افرجت ايران الاربعاء عن عشرة بحارة اميركيين اوقفتهم في الخليج فتلافت بذلك ازمة مع الولايات المتحدة قبل ايام معدودة من بدء تنفيذ الاتفاق التاريخي بشأن ملفها النووي.

Ad

والبحارة العشرة، تسعة رجال وسيدة، بقوا موقوفين اقل من اربع وعشرين ساعة بعد اعتراض زورقين حربيين سريعين كانوا على متنهما وتاهوا في المياه الاقليمية الايرانية.

وافاد بيان لحرس الثورة الايرانية، قوات النخبة، بثه التلفزيون الرسمي "تبين بعد التدقيق، ان دخولهم المياه الاقليمية للبلاد لم يكن عن قصد. وبعد تقديمهم الاعتذار، تم اطلاق سراحهم في المياه الدولية".

واكد البنتاغون من جهته اطلاق سراح البحارة العشرة وانهم لم يتعرضوا لاي اذى. واعلنت وزارة الدفاع الاميركية ان القوات البحرية ستجري تحقيقا لمعرفة "الملابسات التي ادت الى وصولهم الى ايران".

واضاف بيان البنتاغون "ان البحارة غادروا جزيرة فارسي على متن الزورقين (الاميركيين) ثم نقلوا لاحقا الى البر بواسطة طائرة تابعة للبحرية الاميركية بينما تولى بحارة آخرون قيادة الزورقين الى البحرين الوجهة الرئيسية لهما".

واظهر التلفزيون الرسمي الايراني شريط فيديو للبحارة اثناء احتجازهم جالسين وايديهم على رؤوسهم. واظهرت صور اخرى ايرانيا يعرض جوازات سفرهم فيما شوهدوا جالسين ارضا على السجاد وهم يأكلون.

ومنذ بداية هذه القضية تجنبت واشنطن صب الزيت على النار مؤكدة ان البحارة بخير وقد يفرج عنهم بسرعة.

وبدا خلال كل مراحل توقيفهم ان الجانبين غير راغبين بالتصعيد وبدا واضحا ان الافراج عنهم وشيك بعد تصريح قائد سلاح البحرية في الحرس الثوري الاميرال علي فدوي للتلفزيون الحكومي صباح اليوم اذ قال "لا اعتقد ان الامر سيستغرق وقتا طويلا قبل ان نتلقى الاوامر للقرار النهائي الذي سيكون على الارجح الافراج عنهم"، مضيفا ان عمل البحارة "لم يكن عدائيا ولم يكن يهدف الى التجسس"، وان الزورقين دخلا المياه الاقليمية لبلاده اثر "عطل في نظام الملاحة".

بعد ان تحادث هاتفيا خلال الليل الفائت مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف عبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري عن "امتنانه للسلطات الايرانية.

وعبر ظريف من جهته على تويتر عن ارتياحه للحل السريع للقضية عبر "الحوار والاحترام" بعيدا عن سياسة "الوعيد". وتابع "فليكن ذلك مثالا يحتذى".

تحتفظ الولايات المتحدة بوجود عسكري كبير في مياه الخليج الاستراتيجية حيث يرسو اسطولها الخامس خاصة في البحرين. وفي السابق وقعت حوادث عدة بين البحرية الاميركية وسلاح البحرية التابع للحرس الثوري في مياه الخليج.

وما زالت ايران والولايات المتحدة على خلاف مبدئيا منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في ابريل 1980 في اوج الثورة الاسلامية.

لكن في السنتين الاخيرتين بدأ تقارب فعلي بينهما في سياق المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني التي تكللت في 14 يوليو باتفاق تاريخي بين ايران والقوى العظمى.

ولفتت وزارة الخارجية الايرانية الى ان العديد من الاتصالات الهاتفية التي اجريت مع اقتراب البدء بتطبيق الاتفاق النووي سمحت بتسوية "قضية البحارة" باسرع وقت.

ووقع الحادث البحري في وقت تقوم ايران بتطبيق التزاماتها بموجب الاتفاق النووي الذي يهدف الى الحد من انشطتها الحساسة مقابل رفع تدريجي ومضبوط للعقوبات الدولية المفروضة عليها منذ سنوات.

وبعد الافراج عن البحارة الاميركيين مباشرة صرح عباس عراقجي احد كبار المفاوضين النوويين الايرانيين انه يتوقع البدء رسميا بتنفيذ الاتفاق النووي الاحد على ابعد تقدير.

وقال عراقجي لوسائل اعلام رسمية ان "الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستقدم تقريرها الجمعة" لتاكيد ما اذا وفت ايران بالتزاماتها و"سنعلن السبت او الاحد ... البدء بتطبيق الاتفاق النووي".

واكد جون كيري احد ابرز مهندسي الاتفاق النووي التاريخي ان "يوم بدء التطبيق بات قريبا جدا، اي اليوم الذي ستثبت فيه ايران انها قلصت برنامجها النووي بشكل كاف يمكن معه ان تحظى ببدء تخفيف العقوبات".

واضاف الوزير الاميركي "على الارجح في الايام المقبلة". وعندما يحدث هذا سيجعلنا وشركاءنا في العالم نتمتع بمزيد من الامن".

ولم تؤكد الوكالة الدولية على الفور هذه المعلومات. لكن مسؤولا نوويا ايرانيا اكد ان "عددا كبيرا" من مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية موجودون في ايران للتحقق من التدابير الايرانية.

واوضح عراقجي ان "بيانا مشتركا" سيصدر عن وزير الخارجية جواد ظريف ونظيرته الاوروبية فديريكا موغيريني التي تمثل مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والمانيا) لاعلان بدء تطبيق الاتفاق رسميا.

كما اشار الى مراسم "قيد التحضير" مع امكان حضور وزراء خارجية دول مجموعة 5+1 الى ايران لكن دون ان يعلن مكان المراسم.

وسيسجل ذلك اليوم بداية فترة عشر سنوات على الاقل ستحد ايران خلالها من برنامجها النووي مع رفع او تعليق فعلي للعقوبات الاوروبية والاميركية وتلك التي تفرضها الامم المتحدة.

وفي اطار الاتفاق النووي قلصت ايران فعليا عدد اجهزتها للطرد المركزي وارسلت الى الخارج كامل مخزونها تقريبا من اليورانيوم الضعيف التخصيب. كما سيتعين عليها ايضا ان ترفع في الايام المقبلة قلب مفاعل اراك للمياه الثقيلة. وقال عراقجي ان شركة ايرانية ستقوم بذلك.

اكد المسؤولون الايرانيون حتى الان ان ايران والصين والولايات المتحدة ستتعاون لاجراء تغييرات في هذا المفاعل.

واوضح عراقجي "ان العقد سيوقع مع شركة ايرانية ستكلف تحديث المفاعل"، مستطردا "ان ساعدتنا الدول الاجنبية فحسنا، والا لن ننتظرها".

ووافقت ايران على تغيير مفاعل اراك المخصص للابحاث لينتج كمية اقل من البلوتونيوم الذي يدخل في صنع السلاح الذري، معطية بذلك ضمانات الى المجتمع الدولي.

الا ان الاتفاق النووي اثار غضب الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة وخصوصا السعودية واسرائيل اللتين رأتا فيه بداية مصالحة بين واشنطن وطهران.