انتهى الحديث عن التعديل الوزاري، الذي استمر طوال الشهر الماضي، وسيبدأ حديث آخر عن أداء الوزراء الجدد، وستتوجه الأعين صوب الخطوات الأولى للوزراء في وزاراتهم، انتظاراً لقرارات تحل المشكلات المتراكمة، والتي يعود بعضها لسنوات طويلة، ولم تتمكن الوزارات المتعاقبة ولا تغيير الوزراء من حلها.
إن النجاح في حل هذه المشكلات يتطلب أموراً عدة، أهمها القدرة على مواجهة هذه المشكلات، والتواصل مع الأطراف المختلفة، وعدم إغلاق الباب أمام القدرات الموجودة بالفعل، لكنها مهمشة، لأنها تقف في زوايا مختلفة من المشهد السياسي.أتمنى مراجعة التصنيف السياسي عند اختيار الكفاءات القادرين على الفعل وعلى الحل، والاستعانة بالعديد من الخبراء الموجودين بالفعل، في مجالات مختلفة، ويملكون القدرة على التعامل مع المشاكل التي تعانيها مصر، ويستطيعون طرح حلول ملائمة تأخذ بيدها.وقلت من قبل وأكرر إن سر النجاح، وما تحتاجه الحكومة الآن وبشكل عاجل، هو تحديد الأولويات التي يحتاجها الشعب المصري في هذه المرحلة، وهذا العلم بالأولويات يجب ألا يتم الاعتماد فيه على التقديرات الشخصية للمسؤولين أو المتابعين، بل من خلال اتباع أسلوب علمي صحيح في تحديدها.الشعب يريد أن يرى، وأن يلمس تحسناً حقيقياً في مناحي حياته، وأن يسمع من حكومته حديثاً يشبهه، وإنجازاً يستهدف احتياجاته الحقيقية.وكلمتا السر في النجاح اللتان لن أملّ من ترديدهما هما: اتباع الأسلوب العلمي في التخطيط والتنفيذ ووضع نظام، والأخرى: التواصل الصحيح باللغة الصحيحة مع الناس، وهنا أسأل: إلى أي مدى تتبع الحكومة أسلوباً علمياً مبنياً على دراسات حقيقية لتحديد الأولويات؟ وإلى أي مدى نستعين بخبرات مَن سبقونا أو مروا بأزمات مماثلة في بلادهم ونجحوا في تجاوزها؟والسؤال الآخر: إلى أي مدى تتبع الحكومة- بل كل أجهزة الدولة بجميع مستوياتها- أسلوباً علمياً في تحديد الخطط الإعلامية في التواصل مع الجماهير، بحيث تستطيع أن تحدد الرسالة المطلوب إيصالها، واتباع أساليب التوصيل والتواصل والإقناع العلمية؟ما أستطيع الاجتهاد في الإجابة عنه هنا، أن كلا الأمرين لا يحدث بشكل كامل، وإن حدث- وهذا قليل- فإنه يتم في غياب التكامل والتنسيق مع بقية أطراف الدولة أو الاستمرارية أو اتباع الأساليب العلمية في القياس والمتابعة، أو على الأقل هذا ما أراه ويراه غيري.خلق حالة التجانس بين الوزارات المختلفة، واتباع الأسلوب العلمي الصحيح في تحديد الأولويات التي يقرها الناس بالفعل، هو المدخل الصحيح لتحقيق النجاح، وإذا أردنا طرح نماذج للحديث عن فرص ضائعة في التواصل مع الناس فهي متعددة، وإذا لم يتم إدراك ذلك واتخاذ خطوات علمية مدروسة، فإن فرصاً ستضيع ونجاحاً ممكناً سيصعب تحقيقه.كتبت هنا قبل حوالي ستة أشهر، عندما تولى م. شريف إسماعيل رئاسة الحكومة، وقلت إنه من أكثر مَن وجدتهم شديدي الصدق والجدية في ممارسة دوره خلال الفترة الماضية، وما نحتاجه من الحكومة، بعد التعديل الوزاري، هو العمل الدؤوب والحرص والمثابرة لحل المشكلات ومواجهتها والاستعانة بكل الطاقات والخبرات البشرية، كي نستطيع أن نحقق النجاح الذي نصبو إليه.
أخر كلام
ما بعد التعديل الوزاري
02-04-2016