الإرهاب الفكري يظهر بشدة في الدول الدكتاتورية التي تتسلط على شعوبها، ومن وسائل هذا الإرهاب تكميم الأفواه، ولعل الكثير يتفق معنا في أن سياسات القمع الفكري هذه لا تصادر الحريات فقط، بل تقتل الإبداع والتفكير السليم، وتربي الأجيال على نفاق الأنظمة. ولهذا نقول دائماً إن وجود المعارضة الإيجابية في المجتمعات ضرورة هامة لأنها لا توجه الحكومة فقط إلى الصواب عندما تحيد عنه، بل تسعى إلى الإصلاح في كل الجوانب.

Ad

وبالنسبة للكويت، فنحن هنا في هذه المقالة لا نريد لديرتنا إلا كل الخير، نريد أن تكون ديمقراطيتنا فخراً لكل مواطن، ولا نريد المعارضة الديكورية، بل نريد معارضة قوية تحاسب الحكومة على أخطائها، لا من باب التصيد والعنترية وليّ الأذرع، بل نريد لديرتنا أن تستوعب كل الآراء، لاسيما أن الشعب الكويتي جُبِل على حرية الرأي، ولا نريد القوانين التي ترهب الشعب، والتي من خلالها يجرجر المواطن ويحاكم بسبب رأيه، فالكويت في السابق لم تكن كذلك، ولا نريدها في الحاضر والمستقبل أن تكون كذلك، ولذا يجب على من يحبون الكويت أن يستمروا في نصح وإرشاد الحكومة حتى تفيء إلى أمر الله وتلغي القوانين التي تريد من خلالها تكميم الأفواه، خصوصا أن حرية التعبير من الحقوق الإنسانية التي لا غنى عنها للإنسان مثل الهواء والماء والطعام بل هي أهم من كل هذا، لأنه لا خير في حياة بلا حرية وكرامة.

ولا ننسَ أن الدستور الكويتي كفل حرية الرأي، فالمادة (36) من الدستور نصت على أن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه، ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون"، وبالنسبة لحرية الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام التي تعد من حرية التعبير عن الرأي، فقد نصت المادة (37) من الدستور على أن "حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون" ونصت المادة (39) من الدستور على أن "حرية المراسلة البريدية والبرقية والهاتفية مصونة، وسريتها مكفولة، فلا يجوز مراقبة الرسائل، أو إفشاء سريتها، إلا في الأحوال المبينة في القانون وفي الإجراءات المنصوص عليها فيه".

وقد أوضحت المذكرة التفسيرية أن المقصود بالرسائل كل أنواع المراسلة من بريدية كانت أو برقية أو هاتفية ووجوب كفالة سريتها، وقد نص الدستور في المادة (44) على أن "للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق، ولا يجوز لأي من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، على أن تكون أغراض الاجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب"، كذلك نصت المادة (43) من الدستور على أن "حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي جمعية أو نقابة".

وهناك الكثير من المواد الأخرى التي لا يتسع المقام لذكرها، ولكن ألا يتفق معنا الكثير في أن الحكومة تحاول نسف هذه النصوص من أجل تكميم الأفواه؟ فهذا ما نراه من قانون الإعلام الإلكتروني وقانون جمعيات النفع العام الذي يعدّ الآن وبه الكثير من الانتهاكات الصارخة لحقوق الرأي في جمعيات النفع العام.

وفي الأخير علينا أن ننصح الحكومة لتسير على مبدأ الإمام الشافعي -رحمه الله- الذي كان يردد ويعلن بكل وضوح أن "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".