أحيا زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري من بيروت، أمس، ذكرى اغتيال والده، متمسكاً بترشيح زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى الرئاسة، ما يعني تثبيته الخلاف مع حليفه زعيم «القوات» سمير جعجع، الذي تلقى انتقاداً لاذعاً ومحرجاً من الحريري خلال كلمته في «البيال».

Ad

شكلت عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، فجر أمس، إلى بيروت لكي يتقدم الصفوف في مجمع «البيال» بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري مفاجأة سارة لأنصار تيار «المستقبل»، نظرا الى الدلالات التي تشكلها عودة الحريري الابن في هذه الظروف المعقدة والصعبة، وفي ظل ما أصاب صورة قوى «14 آذار» من تصدعات.

وفي الوقت الذي لم يكن أحد يتوقع مشاركته شخصيا في احتفال «البيال»، وصل الحريري إلى بيروت وكما في المرتين السابقتين، فجرا من دون علم إلا قلة قليلة من المقربين جدا منه، وذلك لأسباب أمنية.

وشارك الحريري بذكرى والده في مجمع «البيال» بعد ظهر أمس، حيث حضرت وفود سياسية وشعبية للمشاركة بينها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع مع عقيلته النائبة ستريدا جعجع، إضافة إلى الرئيس أمين الجميل ورئيس «حزب الكتائب» سامي الجميل، في حين مثل وزير التربية الياس بوصعب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، وحضر تيمور جنبلاط لتمثيل والده، أما وزير الثقافة روني عريجي فحضر لتمثيل رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية.

«لكل الرؤوس الحامية»

واستهل الحريري كلمته بالقول: «زمن الوصاية السورية، لم يستطع أن يفبرك أشخاصا أكبر من لبنان. وزمن الاستقواء الإيراني، لن يستطيع أن يصنع قادة أكبر من لبنان. وكل أشكال الإرهاب لن تتمكن من وحدة لبنان. وكل عمليات الاغتيال لن تكسر أحلامنا بقيام لبنان. البعض لا يحب هذه العبارة، لأن من قالها هو الرئيس الشهيد. أما نحن فنجتمع في 14 شباط من كل عام، لنعلن على رؤوس الأشهاد: على نهجك مستمرون يا أبا بهاء، ولو كره الكارهون. ما في حدا أكبر من بلدو، ولا أحد سيتمكن من السطو على الجمهورية اللبنانية، لا بترهيب السلاح، ولا بإرهاب التطرف، ولا بمخالفة الدستور. لا أحد سيتمكن من السطو على الجمهورية اللبنانية، لا بالأحكام العسكرية الزائفة، ولا بأي وسيلة من وسائل التعطيل والفوضى لبنان لكل اللبنانيين، لا لفئة، ولا لطائفة، ولا لحزب، ولا لزعيم. هذا ما يجب أن يكون معلوماً لكل الرؤوس الحامية، التي تعلق مصير البلاد على مصالحها السياسية والمذهبية».

رفع مستوى الاعتراض السياسي

ورأى أن «هناك من قرر أن يقاتل في الأماكن الخاطئة وتحت شعارات خاطئة. وإذا كانت الدولة قاصرة عن وضع حد لهذا الخلل فإن هذا القصور يستدعي رفع مستوى الاعتراض السياسي على إقحام لبنان في الصراعات العسكرية، ويستدعي هذا القصور مناشدة أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية، المبادرة لتفكيك أخطر الألغام التي تهدد سلامة العيش المشترك».

 وقال: «إن لبنان يدفع يوميا من تقدمه واستقراره، ضريبة الارتجال السياسي، والاستقواء العسكري، والتذاكي الدبلوماسي، والارتباك الاقتصادي والاجتماعي، يدفع الاندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر عبر التحامل على الدول الشقيقة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي التي لم تبادرنا يوماً بأي أذى».

وقال متحدثاً عن علاقات لبنان بالدول العربية: «لن نسمح لأحد بجر لبنان إلى خانة العداء مع السعودية والأشقاء العرب، وهو لن يكون تحت أي ظرف ولاية إيرانية».

لهذه الأسباب رشحت فرنجية

وعن ملف الرئاسة، أعاد الحريري التذكير باجتماع الأقطاب الأربعة في بكركي، وقال: «بدأنا بمحاولة إنهاء الفراغ بالدكتور سمير جعجع، مرشحنا ومرشح 14 آذار. نزلنا إلى الجلسة وكل جلسة، 35 مرة، من دون نتيجة، وبقي الفراغ. في هذه الأثناء، طرحت داخل 14 آذار، فكرة أنه إذا لاقى الرئيس أمين الجميل قبولا من قوى 8 آذار يسحب د. سمير جعجع ترشيحه لمصلحته. هذا الأمر لم يحصل وبقي الفراغ».

وتابع: «قبل ذلك، كنا فتحنا حوارا مع العماد ميشال عون، وكانت نتيجته تشكيل حكومة جديدة، لكننا لم نتوصل إلى نتيجة بملف رئاسة الجمهورية، ولم نرشح العماد عون، بعكس ما يقول البعض اليوم، ولا حتى وعدناه بتأييد ترشيحه، وبقي الفراغ».

