في السابع من ديسمبر عام 2001 عرضت صالات السينما الأميركية فيلماً بعنوان «أوشن11» كتبه كل من جورج كليتون وجاك غولدن راسل، وأخرجه وقام بتصويره ستيفن سودربيرج، الذي أسند بطولته إلى كوكبة من نجوم السينما العالمية أمثال: جورج كلوني، براد بيت، مات ديمون، أندي غارسيا، جوليا روبرتس... حقّق الفيلم نجاحاً مدوياً، وقُدرت ميزانيته بما يقرب من 85 مليون دولار في حين وصلت إيراداته إلى 150,717,450 دولار، ما دفع المخرج والأبطال: جورج كلوني وبراد بيت ومات ديمون إلى تقديم جزء ثان في عام 2004 بعنوان {أوشن 12} حقق إيرادات بلغت 363 مليون دولار، أي ما يزيد على ثلاثة أضعاف ميزانية الإنتاج التي قُدرت بـ 110 مليون دولار ثم جزء ثالث في العام 2007 بعنوان {أوشن 13} رصدت له ميزانية الجزء الأول نفسها، التي بلغت 85 مليون دولار لكن إيراداته لم تتجاوز الـ 624,312,311 دولار ما دعا إلى توقف السلسلة عند هذا الحد. إلا أن المنتج محمد السبكي اتخذ قراراً باستكمال السلسلة وطرح {أوشن 14}!

Ad

كان من الممكن أن ينضم {أوشن 14} إلى قائمة الأفلام التي تُحسن توظيف فن {البارودي}Parody ، أي فن المحاكاة الساخرة من الأفلام والأغاني والمسرحيات، وربما الشخصيات العامة، لكن التجربة عانت هزالاً وركاكة في ما يتعلق بكتابة السيناريو، واستثمار المواهب الجديدة (محمد أنور، حمدي مرغني، كريم عفيفي ومصطفى خاطر) التي يعود الفضل في تقديمها للممثل أشرف عبد الباقي من خلال عروض {تياترو مصر} قبل أن يصبح اسمه {مسرح مصر}، وجاء الفيلم ليهدر طاقاتهم، ويخصم الكثير من رصيدهم!

في {أوشن 11} تخطط عصابة تضم 11 فرداً، على رأسها داني أوشن (جورج كلوني)، لسرقة أحد كازينوهات المراهنات الشهيرة في لاس فيغاس، وفي{أوشن 12} تتعرض العصابة لتهديد من صاحب الكازينو الذي يُطالبها بإعادة كل دولار سرقوه، ويصبح الكل مجبراً على خوض عملية جديدة لتدبير المبلغ المطلوب، وفي {أوشن 13} تنفذ العصابة العملية الأخطر لسرقة كازينو من جديد، أما في {أوشن 14} فيستبدل كتاب السيناريو: أحمد مجدي، عمرو بدر وإيهاب بليبل البطل الأميركي {داني أوشن} بالصعلوك المصري {طاعون} (عمر مصطفى متولي)، الذي يفشل في إقناع المطربة الإماراتية {أحلام} بالتعاون معه، والموافقة على غناء بعض قصائده، ويثأر لكرامته بأن يُخطط لسرقة مجوهراتها عند وصولها إلى مصر لإحياء حفلة غنائية في شرم الشيخ!

توظيف طيب لفن {البارودي}، الذي يقوم على إعادة إنتاج عمل ما وتقديمه برؤية مغايرة ساخرة أو صياغة درامية مختلفة قد تضيف طرافة إلى العمل القديم أو تفسده، لكن الكتّاب الثلاثة، ومعهم المخرج الشاب شادي الرملي في أول تجاربه الإخراجية الطويلة، اكتفوا بالفكرة الساخرة (سرقة مجوهرات أحلام)، ولم يتقدموا خطوة أكثر من هذا، فالمواقف عشوائية، والارتجال صارخ، وكل ممثل يستثمر رصيده لدى الجمهور الذي أحبه في تجربة، تياترو مصر، ليقدم أداء فوضوياً لا يخلو من الافتعال، وربما {الاستظراف}، باستثناء بعض الاجتهادات الفردية الخلاقة من بيومي فؤاد في دور {عبد الملك حنطور} وحمدي مرغني في دور {مرعي} ومصطفى خاطر في دور الضابط {صفاء شيرين عصمت} وأمجد عابد في دور {العو}. فالتطويل سمة للفيلم، الذي يُفترض أنه كوميدي، ما أوقعه في فخ الملل والرتابة (مونتاج وائل فرج)، ولم تُفلح الأفكار والحوارات والمواقف التي تخاطب الغرائز، كالإفيهات المبتذلة والكلمات التي تحتمل معنيين، إحداهما جنسي قبيح، والحديث عن العطر المثير للشهوة الجنسية، واستعراض الأجساد العارية للراقصة الشعبية، واستغلال مفاتن الممثلتين نرمين ماهر وباسنت السبقي، والزج بأغنية المطرب أحمد شيبة، في انتشال الفيلم من السقوط في هوة سحيقة من الافتعال والتخبط واستجداء الضحكات بشكل يثير الشفقة!  

في {أوشن 14} أمور تخاصم المنطق الدرامي، كالزج بالقبيلة السيناوية التي تتوعد ضابط الشرطة، وأخرى خارجة عن اللياقة،  حتى لو قيل إنها جاءت في إطار السخرية اللاذعة، كاتهام المطربة {أحلام} بالانتماء إلى شبكة جاسوسية ماسونية، والاحتفال بنجاح عملية سرقة المجوهرات بالأغنية الوطنية {اللي ضحى لأجل وطنه}، ومحاكاة بيومي فؤاد لمنتخب الساجدين، والتصوير {السيلفي} مع {رئيس العملية} بينما جاء مشهد استيقاظ الشباب من الغيبوبة على الأغنية الشهيرة للشاب خالد {C›est La Vie} رائعاً على صعيدي عمق الفكرة وإبهار الصورة (تصوير أشرف جابر) لكن عاد التطويل والملل في مشهد محل الألعاب و{فيللا السبكي}، وظهر الأداء المنفر للمنتج محمد السبكي، الذي يُصر على تقديم نفسه كممثل، وتتزايد مساحة تواجده فيلماً بعد الآخر في فجاجة لا تقل عن فجاجة النهاية الملفقة للفيلم!