خطأ أوباما أم خطيئته؟!

نشر في 13-04-2016
آخر تحديث 13-04-2016 | 00:01
 صالح القلاب بعد خمسة أعوام اعترف الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه ارتكب خطأ عندما سحب القوات الأميركية وقوات حلف شمالي الأطلسي من ليبيا بعد إسقاط نظام معمر القذافي، مما أوقعها في الفوضى وفَتَحَ أبوابها للتنظيمات الإرهابية ومن بينها "داعش"، لتفعل فيها ما فعلته ولاتزال تفعله، ويصبح الاستقرار على هذا المستوى من الصعوبة والاستحالة.

وهناك مثل معروف يقول: "أنْ تأتي متأخراً خيرٌ من ألَّا تأتي أبداً "، وهذا يعني أنْ يعترف أوباما بخطئه بعد خمسة أعوام خيرٌ منْ ألّا يعترف أبداً، لكن المشكلة هي أن هذا الاعتراف لم يعد له أي قيمة إلَّا القيمة الأخلاقية، فلقد سبق السيف العذل، وهذه ليبيا تغرق بسبب هذا الخطأ الجريمة في الفوضى ويأكلها التمزق، وباتت استعادة وحدتها ربما تحتاج إلى سنوات طويلة.

لقد اعترف الرئيس الأميركي بخطأ واحد من أخطائه الكثيرة، وقد كان عليه أنْ يعترف بأن خطأه في سورية بالإمكان وصفه بأنه جريمة العصر، فتردُّده شجع روسيا وشجع إيران أيضاً على احتلال هذا البلد العربي وعلى تمزيقه وتدميره ومنع المعارضة من أن تحسم الأمور فيه بالسرعة المطلوبة بحجة أن الأولوية هي للقضاء على "داعش" وليست لإسقاط نظام بشار الأسد، الذي ثبت أنه يشكِّلُ وجه العملة الآخر لهذا التنظيم الإرهابي.

ثم هل أن أوباما لم يخطئ يا تُرى ولم يرتكب خطيئة قاتلة عندما أخذته العزة بالإثم وبادر إلى سحب القوات الأميركية من العراق سحباً عاجلاً وكيفياً ومغادرته في ذروة تدخل إيران تدخلاً سافراً في شؤونه الداخلية وفي ذروة استهدافه من قبل "القاعدة" وباقي التنظيمات الإرهابية، وأيضاً في ذروة سطوة "المعادلة" البائسة التي فرضها عليه بول بريمر ومعه الذين اعتبرهم واعتبروا أنفسهم منتصرين مع أنهم عادوا من "المنافي" القريبة والبعيدة على "ظهور" الدبابات الأميركية.

ثم هل أن أوباما لم يخطئ يا ترى عندما أبرم اتفاقية "النووي" مع الدولة الإيرانية مع أن المفترض ألَّا تُعطى إيران ما حصلت عليه من تنازلات أميركية وغير أميركية، لأنها كانت تعاني الإفلاس بسبب انهيار أسعار النفط وبسبب الاستنزاف الذي أدخلت نفسها فيه عندما تدخلت في سورية بكل إمكاناتها العسكرية وغير العسكرية، وعندما تحملت  أعباء كل هذا الحشد الطائفي الذي تجاوزت أعداد تنظيماته الأربعين تنظيماً التي جرى استيرادها من عشرات الدول ذات اللون المذهبي التابع لطهران.

وهكذا فإنَّ السؤال الذي ربما طرحه كثيرون على أنفسهم وعلى غيرهم هو: ما الذي من الممكن أن يستفيده المتضررون من الأخطاء والحماقات التي ارتكبتها واشنطن خلال الأعوام الخمسة الماضية بعد اعتراف باراك أوباما ببعض أخطائه... وهل أن ما لم تفعله هذه الإدارة الأميركية في نحو ثمانية أعوام بإمكانها فعله في الأشهر القليلة المتبقية من ولاية رئيس لم ينافسه في التردد والوقوع في الأخطاء القاتلة أي رئيس أميركي دخل البيت الأبيض قبله من جورج واشنطن حتى جورج بوش الابن؟

back to top