أعطى عام 2015 المنصرم إشارة خطر قوية للدول المنتجة للنفط، بعد أن تكشفت معلومات وأرقام واضحة تشير إلى توجه العالم نحو الاستثمار في الطاقة المتجددة.

Ad

إذ تشير نتائج العام الماضي إلى أن معدل الاستثمار العالمي في مشاريع هذا النوع من الطاقة تضاعف من 98 مليار دولار في 2005 إلى 330 ملياراً في 2015، وأن ثلث هذه القيمة التصاعدية كان خلال آخر 3 سنوات، فضلاً عن أن الاعتماد على الطاقة المتجددة تصاعد من استهلاك الطاقة عالمياً خلال نفس الفترة من 8 في المئة إلى 18 في المئة.

 وتتوقع الوكالة الدولة للطاقة المتجددة (إيرينا) أن تصل نسبة "المتجددة" من إجمالي الطاقة عالمياً في 2030 إلى 36 في المئة، خصوصاً مع التقدم الحاصل في التكنولوجيا التي تستهدف تخفيض كلفتها الإنتاجية إلى جانب الصيانة، إضافة إلى خلق قيمة مضافة من حيث فرص العمل والنمو الاقتصادي، إذ تتوقع الوكالة أن يبلغ عدد العاملين في تكنولوجيا هذه الطاقة الخاصة بالكهرباء والمباني والمواصلات والمحطات بحلول عام 2030 نحو 16.7 مليون فرد حول العالم.

ويمكن تعريف الطاقة المتجددة، بشكل مبسط، بأنها الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية، التي لا تنفد كالرياح والمياه والشمس، كما يمكن إنتاجها من حركة الأمواج والمد والجزر، أو من طاقة حرارية أرضية، وحتى من المحاصيل الزراعية والأشجار المنتجة للزيوت.

مخاوف المصدرين

لا شك أن نمو الرهان على الطاقة المتجددة يزيد من مخاوف مصدري النفط، خصوصاً الخليجيين، الذين تعتمد دولهم على إيرادات النفط بنسب قياسية تصل ذروتها في الكويت إلى ما يفوق 93 في المئة، إذ باتت ألمانيا في نهاية 2015 تغطي 33 في المئة من استهلاكها للطاقة من "المتجددة"، إضافة إلى ارتفاع استهلاك هذا النوع الطاقة في حوالي 85 في المئة من دول الاتحاد الأوروبي، فأصبحت السويد تستهلك أكثر من نصف طاقتها من المصادر "المتجددة"، وفنلندا 38 في المئة، والنمسا 33.1 في المئة، والدنمارك 29.2 في المئة، وذلك ضمن خطة أوروبية للتحول إلى الطاقة المتجددة والاستقلال عن مصادر الطاقة التقليدية، لتحقيق أهداف حماية البيئة والمناخ، فضلاً عن العائدات الاقتصادية والمالية.

أما في آسيا فوتيرة الرهان على هذا النوع من الطاقة تبدو أيضاً متسارعة، إذ جمدت اليابان العمل بمحطاتها النووية البالغ عددها 43 في أعقاب كارثة محطة (فوكوشوما) للكهرباء عام 2011، لتتجه إلى الطاقة المتجددة، حيث ارتفعت طاقة توليد الكهرباء من مصادر متجددة إلى ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في 2011، غير أن التركيز في الصين ليس على الإنتاج بل على الاستثمار في إنتاج الألواح الشمسية، وهو توجه أسهم في خفض كلفة تشغيل الطاقة الشمسية بـ60 في المئة منذ 2010.

استثمارات خليجية

خليجياً، أعلنت السعودية، قبل عامين، ضخ 100 مليار دولار في مجال بحوث ومشاريع الكهرباء المتجددة، معظمها في الطاقة الشمسية، وسط مساعٍ لتصدير الكهرباء المولدة من هذا النوع إلى أوروبا خلال 20 إلى 25 عاماً مقبلة، بينما تتجه قطر إلى أن يكون ما بين 18 و20 في المئة من طاقتها المستخدمة بحلول 2018 من الطاقة المتجددة وتحديداً الشمسية.

وتسعى الإمارات إلى بلوغ ما يناهز 10 في المئة من هذه الطاقة عام 2020، في حين استقطبت سلطنة عمان استثمارات من صناديق سويسرية وألمانية بـ600 مليون دولار لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة 400 ميغاواط، مستهدفة إنتاج 10 في المئة من حاجتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول 2020.

ومع أن الكويت تعتبر أولى دول الخليج من حيث التفكير في الطاقة المتجددة، إذ بدأت ذلك منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي فإن مشاريعها الفعلية في هذا الاتجاه تنحصر في مشروعي الشقايا والعبدلية، اللذين سينتجان نحو 110 ميغاواط من الطاقة الكهربائية من أصل 15 ألف ميغاواط تحتاج إليها البلاد سنوياً، وسيوفران ما يعادل 26 مليون برميل نفط سنوياً، أي ما يعادل إنتاج 13 يوماً من النفط فقط، وهو رقم ضئيل جداً في استثمار الطاقة الشمسية مقارنة باستثمارات الدول الخليجية الأخرى، فضلاً عن أنه لا يتناسب مع الوعود الحكومية بتغطية 15 في المئة من إجمالي استهلاك الطاقة محلياً بحلول 2030.

سوق رائج

وتعد عملية تصدير الألواح الشمسية رهاناً رائجاً في العديد من الدول، ويمكن أن يكون ذلك مهماً في تنويع مصادر الدخل القومي، إذ تتوقع شركة إكسون موبيل، أحد عمالقة صناعة النفط في العالم، نمو قدرات الطاقة الشمسية لتصبح في 2040 أكبر بما يتجاوز 20 مرة ما كانت عليه في 2010.

وبالتالي فإن البحث عن مصادر الطاقة المتجددة في الكويت ومدى ملاءمتها للظروف المناخية وكيفية الاستفادة منها في تنويع مصادر الطاقة بجميع أشكالها والعمل على تحييد التحديات التي تقف حائلاً أمامها، بات ضرورياً للاستفادة القصوى من تلك المصادر، خصوصاً أن السعودية، التي تتشابه مع الكويت مناخياً، أطلقت مؤخراً مجموعة من الأبحاث لتجاوز أثر الغبار السلبي على توليد الطاقة الشمسية.

تحديات الاستثمار بالطاقة المتجددة تتنامى اليوم في العالم، مقابل سوق نفط هش يعاني فائض العرض وقلة الطلب وضعف الاقتصاد العالمي ودخول نفوط غير تقليدية، فضلاً عن الخلافات بين كبار المنتجين، وهذه كلها عوامل تؤثر سلباً على مَن يعتمد أكثر على النفط في إيراداته السنوية.