تعززت، أمس، مخاوف من هيمنة ائتلاف "دعم مصر"، المؤيد لنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي، على البرلمان، بعدما حصد مرشحا الائتلاف؛ علي عبدالعال ومحمود الشريف، منصبي الرئيس والوكيل بسهولة، خلال الجلسة الإجرائية الأولى، التي استغرقت 17 ساعة أمس الأول.

Ad

بدأ ائتلاف "دعم مصر، أمس، فرض كلمته داخل البرلمان المصري، بداية من اليوم الأول لانعقاد الأخير أمس الأول، إذ نجح الائتلاف، المكون من أعضاء في قائمة "في حب مصر" وحزبين مستقلين، ويضم أغلبية أعضاء المجلس، في فرض إرادته، بضمان رئاسة البرلمان وأحد مقعدي الوكالة، خلال الانتخابات الداخلية، في الجلسة الإجرائية التي امتدت حتى الساعات الأولى من فجر أمس، بينما قالت قيادات الائتلاف إنه سينافس على كل المناصب القيادية في اللجان الفرعية.

تكسير عظام

ويشهد البرلمان مواجهة جديدة تكشف تحركات "دعم مصر" بوضوح، بعد تعديل اللائحة الداخلية، والتي يفترض أن يعقبها تشكيل اللجان النيابية "النوعية"، التي يتوقع أن تشهد معركة تكسير عظام، إذ يعاني ائتلاف "دعم مصر" كثرة الراغبين داخله في تولي رئاسة اللجان، ما دفع قياداته إلى بحث إمكانية التقدم بمقترح لزيادة عدد اللجان، بينما تتحسب بقية الأحزاب من رغبة الائتلاف في الهيمنة.

وحسم مرشح الائتلاف أستاذ القانون الدستوري علي عبدالعال (67 عاما) التنافس على رئاسة البرلمان بسهولة أمام 6 منافسين، فبعد انتخابات ماراثونية استمرت 6 ساعات، أعلن رئيس الجلسة الإجرائية بهاء الدين أبوشقة، فوز عبدالعال باكتساح، إذ حصل على 401 صوت، من إجمالي 596، هي عدد أصوات النواب، صوَّت منهم 585 عضوا، وحصل أقرب المنافسين علي مصيلحي على 110 أصوات.

وعقب إعلان النتيجة، سلم أبوشقة رئاسة البرلمان لعبدالعال، ليستكمل فعاليات إدارة الجلسة، ويدعو إلى انتخاب الوكيلين، وتمنى رئيس المجلس المنتخب، أن يكون عند حُسن ظن الجميع، مؤكدا أنه سيقف بكل حيادية مع كل الأطراف، وسيكون سائرا على خطى مبادئ ثورتي 25 يناير و30 يونيو "الفريدتين بكثافة المشاركة، وكان فيهما الدور البارز لشبابنا المتطلع نحو آفاق الوطنية".

ثورة تشريعات

وقال عبدالعال، في تصريحات لـ"الجريدة": "نحتاج إلى ثورة تشريعات قانونية، لخدمة المصلحة العامة، والبداية ستكون بمراجعة التشريعات التي صدرت في فترة الرئيس السابق عدلي منصور، ثم الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي"، مؤكدا أن انطلاق جلسات البرلمان إشارة قوية على استقرار الدولة، وأضاف: "نحن صوت المواطن والشعب، وعلى نواب البرلمان مساندة مؤسسات الدولة".

وبدأ عبدالعال مهام منصبه بالدعوة لانتخاب وكيلي المجلس، التي انطلقت نحو الساعة 8 من مساء أمس الأول، وترشح 15 نائبا على شغل منصي وكالة المجلس، قبل أن يتم إعلان فوز النائب عن "دعم مصر"، محمود الشريف (60 عاما)، بحصوله على 345 صوتا، كونه الوحيد الذي حصل على عدد أصوات أكثر من 50 في المئة، فيما تقررت الإعادة، بين نائب "دعم مصر"، علاء عبدالمنعم (225 صوتا)، ونائب حزب "الوفد"، سليمان وهدان (157 صوتا).

هيمنة مبكرة

هيمنة ائتلاف "دعم مصر"، الذي يترأسه اللواء سامح سيف اليزل، على البرلمان، منذ الجلسة الأولى، جاءت متوقعة، في ظل تحقيق الائتلاف ـ المحسوب على الدولة ـ الأغلبية عبر تحالفات مع قوى حزبية ومستقلين، ضمنت له تأييد أكثر من نصف أعضاء البرلمان، ما رفضه عدد من النواب وبعض المراقبين.

النائب المستقل هيثم الحريري رفض مساعي "دعم مصر" في الهيمنة على اللجان البرلمانية، باعتبارها تكرس لوضع يسيء للتجربة البرلمانية، فيما قال الباحث في الشؤون السياسية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أكرم ألفي، إن "دعم مصر" يسعى إلى تولي جميع المناصب القيادية بالمجلس، ما يعني استبعاد أكثر من 200 عضو من العمل داخل البرلمان، محذرا من أن الصراعات داخل الائتلاف على المناصب ستؤدي إلى تفتيته.

المحلل والكاتب السياسي، عبدالله السناوي، أكد لـ"الجريدة"، أن ائتلاف اليزل يسعى إلى تكوين أغلبية هدفها تأييد الرئيس السيسي بشكل علني، وأنه سينجح في هذا المسعى غالبا، نظرا لأن معظم النواب من المؤيدين للنظام القائم، إلا أنه استبعد أن ينجح الائتلاف في استنساخ تجربة الحزب الوطني، لأن الأخير كان حزباً واضح الملامح، فيما الائتلاف تجمع عشوائي لمجموعة من أصحاب المصالح تؤيد الدولة.

خسارة سريعة

في الأثناء، بدا وكأن فرحة المرأة بتحقيق أكبر نسبة مشاركة في تاريخ البرلمانات المصرية 103 مقاعد، انتهت مبكرا، بعدما خسرت المرأة أولى معاركها تحت قبة البرلمان، إذ خسرت كل من أنيسة عصام الدين وسناء برغش، التنافس على وكالة المجلس، بعدما حصلت كل منهما على 36 و14 صوتا على التوالي، ولم يشهد البرلمان على مدار تاريخه إلا وصول امرأتين للوكالة، هما آمال عثمان خلال فترة هيمنة الحزب "الوطني" المنحل، ثم زينب رضوان في برلمان 2012، الذي هيمنت عليه جماعة "الإخوان".

هزيمة المرأة المبكرة عززت مخاوف عدم قدرة النائبات على توحيد جهودهن لتبني أجندة تدافع عن حقوق المرأة، ما عبَّرت عنه صراحة رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، نهاد أبوالقمصان، قائلة إنه كان يفترض أن تتولى امرأة أحد مقعدي الوكالة.

 وأضافت لـ"الجريدة": "المجلس تغلب عليه المجاملات والسيطرة الذكورية، في مواجهة فشل النائبات في العمل معا لفرض صوتهن على المجلس".

حريق محدود

في الأثناء، تمكنت فرق الحماية المدنية وعناصر وسيارات الإطفاء من السيطرة على حريق محدود تعرض له أحد المباني الإدارية التابعة لمجلس النواب نتيجة "ماس كهربائي"، ما أدى إلى حالة من التوتر والذعر في صفوف موظفي الأمانة العامة للبرلمان، الذين استعادوا ذكرى حريق هائل وقع في أغسطس 2008، وأتى على مبنى مجلس الشورى، الغرفة الثانية من البرلمان في الدستور المُلغى.