عشية استئناف الجولة الثالثة من محادثات جنيف، اشتدت وتيرة المعارك الميدانية متعددة الأطراف، خصوصاً على الجبهات غير المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار، المعلن في 27 فبراير الماضي، في وقت رد الجيش التركي على سقوط عدة صواريخ من الجانب السوري بقصف مكثف.

Ad

قبل ساعات من انطلاق جولة جديدة من محادث السلام في جنيف، سيطرت "جبهة النصرة" و"جند الأقصى" وفصائل جهادية أخرى لفترة وجيزة على تلال مهمة لقوات النظام السوري قرب حلب، التي شهد ريفها الشمالي تقدماً مهماً لكتائب المعارضة على حساب تنظيم "داعش".

ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن "النصرة" وحلفاءها سيطروا على تل العيس الرئيسي والتلال المجاورة، قبل أن تستعيد القوات النظامية السيطرة عليها، موضحا أن الفصائل الجهادية تستعد لإعادة الكرَّة والتقدم في المنطقة.

ونبَّه المرصد أن "هذه التلال مهمة، لأنها تحصن مواقع النظام في ريف حلب، وتوفر لهم وجوداً أساسياً قريباً من الطريق الدولي جنوباً إلى دمشق".

وفي ريف حلب الشمالي، سيطرت فصائل "لواء الحمزة" بالاشتراك مع "فرقة السلطان مراد" و"فيلق الشام" و"لواء صقور الجبل" و"لواء المعتصم"، وجميعها منضوية تحت لواء الجيش الحر أمس على قريتي دوديان الواقعة على الحدود التركية والطوقلي، بعد معارك عنيفة مع "داعش"، فجَّر خلالها مقاتلوها سيارة مفخخة للتنظيم كانت متجهة نحوهم.

اللاذقية وإدلب

وفي اللاذقية، شنت قوات النظام هجوماً كبيراً على تل كباني أمس، وفق المتحدث باسم الفرقة الساحلية الأولى فادي أحمد، الذي أكد تصدي المعارضة لتقدم هذه القوات المدعومة جواً من طائرات حربية سورية وروسية.

وشهدت محافظة إدلب الواقعة إلى الغرب من حلب مقتل 19 شخصاً على الأقل في غارة جوية استهدفت أمس الأول سوقاً للمحروقات في بلدة أبو الظهير، وفق المرصد، الذي أوضح أن الغارة نفذتها طائرات تابعة للنظام السوري أو طائرات روسية

وفي تطور لافت، هدد عناصر من "النصرة" بإطلاق النار على متظاهرين خرجوا أمس الأول للتنديد بنظام الأسد في مدينة إدلب، وطلبوا منهم التفرق.

تركيا وأميركا

وعلى الحدود، رد الجيش التركي على سقوط ما يصل إلى 8 صواريخ كاتيوشا على بلدة كلس، وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة اثنين، بإطلاق النار باتجاه مدينة إعزاز في سورية.

وهذه أول حادثة من هذا النوع منذ 18 يناير عندما أطلق صاروخ من منطقة يسيطر عليها "داعش"، فسقط في ملعب مدرسة، ما أدى إلى مقتل عاملة نظافة وإصابة تلميذة بجروح.

وفي واشنطن، نفت وزارة الدفاع الأميركية أمس الأول قيامها بتجهيز مطارين في رميلان بمحافظة الحسكة وقرب مدينة كوباني الكردية.

وأكد المتحدث باسم الزارة الكابتن جيف ديفيس، أنه "ليس سراً أن لدينا عناصر هناك، واننا قمنا بإرسال تجهيزات، وانها وصلت إلى هناك بطرق ما، لكننا لن نكشف عن تلك الطرق".

«جنيف 3»

سياسياً، أكدت جيسي شاهين، المتحدثة باسم مبعوث الأمم المتحدة لسورية ستيفان ديميستورا، أمس، أن محادثات جنيف الثالثة للسلام ستستأنف عملياً اليوم، على أن تبدأ رسمياً بحلول 14 مارس، موضحة أن بعض المشاركين سيصلون إلى جنيف في 12 و13 و14 من الشهر.

وبينما أوضحت المتحدثة أن المشاركين الذين وجهت إليهم الدعوات هم أنفسهم من شاركوا في الجولة الأولى، كرر المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات رياض نعسان أغا، أن المعارضة ستذهب لتنفيذ القرار الدولي رقم 2254، الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالية.

القرار الخليجي

في المقابل، أبدت مستشارة الرئيس بشار الأسد، بثينة شعبان، في تصريحات أمس الأول، عدم قلق دمشق من مصير الحوار حول الأزمة في جنيف، مشددة على أنه ليس هناك تناقض بين السياسة السورية والروسية، كما انتقدت القرار الخليجي بتصنيف "حزب الله" منظمة إرهابية، واصفة إياه بأنه يدل على "العجز والفشل والارتماء في أحضان الصهيونية"، في تصريحات لها، امس الأول.

وأكدت شعبان جدية النظام السوري حول وضع حد لما وصفته بـ"العنف وسفك الدماء"، وعزم النظام على إيجاد حل سياسي للأزمة، وأن "المهم بالنسبة للدولة هو القضاء على الإرهاب وعودة الأمن والأمان ووحدة الأراضي والشعب السوري الذي لن يقبل إلا بسورية موحدة، بعد كل هذه التضحيات التي قدمت وصمود الشعب والجيش السوري،" وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وفي حين حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس الحكومة والمعارضة على إبداء حُسن النوايا في محادثات السلام، اتهمت أطراف في المعارضة السورية روسيا بعدم وضوح الرؤية تجاهها، مؤكدة أنها تخلت عن دعوة بعض أعضاء مجموعة موسكو إلى مفاوضات جنيف.

ونقلت وكالة "آكي" الإيطالية أمس الأول عن مصادر في المعارضة، أن روسيا لم تعد متمسكة بدعوة قدري جميل رئيس حزب "الإرادة الشعبية" ورندا قسيس رئيسة "حركة المجتمع المدني" إلى "جنيف 3"، بينما تتمسك بدعوة صالح مسلّم رئيس حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي وآخرين معه من مجلس سورية الديمقراطي.

 خروق الهدنة

بدوره، انتقد الائتلاف الوطني للمعارضة تساهل المجتمع الدولي تجاه الخروقات المستمرة للهدنة، محذراً من أنها ستؤدي إلى انفجار لا يكون من الممكن إصلاحه.

وأكد الائتلاف أن إجراءات بناء الثقة، لن تكتمل دون تنفيذ بند إطلاق سراح عشرات الآلاف من المعتقلين ما زال خارج إطار التنفيذ.