسط تساؤلات عن مطالب الرياض الحقيقية منه على ضوء توازنات وتعقيدات المشهد اللبناني، خصوصا أنها تعتبر أحد الرعاة الأساسيين لما سمي "حكومة المصلحة الوطنية" التي تجمع بشكل خاص "تيار المستقبل"، الحليف الأول للمملكة في لبنان، و"حزب الله" الموالي لإيران.

سلام

في هذه الأجواء، التقى رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، في السراي الكبير أمس، السفير السعودي علي عسيري، بحضور القائم بأعمال السفارة ماجد الشراري.

وبعد اللقاء، الذي استمر أكثر من ساعة، اكتفى عسيري بالقول إن "زيارة السراي كانت بناء على دعوة من سلام الذي حمّلني رسالة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسأنقلها نصا وروحا إلى قيادتي الرشيدة".

عسيري

ثم انتقل عسيري إلى دار الفتوى، حيث التقى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان. وأفاد المكتب الإعلامي في دار الفتوى بأنه جرى التشديد على أهمية "الحرص على تعزيز العلاقات اللبنانية السعودية، ومعالجة تصحيحها بالطرق الدبلوماسية التي تعبر عنها الحكومة اللبنانية بالتعاون مع القيادات السياسية في لبنان الحريصة على توطيد العلاقات الأخوية التاريخية التي ينبغي أن تكون على أفضل ما يرام".

وفي لقاء تلفزيوني، تمنى السفير السعودي أن "تحل المشكلة مع لبنان بأسرع وقت"، مضيفا: "ليس من حقنا أن نملي على الحكومة اللبنانية ما عليها أن تفعله، وعلى اللبنانيين فعل ما يصب في مصلحة لبنان، والمملكة دائما مع استقرار ووحدة هذا البلد".

وفي تصريح آخر، نفى عسيري صدور قرار منع سفر للسعوديين إلى لبنان، مشددا على أن ما صدر عن وزارة الخارجية هو "تحذير وتنبيه للمواطنين من السفر إلى لبنان، حرصا على سلامتهم".

المشنوق

إلى ذلك، زار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق السفارة السعودية، وقال إثر لقائه السفير عسيري: "لا بد من الاعتراف بأن هناك أزمة جدية تتعلق بمواقف حزب الله المعتدية على السعودية، لذلك القرار السعودي ليس غريبا ولا مفاجئا".

واعتبر ان "أفضال المملكة السعودية على لبنان أكثر من أن تحصى، وهذا ليس بحاجة إلى شهادة من أحد"، وقال: "عسى أن نستعيد العلاقات الطبيعية مع دول مجلس التعاون لأنه لا خيار للبنان إلا بعروبته".

وأضاف: "إذا ما بقيت هناك نسبة من الوطنية عند الأطراف فيجب الوصول الى حل وإلا الأزمة ستكبر". كما زار وفدان من حزب "التقدمي الاشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية، السفارة السعودية تضامنا.

وأعلن عضو كتلة "القوات" النائب انطوان زهرا بعد الزيارة أن "علاقاتنا العربية مكرسة في الدستور، ولا يمكن التردد عندما يكون الموضوع يتعلق بالتضامن العربي"، مضيفا: "نرفض التعرض لمصالح لبنان وعلاقاتنا العربية ليست خيارا ولا رفاهية".

وأشار زهرا الى أن "الحكومة ليست مجلسا رئاسيا، بل جسم واحد ولا يجوز تحميل وزير واحد مسؤولية الحكومة كلها"، موضحا أنه "لم تتم تسمية أي كان في بيان بيت الوسط، لا بل ينسب إلينا اننا تشددنا في اللهجة في البيان الذي صدر، واتفقنا على الحفاظ على علاقتنا بورقة إعلان النوايا وترشيح العماد (ميشال) عون".

وقال: "من أعاد بناء لبنان بعد حرب تموز 2006؟ كانت دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وليس المال الإيراني طبعا، فضلا عن مصالح نصف مليون لبناني يعملون في الخليج، فعند مس كرامة هذه الدول لا نعلم ما هي العواقب عليهم".

من جهته، قال وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور: "ملتزمون بالاجماع العربي في كل قضايا البلاد في ظل تدخل جهات خارجية أولها إيران"، مشددا على أن "بعض الجحود اللبناني على السعودية لا يمثل كل اللبنانيين".