مع تصاعد العمليات العسكرية في محافظة حلب، برز أمس تقدم تنظيم "داعش" على حساب الجيش السوري والفصائل المقاتلة، على حد سواء، ما يشكل ضغطاً على مفاوضات جنيف الصعبة، التي يتحاشى وفد الرئيس بشار الأسد خوضها في عملية الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
على وقع تزايد الأوضاع الإنسانية سوءاً في ريف حلب الشمالي، وتحديداً قرب الحدود التركية، حيث اكتظت مخيمات النازحين الموجودة في المنطقة، والتي باتت على بُعد كيلومترات من جبهات القتال، واصل تنظيم داعش تقدمه ضد قوات النظام، ليسيطروا على قرى وتلال عدة، أبرزها بلدة خناصر ذات الأهمية للجيش السوري، كونها تقع على طريق الإمداد الوحيدة التي تربط حلب بسائر المناطق الخاضعة له والمعروفة بطريق أثريا- خناصر.وفي الريف الشمالي، يتقدم التنظيم المتطرف على حساب الفصائل الإسلامية والمقاتلة، وفق مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن، الذي أوضح أنه "تمكن من الفصل بين مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة بين مدينة إعزاز، معقلهم في ريف حلب الشمالي، وبلدة دوديان إلى الشرق منها". وبالنتيجة، "باتت الفصائل المقاتلة في دوديان بحكم المحاصرة".ولا تقتصر معارك حلب على جبهات "داعش"، إذ تخوض قوات النظام معارك ضد جبهة النصرة والفصائل المقاتلة المتحالفة معها في الريف الجنوبي والمناطق الواقعة شمال مدينة حلب، وتستكمل هجوماً هدفه محاصرة الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة المعارضة.مفاوضات غير معلنةوفي مكالمة هاتفية، أبلغ وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف، بأن "الولايات المتحدة تنتظر من روسيا حض النظام على الالتزام بوقف الأعمال القتالية، فيما نحن سنعمل مع المعارضة من أجل القيام بالأمر نفسه".وذكرت تقارير إخبارية، أمس، أن مفاوضات بعيدة عن الإعلام تُجرى في جنيف بين واشنطن وموسكو حول مسودة دستور جديد، يكفل لكل الأطراف السورية مطالبها، إلى جانب جولة المفاوضات غير المباشرة التي يقودها المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا بين المعارضة والنظام والتي تراوح مكانها.وتحدثت هذه التقارير عن أن مسؤول الشرق الأوسط في البيت الأبيض روبرت مالي ومبعوث الرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لابرنتييف يبحثان مسودة دستور سوري سبق أن سلمتها موسكو إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري تراعي رغبة واشنطن في إعطاء صلاحيات واسعة للهيئة الانتقالية وتقليص دور الرئاسة، كما تحفظ لموسكو حرصها على إبقاء صلاحيات لهذه المؤسسة فيما يتعلق بقيادة الجيش.نزوح ومخيماتوأجبرت هذه المعارك عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم ومخيماتهم خلال اليومين الماضيين، يضاف إليهم آخرون فروا من القرى المحاذية للحدود التركية التي تشهد المعارك.وفي تطور مهم، أفادت قناة "الجزيرة"، أمس، عن دخول وفد من الأمم المتحدة لأول مرة إلى مدينة داريا المحاصرة بريف دمشق، التي تمكن الجيش النظامي فيها من السيطرة على معمل اسمنت البادية بالقلمون الشرقي، وفق قناة "المنار" الموالية لميلشيا "حزب الله" اللبناني.لقاءات وتهربوتتزامن تلك التطورات مع جولة جديدة من مفاوضات صعبة مستمرة في جنيف استؤنفت الأربعاء، وستتركز على الانتقال السياسي والحكم والدستور.ووسط ترقب لاستئناف موفد الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا لقاءاته غداً بعد توقف يومي أمس واليوم لمنح الأطراف المعنية الفرصة لدراسة ما تم بحثه حتى الآن، سعى رئيس وفد الحكومة بشار الجعفري إلى إبعاد جولة المحادثات عن الانتقال السياسي الذي تركز عليه الأمم المتحدة.وأوضح الجعفري، الذي وصل مع وفد الحكومة إلى جنيف بعد ستة أيام من الموعد المحدد للمفاوضات، أن "التركيز انصب على تقديم تعديلات على وثيقة الأمم المتحدة الصادرة في الجولة السابقة من المباحثات"، ما دفع رئيس وفد المعارضة أسعد الزعبي إلى اتهام النظام بأنه لا يريد الحل السياسي.وقال الجعفري، بعد اجتماع دام قرابة الساعتين ونصف الساعة مع ديميستورا، إنه أعطى تعديلات على وثيقته، وسينتظر منه ومن فريقه دراستها بعمق في اليومين المقبلين، وتقديمها للجماعات الأخرى، رافضاً تلقي أي أسئلة.الحل العسكريوبعد اجتماع مماثل مع ديميستورا، الذي ألغى إفادة صحافية كانت مقررة أمس الأول، اعتبر الزعبي أن تعديلات الأسد تظهر أنه منفصل عن الواقع، مشدداً على أنه "قام بهجوم باغت كعادته قبل كل جولة مفاوضات لإرسال رسالة قوية أنه لا يريد حلاً سياسياً، إنما يريد الحل العسكري، الذي يؤدي بسورية بكاملها إلى الدمار والهلاك".وفي وقت سابق، جدد المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط عدم ممانعة المعارضة مشاركة دبلوماسيين أو تكنوقراط من النظام في هيئة الحكم الانتقالي، شرط ألا يكون بينهم أطراف اقترفت جرائم بحق الشعب.
دوليات
«داعش» يقضم حلب... والنظام يتحاشى «الانتقال» في جنيف
17-04-2016