تمثيليات برلمانية!
تحويل المشهد السياسي برمته إلى تمثيلية متواصلة ومكررة هو الذي يكشف حالة التصنّع والدجل السياسي، وهذا ما نراه في المجلس الحالي منذ اليوم الأول لاجتماعه في منتصف عام 2013، والذي قد يستمر بمزيد من القصص المفبركة مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة في منتصف عام 2017.
استشهدنا عبر مقالات سابقة بالعديد من المواقف والمحطات البرلمانية، خصوصاً ما يتعلق بمستوى أداء مجلس الأمة وطبيعة الخطاب الذي استمرأه بعض النواب، في إشارة إلى الحالة المتواضعة في تركيبة البرلمان وما تحمله من نفسيات مريضة وربما مصابة بداء مستعصٍ على العلاج!دائماً في تشخيص هذه الحالة السلبية لم نبرئ أخطاء المجالس السابقة، وتدني مستوى الخطاب فيها، خصوصاً في السنوات الأخيرة، ولكن التطبيل والتهويل والتمجيد لنظام الصوت الواحد، باعتباره العصا السحرية لكل مشاكلنا السياسية والديتول الذي من شأنه أن يعقم مخلفات البرلمان السابقة، هو الذي يجعل من النقد الشديد ردة فعل طبيعية تجاه الكلام الهابط والعبارات السخيفة واستعراض العقل والعضلات والمطّارات التي لا تخلو من التمثيل، ومحاولة الضحك على ذقون الناخبين، وبإخراج مسرحي بات مكشوفاً دونما خجل أو حياء من الناس أو من المؤسسة التشريعية أو حتى من النفس. الخلاف في الرأي والموقف السياسي بين النواب والتيارات السياسية من الأمور الطبيعية، والنقاش الحاد قد يكون أحياناً من متطلبات العمل السياسي لهزيمة الخصم بالحجة والبرهان، وحتى الخروج عن ضبط النفس قد تكون حالات نادرة تعكس التوتر وطغيان الأعصاب.لكن تحويل المشهد السياسي برمته إلى تمثيلية متواصلة ومكررة، تحمل الأبطال أنفسهم والمفردات ذاتها وتصر على القضايا والموضوعات ذاتها، هو الذي يكشف حالة التصنّع والدجل السياسي، وهذا ما نراه في المجلس الحالي منذ اليوم الأول لاجتماعه في منتصف عام 2013، والذي قد يستمر بمزيد من القصص المفبركة مع اقتراب موعد الانتخابات القادمة في منتصف عام 2017.إذا صحت تصريحات أحد النواب بأن سيناريو الجلسة الأخيرة قد رُسم وتمَ الاتفاق عليه في منزله وبحضور من يفترض أنهم خصومه، وبوجود رئيس مجلس الأمة في هذا الاجتماع، فهنا تكمن الطامة الكبرى، ليس فقط على مستوى خلق قصة مفتعلة تحت قبة البرلمان إنما اختيار النص ونوعية السباب وعباراته، دون أن يكون هناك أي توضيحات رسمية حتى من السيد الرئيس!شخصياً لا ألوم بعض النواب، وإن كانت مداخلاتهم تحت قبة عبدالله السالم حافلة بالأخطاء اللغوية التي يتداركها حتى الطفل في المرحلة الابتدائية، والافتقار إلى أبسط قواعد إخراج الحروف من مواضعها، طالما أن ذلك جزء من المسرحية، ولكن اللوم الحقيقي يقع على فرق المطبلين من جمهور كل نائب، الأمر الذي يدعو إلى الشفقة على أولويات الناخبين التي تحولت إلى سب هذا النائب أو ضرب ذاك العضو، ونحن نعيش في مستنقع من الفساد والركود، وأبواب العجز المالي تدق أجراسها، والمنطقة من حولنا تسعر نارها، فهنيئاً لهيك ناخبين بهيك نواب!