وأضاف الحريري: «من الأربعة، لم يبق إلا الوزير سليمان فرنجية. ونعم، بعد سنة ونصف من الفراغ، وبعدما رفض كل الأطراف، حلفاء وخصوم، تبني مرشح توافقي من خارج الأربعة الذين تعاهدوا في ما بينهم في بكركي، بعدما رفض كل الأطراف، حلفاء وخصوم، تبني مرشح توافقي من خارج الأربعة فتحنا حوارا مع الوزير فرنجية. هل رأيتم متى؟ بعدما أقفل كل مجال».

وأوضح: «الهدف هو إنهاء الفراغ، ووضع حد للتدهور، والعمل على تحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي وحماية النظام والسلم الأهلي».

وسأل الحريري: «أين الغلط؟ ولماذا أنتم متفاجئون؟ أصلا ما دوري؟ وما إرث رفيق الحريري سوى المحافظة على النظام والسلم وتحسين حياة الناس؟ خطوة خلطت الأوراق. نعم، خطوة أرغمت الجميع على إعادة وضع إنهاء الفراغ الرئاسي، الذي كان الجميع قد نسيه».

وعن لقاء معراب، قال: «نحن فخورون بهذه النتيجة. خطوة أدت بحلفائنا، القوات اللبنانية، لأن يتوصلوا بعد 28 سنة، لمصالحة تاريخية مع التيار الوطني الحر؟ نحن كنا أول الداعين وأكثر المرحبين بهذه المصالحة، وليتها حصلت قبل زمن بعيد، كم كنت وفرت على المسيحيين وعلى لبنان! خطوة أدت بالدكتور جعجع أن يقرر الانسحاب من السباق، ويعلن الجنرال عون مرشح القوات اللبنانية لرئاسة الجمهورية، هذا من حقه وحق الجنرال عون في نظامنا الديمقراطي ودستورنا».

وتابع: «تفضلوا إلى مجلس النواب وانتخبوا رئيساً، إلا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ. نحن كما كل مرة، من 21 شهرا، من 35 جلسة، سنكون أول الحاضرين، ومن ينتخب رئيساً، سنكون أول المهنئين، وأنا سأكون أول من يقول له مبروك فخامة الرئيس، وأول من يقول: مبروك للبنان! بهذه البساطة. أما أن يحملونا مسؤولية الفراغ، بعد 21 شهرا من تعطيل جلسات انتخاب، ويقولون إما المستقبل يعلن أن الجنرال عون مرشحه، أو أن الفراغ سيستمر، وليست هناك عجلة؟ إيه هيدي ما بتركب عا قوس قزح» ولا تنطلي على أحد».

«14 آذار»

وعن «14 آذار»، قال: «يعز عليّ، وعلى الإخوة والأخوات في تيار المستقبل، أن يأتي هذا اليوم، وسط مناخات غير مستقرة بين قوى 14 آذار، وأن تتقدم التباينات في وجهات النظر، على الثوابت التي نلتقي حولها».

وأضاف: «هذه مناسبة لدعوة قوى 14 آذار، وفي طليعتها تيار المستقبل، للقيام بمراجعات نقدية داخلية، يمكن أن تتولى الأمانة العامة تحريكها والعمل عليها، لتتناول كافة جوانب العلاقة بين قوى انتفاضة الاستقلال، بهدف حماية هذه التجربة الاستثنائية في حياة لبنان. مصير لبنان في يدنا نحن، ولبنان سيُحكم من لبنان، ولن يحكم من دمشق أو طهران أو أي مكان آخر».

وبعد انتهاء الكلمة التي ألقاها، دعا الحريري قيادات «14 آذار» إلى المنصة، لالتقاط صورة جامعة، للتأكيد أن «14 آذار» لا تزال موحدة.

جعجع حضر رغم الخلاف والخطر

على الرغم من الخلاف بين تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» في ملف رئاسة الجمهورية، ورغم الخطر الأمني الذي يهدده، حضر رئيس «القوات» سمير جعجع مع عقيلته النائبة ستريدا جعجع إلى «بيال»، لحضور الاحتفال في الذكرى الـ11 من اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وخلال القائه السلام على الحضور في الصف الأول، حرص زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على احتضان جعجع، حيث تبادلا القبلات والابتسامات.

جنبلاط: فلتكن اللعبة ديمقراطية

استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، في مقره بعين التينة، رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، يرافقه وزير الصحة وائل أبوفاعور، بحضور وزير المال علي حسن خليل.

وبعد خروجه من عين التينة، قال جنبلاط: «فلننزل إلى مجلس النواب، ولتكن اللعبة ديمقراطية».

وكان جنبلاط استهل نهاره أمس، بتغريدة على صفحته الخاصة بـ «تويتر»، عبَّر فيها هذه المرة عن اشتياقه للرئيس الشهيد رفيق الحريري، فنشر صورة له، علّق عليها بالقول «اشتقنالك...».

وقام زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بإعادة نشر التغريدة على صفحته الخاصة، في خطوة ذات دلالة سياسية تظهر التقارب المستجد بين الحريري وجنبلاط.