مرافعة : السادة الخبراء مع التحية!
رغم تقديري للمهمة التي يقوم بها السادة الخبراء في وزارة العدل وطبيعة الاعمال التي يقومون بها، الا أن ما يعرضه الواقع العملي من ملاحظات تعتري عمل الادارة وأداء بعض الخبراء، يحتم علي تناولها، خصوصا إذا ما كان لذلك تأثير على سير مختلف القضايا التي يتولى السادة الخبراء بحثها وإعداد تقرير بشأنها تحت أمانة القسم الذي أدوه وشرف المهنة الذي قطعوه.استعانة المحاكم بالسادة الخبراء للنظر في الدعاوى المحالة اليهم تنطلق من أهمية انجاز الجانب الفني للقضايا والذي سيساعد المحاكم على بيان الراي الفني الهندسي أو الحسابي من اجل الوصول الى الحقيقة او جزء منها، وهو ما يوجب على السادة الخبراء بذل أكبر قدر ممكن من الجهد لانجاز تلك المأموريات بما يحقق الرضا بين طرفي التقاضي ويكفل دفاعهم بعد توفير الوقت الكافي لهم للرد على كل عناصر المأمورية.
عدم التزام عدد من السادة الخبراء، سواء في الماموريات المحالة إليهم من المحاكم او رفض طلبات الخصوم او رفض الانتقال الى موقع النزاع أو سماع شهادة الشهود، أمر يتطلب النظر اليه من قبل المسؤولين في ادارة الخبراء، وذلك لأن مهمة الخبير في فحص النزاع لا تقل أهمية عن الدور الذي يمارسه القاضي في الفصل بالقضايا، وبالتالي إذا ما تقاعس الخبير عن أداء المامورية أو اختصرها بمجموعة من الاجراءات التي بالتاكيد ستصل الى نتائج متنافرة مع الواقع فإنه بذلك قد أضر بموقف أحد المتقاضيين وبموقفه القانوني، وهو ما يتعين العمل على تداركه والوقوف عليه. ومعالجة الملاحظات التي تواجه أداء بعض السادة الخبراء من قبل المسؤولين في الادارة او من قبل الوزير تكون بالمراجعات الدورية للتقارير التي يعدونها والنظر الى مذكرات الدفاع والطلبات التي يتم اغفالها منهم والتي يطرحها الخصوم، علاوة على ضرورة التعامل بجدية مع الشكاوى التي تقدم أو الملاحظات التي تثار عن عمل الخبراء والنظر اليها بعين الراغب في الوصول الى الحقيقة لا الراغب في إغلاق التحقيق.ولا يمكن التذرع ونحن بإزاء مناقشة وضع عمل الخبراء بوجود نقص في عددهم أو حتى بكثرة عدد القضايا لمواجهة الملاحظات التي تعتري عمل بعضهم، لانه في الاساس لا توجد اية عراقيل تمنع زيادة عدد الخبراء لمواجهة العدد الكبير من القضايا، ولكن ما الفائدة بالتعيين، مادام هناك نهج لدى بعض السادة الخبراء بتقبل فكرة تفويت العديد من أوجه الدفاع أو اختصار إجراءات اتمام المامورية او التعمد بعدم الفصل في القضايا وإحالتها الى خبير آخر أو فرض أسلوب لنظر المأمورية يناقض تماماً للمأمورية المطالب بها السيد الخبير من قبل الهيئات القضائية في المحاكم.ما يهمني في هذا المقال هو تسليط الضوء على صور تعاطي عدد من الخبراء مع القضايا الواردة إليهم من المحاكم على نحو يخالف المأمورية المحالة إليهم من المحاكم، وهو ما يعرض القضايا للخسارة، والتي يكون احد اسبابها عدم الالتزام بأداء المامورية او برفض تحقيق عناصرها، سواء بالانتقال او سماع شهادة الشهود او فسح المجال للخصوم بتقديم المذكرات في الوقت الذي تبرره طبيعة النزاع.