البحر والصيد والأسماك والشباك والقوارب الخشبية... عالم واسع وزاخر تفتّح عليه خيال الشاعر سيد حجاب الذي بدأ مشواره الشعري مبكراً، وعندما اكتشف والده موهبته في الحادية عشرة درسه علم العروض، وحين وصل إلى التعليم الثانوي كان يكتب شعر الفصحى بإتقان. لكن سرعان ما اكتشف ضرورة تغيير أداة التعبير التي يملكها، فكتب شعر العامية، فعمّق ذلك ارتباطه بقضايا مجتمعه وبأهله من الصيادين.

Ad

قدمه الشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين في مجلة «صباح الخير»، في ستينيات القرن الماضي وقال عنه: «عندما أبحث عن كلمات أقدم بها هذا الشاعر الجديد لا تلبيني إلا الكلمات العاطفية، وإذا كان ثمة حب من النظرة الأولى فقد أحببت الشاعر هذا من الشطرة الأولى».

أثرى حجاب المكتبة والشاشات العربية بأعماله الشاعرية وأغانيه التي ترنم بها وتغنى العالم العربي، ورغم تخطيه الخمسة والسبعين عاما فما زال لديه مشروعات جديدة كثيرة في جعبته. التقته «الجريدة» وكان هذا الحوار.

أخبرنا عن مشاريعك الإبداعية الجديدة؟

ثمة أفكار كثيرة في الطريق، أولها أنني أوشكت على الانتهاء من كتابة قصيدتي الأخيرة بعنوان «تاتا خطي السبعين»، حيث أضع تجربتي الإنسانية والشعرية كافة برؤية شمولية تعكس تطورات القرن العشرين. بدأت الكتابة فيها وأنا على مشارف السبعين، وهي مقسمة إلى ثلاثة أقسام: «باب الحق ــ باب الخير ــ باب الجمال»، وهي الثلاث قيم التي أؤمن بها جداً. كذلك أعمل على كتابة فيلم يؤدي فيه الغرافيك دوراً أساسياً، وهو فيلم غنائي استعراضي يدور في أجواء فرعونية. واقترب من الانتهاء من مسرحية لها طابع الفانتازيا، وأحلم أن أنفذ مشروع «مسرح شارع» وأعيد إحياء تلك الأجواء بتمثيل ما حدث أثناء ثورة يناير وصياغة الأحلام التي فجرتها.

سبق أن قدمت قراءة للواقع قبل أكثر من خمس سنوات.

فعلاً، كتبت في عام 2009 قصيدة بعنوان «قبل الطوفان الجاي»، وكانت محاولة لقراءة أحوال القرن الـ21 حيث تنبأت بتغير كبير على المستويات كافة في العالم كله، وببدء هزيمة المشروع «الصهيوأميركي» لتقسيم المنطقة من الشرق الأوسط، وأوضحت أن هزيمة هذا المشروع هي بداية للدخول في العالم الجديد، وستكون على أيدي شباب لا يغويه الذهب ولا يخاف السوط. وبعد مرور عام تقريباً قامت ثورة 25 يناير وباقي ثورات العالم العربي، فتأكدت من صحة قراءتي للواقع.

المشهد الثقافي

كيف ترى المشهد الثقافي الراهن؟

تتميز المنطقة العربية بالتنوع في الثقافات الذي يصل إلى حفاظ وتمسك منطقة أو محافظة أو قبيلة ببعض تراثها وتطوره بشكل يحافظ على القديم ويحقق الحديث بتوليفة جاذبة تتكون عبر سنوات من العمر وتراكم تجارب إنسانية وسياسية واجتماعية وثقافية، ما يترتب عليه اختلاف حقيقي على المستوى الداخلي للمنطقة العربية وعلى المستوى العالمي، وفي ظل هذا الواقع نكتشف أن ما يريده التطرف يختلف وفق ما تمتلكه كل دولة على حدا، فما يريده من دول الماء يختلف عما يريده من دول النفط، والهدف وراء ذلك تقسيم بل تفتيت الدول العربية والسيطرة على مقدراتها بالمعنى الكبير للكلمة.

ما تقييمك لأداء وزارة الثقافة في مصر؟

أنا متفائل في وزير الثقافة المصري الراهن الكاتب حلمي النمنم، وأعتقد أن أهدافاً ثقافية كثيرة تتحقق بعد فترة الارتباك الثقافي التي مرت بها مصر، خصوصاً أنه تحدث عن أفكار تنويرية من المفترض أن تخلخل الأفكار المتطرفة، ثم التأسيس لأفكار تليق بحاضرنا وحضارتنا، خصوصاً أننا في أشد الحاجة إلى ثورة ثقافية.

تشغل راهناً منصب رئيس جمعية المؤلفين والملحنين ماذا عنها، وما رؤيتك لتطويرها؟

تشرفت بعد الانتخابات التي أجريت في جمعية المؤلفين والملحنين برئاستها واكتشفت مدى أهمية إعادة إحياء دورها الأساسي في حماية حقوق المؤلفين الدور الذي بدأ منذ إنشائها عام 1945، وما زالت رائدة في حماية حقوق المؤلف ابتداء من الرواد سيد درويش القصبجي ومحمد عبد الوهاب حتى تقلص دورها في الآونة الأخيرة، لذلك عملت على تحديث هيكل الجمعية ونقل بياناتها على الشبكة العنكبوتية لوضع الجمعية على خريطة مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن ثمة انتهاكات كثيرة تقع على المؤلفين والملحنين ولا أحد يدرك أن ليس من حق أي شخص اقتباس لحن لأغنية أو تحريف كلماتها لأي سبب إلا بعد أن يمر عليها 50 عاما.

محاربة الإرهاب

كيف نحارب الأفكار المتطرفة والإرهاب؟

لا مفر من محاربة الأفكار المتطرفة والإرهاب بالفكر، وأستشعر أننا مقبلون على معركة كبرى مع الإرهاب. وأعتقد أن وجهة داعش الأخيرة ستكون إلى مدينة «سيرت» بليبيا على حدودنا المصرية، ثم الاستيلاء على مصر، الهدف الحقيقي وراء كل ما يحدث لضمان سيطرتها على المنطقة كلها، من ثم إقامة دولتهم المزعومة، بضرب الوحدة الوطنية داخل مصر ومحاربة جيشها الوطني. فلا شك في أننا مقبلون على معركة طاحنة مع الإرهاب تستدعي التكاتف الحقيقي، وانتصارنا فيها ضمانة لتقدم المنطقة والحفاظ على تراثنا، لذلك لا بد من تجفيف منابع الفكر الظلامي الذي يتسلل على مؤسساتنا الدينية والتربوية والتعليمية من خلال سيادة منهج تلقيني وتجهيلي وغير تنويري. ومن جانب آخر لا بد من معالجة اجتماعية تقوم على العدل لأن الإرهاب يتغذى على المظالم الاجتماعية، ولهم وللجميع أقول: