هناك شبهات تعارض مصالح تحوم حول بعض القرارات والسياسات العامة، ومن ضمنها، على سبيل المثال لا الحصر، قانون الاستقرار المالي الذي اتخذ بعد الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي تفجرت عام 2008، وقرارات ضخ أموال عامة في البورصة وفي سوق العقار.

Ad

يحدث الفساد السياسي وتعارض المصالح عند استخدام السلطة العامة وتجييرها لمنافع وأغراض خاصة، ولذلك يفترض بمن يتولى المسؤولية العامة (أعضاء مجلس الأمة والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة) ألا يمارس العمل التجاري مباشرة، أو يكون عضواً في مجلس إدارة شركة أو ما شابه، أو أن يكون لأحد أقربائه من الدرجة الأولى حصة مؤثرة في الشركات الخاصة التي له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقرارات التي يتخذها أثناء مدة توليه المنصب. (نصت المادة 121 من الدستور على ما لا يجوز لعضو مجلس الأمة أن يمارسه خلال مدة عضويته).

وإذا ما طبقنا ذلك على واقعنا المحلي الذي يعاني عدم شفافية العمل السياسي والعام، وضعف الرقابة الشعبية على القرارات العامة نتيجة للتراجع الديمقراطي المؤسف، فسنجد أن هناك شبهات تعارض مصالح تحوم حول بعض القرارات والسياسات العامة، سواء التي سبق اتخاذها، ومن ضمنها، على سبيل المثال لا الحصر، قانون الاستقرار المالي الذي اتخذ بعد الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي تفجرت عام 2008، وقرارات ضخ أموال عامة في البورصة وفي سوق العقار، أو القرارات التي سيتم اتخاذها لتنفيذ السياسة الاقتصادية والمالية الحالية أو ما يُسمىّ "وثيقة الإصلاح الاقتصادي والمالي"، وذلك لأن عددا من كبار المسؤولين في السلطتين هم من كبار رجال الأعمال ولديهم، قبل توليهم المنصب وأثناءه، شركاتهم الخاصة المعروفة للجميع والتي تتأثر بطريقة أو بأخرى بالقرارات التي يتخذونها مثل القرارات المتعلقة بالمشاريع الإسكانية أو بسياسة الخصخصة بشكل عام وخصخصة الجمعيات التعاونية والقطاع النفطي بشكل خاص.

من هنا تأتي أهمية الإصلاح السياسي والديمقراطي وضرورته، حيث إن وجود أنظمة ديمقراطية حقيقية يحد إلى درجة كبيرة من عملية الفساد السياسي المؤسسي وتعارض المصالح نظراً لوجود درجة عالية من الشفافية في العمل السياسي المُنظّم، علاوة على وجود رقابة شعبية فاعلة، ورأي عام مؤثر مثلما حصل لرئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون" بعد نشر "وثائق بنما"، حيث اتهمته المعارضة بتضليل الرأي العام وأجبرته بجانب ضغط الرأي العام على الاعتراف بعد تلكؤ لعدة أيام بأنه كان يملك حصة (30 ألف جنيه إسترليني) في استثمارات والده التي ورد ذكرها في "وثائق بنما" باعها قبل أربعة أشهر من توليه منصب رئاسة الوزراء.

 ليس ذلك فحسب بل إن رئيس الوزراء البريطاني أُرغم نتيجة للضغط السياسي والشعبي على الاعتذار علناً لأن طريقة تعامله مع الموضوع منذ بداية إثارته غير شفافة، ثم أُجبر، في خطوة تاريخية غير مسبوقة، على نشر تفاصيل بياناته الضريبية التي تثبت عدم تهربه من دفع الضرائب، وذلك من أجل محاولة تجاوز الأزمة السياسية التي ما زالت تعصف برئاسته للحكومة.