خصخصة و«دعشنة»

نشر في 01-04-2016
آخر تحديث 01-04-2016 | 00:01
 أ. د. فيصل الشريفي إن سلمنا بفكرة إعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر في إدارة الملف التنموي وتنويع مصادر الدخل على هذا الوضع وبهذه القوانين، فنحن بكل تأكيد أمام بيع منظم للبلد، وقد لا يطهّر هذا المجلس الذي انشغل بالطائفية ماء زمزم، والأجدر به الاستقالة، وترك مشروع «الدعشنة» عفواً أقصد الخصخصة.

بعد كل أزمة اقتصادية يظهر لنا فريق محترف يضم مجموعة من الوزراء والنواب وتجار من العيار الثقيل وإعلاميين مهمتهم جس النبض وقياس درجة الضغط والسكر عند الشارع لترويج مشاريع التنفيع.

 رغم كثرة مشاريع الوهم التنموي "الخصخصة" فإن فريق المحترفين ينجح كل مرة في وضع الحكومة إلى جانبه التي لا يوجد عندها أي مثال تستطيع تقديمه لتبرير استمرار دعمها لهكذا مشاريع ريعية، والتي يذهب نفعها إلى نخب بنظام "هات وابقى قابلني إن شفت دينار واحد بالمقابل".

طبعاً أصحاب المصالح يزعجهم مجرد التساؤل عن الفائدة من مشاريع الخصخصة، فالقضية عندهم متماسكة ومستحقة، فالشركات والمؤسسات المقصودة بمشروعهم متعثرة وتثقل كاهل الدولة، والمخرج الوحيد لها يكمن في إعطاء ملف إدارتها إلى القطاع الخاص بهدف تحسين الخدمة ورفع الكفاءة، ومن ثم المساهمة في الدخل القومي وإيجاد فرص لتوظيف الشباب في القطاع الخاص.

"هذا الكلام مأخوذ خيره، والمية تكذب الغطاس"، ولغة الأرقام تتكلم والدخل القومي للدولة لم يذكر نسبة مساهمة القطاع الخاص وأثرها في ميزانية الدولة أو حجم الضرائب المستقطعة، أو عدد الموظفين المواطنين العاملين فعلياً.

"إن كنت ناسي أفكرك"، والزمن كفيل بمعرفة مستوى وكيفية التخطيط للاستحواذ على مؤسسات الدولة الناجحة وتحويلها إلى حضن القطاع الخاص، كحال مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية التي تأسست في عام 1954 كناقل وطني أدت دوراً مهماً وساهمت في توظيف الآلاف من الكويتيين، ثم بعد ذلك دخلت دوامة الإفلاس، المثال الآخر محطات الوقود التي لم نرَ إضافة لخدماتها سوى بعض المطاعم ومكائن القهوة، وكم سوبر ماركت، أما توظيف الكويتيين فحلم استولى عليه الوافدون.

إذاً قضية الخصخصة ما هي إلا "دعشنة" تجار وتخاذل نواب وإلا من المستحيل القبول بهذه الفكرة قبل النظر إلى المتسبب الحقيقي في خسائر تلك المؤسسات ومحاسبتهم على إخفاقهم في إدارة ملفاتها، لكن الواقع مرير، فهؤلاء هم أبناء المحظية، وهم من يتمتعون بلطف وعناية الحكومة، وهم حاضرون في مجالس الإدارات التي تساهم فيها الدولة لقدراتهم الخارقة.    

إن سلمنا بفكرة إعطاء القطاع الخاص دوراً أكبر في إدارة الملف التنموي وتنويع مصادر الدخل على هذا الوضع وبهذه القوانين، فنحن بكل تأكيد أمام بيع منظم للبلد، وقد لا يطهّر هذا المجلس الذي انشغل بالطائفية ماء زمزم، والأجدر به الاستقالة، وترك مشروع "الدعشنة" عفواً أقصد الخصخصة.

الحكومة ذهبت مباشرة إلى جيب المواطن عبر سياسة الشرائح، ونقول لهم نحن معكم في هذا القرار إن كان الهدف ترشيد الإنفاق، لكن بالمقابل نتمنى أن نعرف حجم عوائد الاستثمارات الخارجية لدولة الكويت والأرباح التي حققها الصندوق السيادي، وإذا كانت الإجابة صعبة فممكن أن نكتفي بمعرفة حجم التبرعات والهبات والقروض التي قدمتها الدولة للخارج خلال السنوات الخمس الماضية.

ودمتم سالمين.

back to top