صفقات الحكومة الأرجنتينية لإعادة هيكلة ديونها تصطدم بالواقع
قد يكون الأمر منذ 14 سنة، ولكن حملة السندات التي تبلغ قيمتها 900 مليون دولار، والتي تخلفت الأرجنتين عن دفعها في سنة 2001 يتعين أن يحصلوا على مستحقاتهم عما قريب، وفي الثاني من فبراير الجاري أعلن وزير المالية الأرجنتيني الجديد ألفونسو برات غاي اتفاقاً مع حملة السندات الإيطاليين بمبلغ يصل الى 1.35 مليار دولار، أو 150 في المئة من رأس المال.وتعتبر هذه الاتفاقية التي لا تزال في حاجة الى الحصول على موافقة الكونغرس في الأرجنتين صغيرة الى حد كبير؛ فهي تغطي 15 في المئة فقط من «الرافضين» الذين لم يقبلوا بإعادة الهيكلة في سنة 2005، وفي 2010، ولكنها تشكل سابقة مهمة.
كان طلب الدائنين يصل الى 2.5 مليار دولار، بما في ذلك دفعات الفائدة المعلقة، كما أن الأرجنتين تأمل اقناع الـ85 في المئة المتبقين بقبول عملية شطب مماثلة، ولا تبدو احتمالات ابرام مثل هذه الصفقة على نطاق أوسع واعدة على أي حال.وكان تخلف الدين السيادي للأرجنتين في سنة 2001 والذي وصل الى 82 مليار دولار الأكبر من نوعه في ذلك الوقت. وقد وافق حوالي 93 في المئة من حملة السندات في وقت لاحق على مبادلة ديونهم التي لم تسدد بأسهم جديدة، وقبلوا بعملية شطب بلغت 65 في المئة من مستحقاتهم، ولكن السندات الأصلية لم تتضمن فقرة «عمل جماعي» التي يمكن أن تشمل إجبار اعادة هيكلة بالنسبة الى كل أصحاب السندات اذا وافقت نسبة معينة منهم على ذلك، وقد رفض بقية الدائنين هذا العرض، وفضل البعض اللجوء الى المحاكم لتحصيل مبالغهم كاملة.في محاكم نيويوركوحققت مجموعة من هؤلاء الدائنين، بقيادة صندوق التحوط ايليوت مانجمنت، درجة من النجاح في محاكم نيويورك التي شهدت قوانينها كتابة بعض السندات الأصلية، ونصت بعض تلك الأحكام على منع الأرجنتين من دفع فوائد الديون التي تمت اعادة هيكلتها، الا اذا تم دفع المبالغ الى الرافضين بصورة تامة، كما أن المحكمة منعت البنوك ذات العمليات في الولايات المتحدة من تسهيل مثل تلك الدفعات.ونتيجة لذلك تخلفت الحكومة الأرجنتينية عن سداد قيمة السندات التي أعيدت هيكلتها في سنة 2014 (وكانت تلك محاولة من أجل الالتفاف على الحكم عن طريق تسديد الدفعات الى حملة تلك السندات في الأرجنتين بعيداً عن محاكم نيويورك).وقد أفضى تكرار التخلف عن السداد الى تقييد قدرة الأرجنتين على الوصول الى أسواق الائتمان الدولية كما أعاق جهودها الرامية الى إنعاش اقتصادها المريض.وعود الرئيس الجديدفي شهر ديسمبر الماضي، تسلم الرئيس الأرجنتيني الجديد موريشيو ماكري مقاليد الحكم ووعد بإبرام اتفاق مع الدائنين الرافضين وإعادة النشاط الى اقتصاد البلاد، وقد ساعد انتهاء فقرة في الاتفاقات التي تمت اعادة هيكلتها تلزم الأرجنتين على توسيع أي اتفاق محسن تبرمه مع الرافضين، بحيث يشمل كل حملة السندات الأصليين. وبعد اجتماعات أولية في شهري ديسمبر ويناير الماضيين قام مسؤولون أرجنتينيون بفتح مفاوضات رسمية مع دانييل بولاك وهو وسيط عينته المحكمة، ومع عدد من حملة السندات الرافضين في نيويورك في الأول من فبراير الجاري، وقد استمر الاجتماع الأول أربع ساعات فقط، وأقرت الأرجنتين أنها «لا تزال تعمل» من أجل بحث عرض جديد.ويقدر بولاك أن مطالب الرافضين بما في ذلك الفوائد المستحقة تصل الآن الى 400 في المئة من رأس المال وهو رقم يعادل 9 مليارات دولار، وقد رفضت مجموعة الرافضين عروضاً أقل تصل الى 150 في المئة في فترات سابقة.جهود التفاوضولكن الحكومة الأرجنتينية عملت جاهدة في الأسابيع القليلة الماضية من أجل تعزيز موقفها في التفاوض – وبعد اجتماع عقدته مع السيد برات – غاي في الحادي والعشرين من يناير في مدينة دافوس السويسرية تعهد وزير الخزانة الأميركي جاك ليو بعدم معارضة الولايات المتحدة لعمليات اقراض الأرجنتين في البنك الدولي وفي بنك التنمية في أميركا. كما تمكنت الأرجنتين أيضاً من اقناع بنوك خاصة بتقديم قروض لها. وفي 29 يناير الماضي أعلن البنك المركزي في الأرجنتين أنه ضمن قرضاً بقيمة خمسة مليارات دولار من مجموعة بنوك دولية بما في ذلك بنوك اتش إس بي سي وجي بي مورغان تشيس وسانتاندر.وخفف ذلك من الضغوط المباشرة على الأرجنتين، ولكن برنامج السيد ماكري السياسي لا يزال يعول على العودة الى أسواق رأس المال الدولية، ويقدر العجز المالي للأرجنتين بحوالي 7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، وسوف تكون الحكومة في حاجة الى 30 مليار دولار لتمويل عملياتها في هذه السنة – بحسب تقديرات ميغيل كيغويل وهو مدير شركة ايكوفيوز الاستشارية المحلية.ومن جهته يملك البنك المركزي الأرجنتيني 30 مليار دولار من احتياطي العملة الأجنبية، ويقول كيغويل إن «الأرجنتين في سباق مع الزمن وسوف يكون من الصعب جداً جمعها مثل ذلك المبلغ».موافقة الكونغرسثم إن أي اتفاق تبرمه الأرجنتين مع الدائنين الرافضين يجب أن يحظى بموافقة الكونغرس حيث يتمتع حزب الرئيس بأقلية، وسوف يتطلب الأمر مهارة كبيرة من أجل تسويق اتفاق في أوساط المعارضة السياسية التي ظلت تقاوم لسنوات تحقيق تسوية مع صناديق الجشع التي اشترت ديون البلاد بخصومات عالية.وخلال الجولة الأولى من اعادة الهيكلة في سنة 2005 طرحت الأرجنتين قانون بادلوك الذي كان يهدف الى منع إعادة فتح المفاوضات ثانية في وقت لاحق، وقد علقت لمدة سنة بغية تمكين الأطراف المعنية من اعادة الهيكلة في سنة 2010، ولكنها ظلت قائمة على الدفاتر فقط.والقانون الذي حاولت الأرجنتين بموجبه توجيه الأموال الى حملة السندات التي أعيدت هيكلتها يمكن أن يعوق أيضاً المصادقة على أي اتفاق جديد.