شكراً للمفوض السامي!
صراحة ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان الإقليمي في ندوة وزارة الخارجية حول تبعية ديوان حقوق الإنسان للحكومة تطرح تساؤلات حول قيمة إنشاء مزيد من المؤسسات في الكويت.
أول العمود:الترشيد وتقليص الدعوم لن يمسا جيب محدودي الدخل! إذاً ماذا سيمسان يا وزير المالية؟ ***حديث الممثل الإقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة د. عبدالسلام سيد أحمد حول تبعية الديوان الوطني لحقوق الإنسان لمجلس الوزراء جاء كملاحظة نقدية عابرة في ندوة وزارة الخارجية المنعقدة في معهد سعود الناصر الدبلوماسي، والتي أقيمت الثلاثاء الماضي، إذ تؤكد "مبادئ باريس"، وهي مجموعة معايير دولية وضعت لتوجيه أعمال المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وصيغت في حلقة عمل عُقدت في باريس في عام 1991، واعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1993، تؤكد ما ذهب إليه الممثل الإقليمي في الندوة.في ظني أن إنجاز الحكومة ومجلس الأمة لهذا القانون شيء جيد وإن تأخر ربع قرن، فقد كان من المناسب تأسيسه مع أول مجلس أمة يأتي بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي البغيض عام ١٩٩١، إذ كانت الظروف آنذاك مواتية بعد أن أذاق صدام حسين الشعب الكويتي مرارة العيش بانتهاكاته البشعة لحقوق الإنسان، إضافة إلى حل كثير من القضايا المحلية العالقة، كالبدون والعمالة وأوضاع السجون وغيرها، وقد حدثت خطوات جزئية تماشيا مع أحداث الغزو كإنشاء لجنة برلمانية في مجلس ١٩٩٢، لكن يبدو أن ملف الأسرى والمرتهنين لدى النظام العراقي قد أخذ كل الزخم مما نتج عنه تأسيس لجنة وطنية لشؤون الأسرى والمرتهنين في العام المذكور ذاته، وتوارت فكرة إنشاء الديوان رغم محاولات نيابية بذلت منذ عام ١٩٩٥ لكنها باءت بالفشل.اليوم تواجه الكويت كدولة أوضاعاً سياسية وأمنية مقلقة وخطرة، وتبدو أسلحتها في الحفاظ على أمنها محدودة في إطارين: الأول، سياسة خارجية متزنه داعية للسلم، والثاني في ذراع مساعدات مالية مؤثرة وخادمة لمصلحة البلاد الاستراتيجية، لكن يبقى شيء مهم وهو استكمال بناء مؤسسات ذات طابع عالمي كهيئة مكافحة الفساد، وهذه ألحقت بمجلس الوزراء أيضا، وديوان حقوق الإنسان، فمثل هذه المؤسسات تخلق مكانة سياسية وإعلامية وأخلاقية ممتازة لوضع الدولة في الداخل والخارج، لكن المشكلة تقع في تطبيق الفكرة بشكل يفرغها من مضمونها، فمراقبة أوضاع حقوق الإنسان تتطلب متابعة أجهزة حكومية تتدخل في حياة الناس اليومية، فكيف يمكن لجهاز مثل هذا أن يتبع الحكومة؟ أين الاستقلالية هنا؟ وبالتالي أين الشفافية؟ بالطبع الأمر ينطبق على هيئة مكافحة الفساد أيضا!هناك فرصة لتقييم عمل الديوان خلال عام أو عامين من خلال ممارسته لاختصاصه على الأرض، تماما كما حدث مع هيئة مكافحة الفساد التي أبطلت دستوريا وستعود ثانية، إذ يجب فصل تبعية الديوان عن مجلس الوزراء وإعطاؤه الصلاحيات الكبيرة للعمل كما يجب، وإلا فسيكون عبئا ثقيلا على الدولة داخليا وخارجيا، فكثرة المؤسسات بدون حصاد لتأثيرها الإيجابي في الناس ستولد مزيداً من الإحباط، ومن قراءة سريعة لاختصاصات الديوان يبدو أنه في طور المراقب والمقيم للأوضاع فقط.