تؤدي المرأة دوراً مهماً في كثير من لوحات الفنانة التشكيلية الكويتية شيخة سنان، وعبرت عنها من خلال أيقونة الحنين والغياب في معرضها الأخير. تؤمن سنان بأهمية المشاركات في المعارض الجماعية والورش الفنية لما تقدمه من دور مهم في إثراء تجربة الفنان التشكيلي من خلال الاطلاع على تجارب الآخرين والاستفادة منها، ومن هذا المنطلق كانت مشاركتها الأخيرة في القاهرة وتونس.

Ad

«الجريدة» التقتها وكان هذا الحوار:

شاركت أخيراً بخمس لوحات في معرض جماعي في تونس، كيف ترين هذه المشاركة؟

جاءت مشاركتي بناء على دعوة من رئيسة جمعية الفنانات المغربيات سارة بن عيسى. تمّ تنظيم معرض جماعي ضمّ فنانين من دول عربية وإفريقية من بينها تونس والمغرب والجزائر وموريتانيا، ولكني من الشرق بالطبع وشاركت بخمس لوحات عن المرأة. هي تجربة مهمة وأشعر بسعادة بالغة لسرعة الاندماج والائتلاف مع الفنانات التونسيات. كذلك عقدنا أمسية فنية ارتدى خلالها كل فنان الزي التراثي لبلده، وقد انتقيت زياً يحافظ على الخطوط الأصيلة للزي الكويتي القديم، كذلك ألقيت خلال الأمسية أشعاراً. أرى أن هذه التجربة أضافت إلي الكثير وأكّدت لي أن المرأة التونسية جديرة بالاحترام والتقدير لأنها إنسانة «حقاوية».

لم تقتصر مشاركتك الفنية في تونس على لوحات فنية بل امتدت إلى الرسم مع الفنانين بجدارية لأحد المستشفيات. ماذا عن هذه التجربة؟

رسمنا جدارية في مستشفى الرازي للأمراض النفسية. كانت تجربة مثمرة لأنها أعطت مجالاً للمرضى لمشاركتنا في العمل، لا سيما أنهم يجب أن يظهروا مشاعرهم لأن لهم انفعالات تتوضح في اللون والخط والموسيقى، وقد تعايشت معهم واحترمتهم لأنهم رغم إعاقتهم الخاصة فإنهم يملكون طاقة كبيرة للإبداع.

 

ماذا عن ورشة العمل الفنية التي شاركت فيها أيضاً في القاهرة، وماذا تضيف إليك هذه المشاركات؟

تبعت هذه الورشة الفنية لأوستراكا، واستغرقت ستة أيام بين الأقصر وأسوان، حيث أقيمت على سطح السفينة، قدّمنا خلالها لوحات مختلفة القياسات، فيما عرض البعض «أسكتشات». في النهاية، أقمنا معرضاً في السفينة. أرى أن مثل هذه الملتقيات تفيد الفنان في التعرف إلى تجارب أخرى وشخصيات وفنانين وتجاربهم.

اللون... والمرأة

قدمت معرضاً بعنوان «كل لون في إطار». ماذا يؤدي اللون في لوحتك، وما هي أفضل ألوانك؟

اللون أساسي في العمل الفني عموماً، ويتغيّر حسب إحساس الفنان. بالنسبة إلي، تظهر ألوان مبهجة فيها طاقة نور عندما أكون في حالة من الفرح والشعور الجميل. كذلك أستعمل الألوان المقربة إليّ والتي لها علاقة بالبحر وأهله، لأنها ترمز إلى الكويت بلدي وأهلها الذين عاشوا ما بين البحر والصحراء، وشكلوا الكويت فيما يخصّ التجارة والغوص. لذا ترى سيمفونية البحر والصحراء تغلب في بعض أعمالي، لأن البّحار ورغم ما يراه من البحر وأهواله فإنه يغني في لحظة الخطر. كذلك البدوي الذي يتنقل كثيراً ويتعرّض لمخاطر الصحراء إلا أنه في الوقت نفسه له لحنه الخاص. إذاً هي سيمفونية البحر والصحراء، ومن هنا أستخدم اللونين الأزرق والأصفر بكثرة.

