ذكرت الحكومة أن "التحقيقات" جهة إدارية تعد فرعاً من فروع السلطة التنفيذية وتتبع وزير الداخلية، وليس من شأن ما أسند إليها من اختصاص بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء أو معاملة أعضاء الإدارة المعاملة المقررة لأعضاء النيابة العامة، اعتبارهم من أعضاء السلطة القضائية.

Ad

أحالت الحكومة الى مجلس الامة أمس الاول مرسوما مسببا برد قانون "الادارة العامة للتحقيقات" الذي أقره مجلس الامة في جلسة 1 مارس الماضي، معتبرة ان هذا القانون شابه عوار دستوري وخلل قانوني.

وجاء في نص المرسوم رقم 91 لسنة 2016 برد المشروع الذي تسلمه رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم امس الاول واحاله الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية ما يلي:

من حيث ان مجلس الامة نظر بجلسته المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 1/3/2016 التقرير المقدم من لجنة الشؤون التشريعية والقانونية عن الاقتراح بقانون المقدم من بعض السادة اعضاء مجلس الامة بتعديل بعض احكام القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الادارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية حيث تنص المادة الاولى من هذا الاقتراح بقانون على ان: "يستبدل بنص المادة 10 من القانون رقم 53 لسنة 2001 المشار اليه النص الاتي:

"تصدر بمرسوم مرتبات وبدلات وعلاوات اعضاء الادارة العامة للتحقيقات والمدد البينية اللازمة كحد ادنى للبقاء في الدرجة على النحو المقرر لنظرائهم من اعضاء النيابة العامة المطبق في شأنهم احكام القانون رقم 23 لسنة 1990 بتنظيم القضاء ويسري عليهم ما سرى على نظرائهم بالنيابة العامة من مكافآت ومميزات مالية او عينية اخرى اثناء الخدمة او عند انتهائها سواء كان مصدرها القانون او اللوائح او القرارات.

ولا يجوز نقل او ندب اعضاء الادارة العامة للتحقيقات الى غير الوظائف الواردة بهذا القانون واستثناء من ذلك يجوز بقرار من وزير الداخلية ندب عضو الادارة العامة للتحقيقات القيام باعمال وظيفية قانونية اخرى لمدة لا تجاوز سنة قابلة للتجديد مرة واحدة".

ومن حيث ان مجلس الامة قد وافق في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء الموافق 1/3/2016 في المداولة الاولى على الاقتراح بقانون السالف ذكره حسبما ورد من اللجنة، كما وافق عليه في المداولة الثانية التي تمت في ذات الجلسة.

ولما كان هذا المشروع بالقانون تشوبه الملاحظات الدستورية والقانونية والعملية التالية:

1 - تنص المادة 50 من الدستور على ان "يقوم نظام الحكم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور، ولا يجوز لاي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصها المنصوص عليها في هذا الدستور".

وتنص المادة 52 من الدستور على ان "السلطة التنفيذية يتولاها الامير ومجلس الوزراء والوزراء على النحو المبين بالدستور".

وتنص المادة 167 من الدستور على ان "تتولى النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع، وتشرف على شؤون الضبط القضائي، وتسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام، ويرتب القانون هذه الهيئة وينظم اختصاصاتها ويعين الشروط والضمانات الخاصة بمن يولون وظائفها.

ويجوز ان يعهد بقانون لجهات الأمن العام بتولي الدعوى العمومية في المجتمع على سبيل الاستثناء، ووفقا للأوضاع التي يبينها القانون".

وتنص المادة 9 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1960 على أن "تتولى النيابة العامة سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنايات.

ويتولى سلطة التحقيق والتصرف والادعاء في الجنح محققون يعينون لهذا الغرض في دائرة الشرطة والأمن العام. وتثبت صفة المحقق ايضا لضباط الشرطة الذين يعينهم النظام الداخلي المنصوص عليه في المادة 38...".

وتنص المادة 1 من القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية على ان "مع عدم الإخلال بالأحكام المقررة في اي قانون اخر، تتولى الإدارة العامة للتحقيقات بوزارة الداخلية الاختصاصات المقررة لها طبقا لأحكام المادة التاسعة من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية".

وتنص المادة 4 من ذات القانون على ان "يكون تعيين مدير عام التحقيقات ونوابه بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية، ويكون تعيين باقي اعضاء الادارة العامة للتحقيقات بقرار من وزير الداخلية بناء على عرض مدير التحقيقات".

ومن حيث انه يستفاد من النصوص السالف ذكرها اختلاف المراكز القانونية لكل من أعضاء النيابة العامة وأعضاء الإدارة العامة للتحقيقات، اذ ان النيابة العامة ليست من الجهات الادارية وانما هي جزء متمم ومكمل للسلطة القضائية بحكم إشرافها على شؤون الضبط القضائي، والسهر على تطبيق القوانين الجزائية وملاحقة المذنبين وتنفيذ الأحكام وذلك حسبما ورد بالمادة 167 من الدستور، ومن ثم فإن اعضاء النيابة العامة والقضاء يشكلون معا السلطة القضائية في حين انه لا خلاف في ان الادارة العامة للتحقيقات هي جهة ادارية تعتبر فرعا من فروع السلطة التنفيذية وتتبع وزير الداخلية، وليس من شأن ما اسند اليها من اختصاص بتولي الدعوى العمومية في الجنح على سبيل الاستثناء- وفقا لحكم الفقرة الثانية من المادة 167 من الدستور- أو معاملة أعضاء الادارة المعاملة المقررة لاعضاء النيابة العامة، ليس من شأن ذلك اعتبارهم من أعضاء السلطة القضائية.

حق الفيتو الأول في المجلس الحالي... والثاني لـ «التحقيقات»

استخدمت الحكومة حقها في رد القوانين المقرة من مجلس الامة في العديد من الفصول التشريعية، والتي كانت ملحوظة في عهد المجالس الاخيرة خاصة مجلس 2009 ثم المجلس "المبطل الاول"، وبرد الحكومة امس الاول الادارة العامة للتحقيقات فانها تعد المرة الاولى في عهد المجلس الحالي الذي مضى على تشكيله نحو ثلاثة اعوام وأقر نحو 96 قانونا.

ولم تكن هذه المرة الاولى التي ترد فيها الحكومة قانون "الادارة العامة للتحقيقات"، اذ انها سبق ان ردته عندما اقره مجلس الامة، وتصادف ان رده في مجلس 2009 كان في 18 ابريل 2011، اي تصادف رده مرتين في  شهر ابريل، كما هو الشهر ذاته الذي ردت فيه الحكومة في عهد المجالس السابقة العديد من القوانين، ومن ضمنها رد مشروع قانون بشأن قيام البنوك وشركات الاستثمار بإعادة جدولة أرصدة القروض الاستهلاكية والمقسطة المستحقة على المواطنين لديها وتنظيم منح هذه القروض مستقبلا، ورد قانون إعفاء اللحى للعسكريين لإعادة النظر فيه.