ولكن هل اللون يسبق الفكرة أم العكس في لوحاتك؟

ألعب أحياناً باللون الأول، والفكرة بالطبع حاضرة ولكن عندما أضع اللون يضيف فكرة تحركها الفرشاة.

تظهر في بعض أعمالك رسوم لشخصيات نسائية وفق بناء تشكيلي خارج عن التقليد والمألوف، ما السبب؟

الملامح ليست الأساس في عملي الفني، بل تشغلني العلاقة بين الخطوط والألوان، يمكن الإضافة بأسلوب مبهم يوحي بأن المرأة هي المقصودة، ولكن لا أرسمها واضحة.

هل تنتمين بدورك إلى اتجاه فني معين؟

لا أحبّ تقييد نفسي في اتجاه فني معين. أقدّم مشاعري كافة من خلال اللون والفرشاة، ربما يكون عملي قريباً من أسلوب معين من دون فرضه. عموماً، أعمالي قريبة من التجريدي التعبيري، إذ أهتم بالموتيفات الشعبية الكويتية من خلال النقوش في الأبواب والأعمدة الخشب، والسدو والملابس والمشغولات اليدوية، حيث أجردها ولا أرسمها بالطريقة الواقعية، بل أقوم بنوع من التفكيك وإعادة التركيب بما يتواءم مع العمل الفني.

كيف كانت بدايتك مع اختيار الفن التشكيلي؟

اخترت التشكيل برغبة تامة في هذا المجال. قررت عقب الثانوية العامة استكمال دراستي في الفنون الجميلة في مصر لصقل موهبتي وتأكيد هذا التخصص، ورزقني الله بوالد متفهّم لم يعارض سفري لدراسة الفن التشكيلي. وعلى العكس تماماً، لو لم أختر التشكيل لاخترته مرات عدة. هو تخصّص راق وكل تجربة تمنحنا عمقا أكثر.

طقوس... والمشهد الكويتي

هل لك أن تفشي لنا عن بعض طقوسك وما تبوحين به للوحتك؟

أؤكد في بعض لوحاتي الحنين والغياب من خلال طقوس معينة. أستشهد هنا بأحد أعمالي حيث جسدت المرأة واقفةً بكل شفافية وفي عينينها نظرة حزينة، في إشارة إلى زمن كان يسافر الزوح في أشهر الغوص للبحث عن اللؤلؤ وطلب الرزق، لمدة أربعة أشهر تاركاً المرأة بمفردها لتتحمّل مسؤولية البيت. وهي كانت في السنوات الماضية بطلة تشعر بالحنين إلى هذا الرجل. من هنا، أطلقت على إحدى لوحاتي «بس يا بحر» عنواناً للمرأة التي تحمل ولعاً وحنيناً إلى زوجها.

كيف تتجلّى صورة المشهد التشكيلي الكويتي؟

يصعد الخط البياني الخاص بالفن التشكيلي الكويتي ويهبط. ثمة اعتبارات كثيرة في هذا المجال. يوجد هواة وفنانون، ولكن لما صار لقب «فنان» يطلق على الجميع، لا بد من الإشارة إلى أنه على الشاب أن يكافح كي يستحق أن يكون فناناً.

شغلت منصب العميد لمعهد الفنون المسرحية في الكويت سابقاً، ماذا بعده؟

أي منصب يسرق الإنسان من اهتماماته الفنية، ذلك رغم أنني لم أكن منفصلة عن الفن، فخلال عمادتي معهد الفنون المسرحية كنت أحرص على الرسم، وأدرس مادة التشكيل والتصميم والأزياء، وكلها مواد ذات علاقة بالرسم. ولكني الآن تفرغت أكثر لمرسمي، وقدمت معرضين أخيراً فضلاً عن مشاركتي في معارض جماعية عدة. عموماً، لم يعد المنصب يقيدني في إطار معين.