قبل أن نخوض في مسلسل القتل الذي يغدر ببناتنا في السنوات الأخيرة على أيدي الخادمات الإثيوبيات أود أن أشير إلى أن جرائم الخدم أصبحت ظاهرة تثير حالة من القلق لدى المواطنين والمقيمين على أرض الكويت، حيث كشفت إحدى الدراسات أن 90 في المئة من الأسر لا تشعر بالأمان في منازلها مع الخدم بعد تكرار الجرائم التي ارتكبتها العمالة المنزلية خلال السنوات العشر الأخيرة، والتي وصلت إلى أكثر من 987 جريمة أخذت أشكالاً مختلفة ما بين الاعتداء على الأطفال وانتهاك حرمة أجسادهم أو القيام ببعض الممارسات والسلوكيات غير السوية.

Ad

وياليت جرائم الخادمات توقفت عند هذا الحد بل تطورت إلى مرحلة أخطر، حيث بدأ بعضهن يقدمن على محاولات القتل وصولاً إلى القتل الفعلي، وهذا ما حدث خلال الأيام الماضية، إذ استيقظت الكويت على فاجعة حدثت في منطقة الأندلس عندما قامت خادمة إثيوبية بقتل فتاة كويتية تبلغ من العمر 24 عاماً بطعنة في الرقبة أثناء نومها، ما أفضى إلى موتها.

وكان هذا السيناريو قد حدث في منطقة الصليبيخات في 2014، والتي شهدت جريمة قتل مروعة راحت ضحيتها الطالبة الجامعية سهام فليطح التي سالت دماؤها على يد خادمة إثيوبية، وقبلها كانت مأساة عائشة الفيلكاوي في 2011 التي تم نحرها في ليلة عرسها في منزل عائلتها بمنطقة جابر العلي من قبل مخدومتها الإثيوبية.

 كذلك لا ننسى جريمة مروعة ارتكبتها خادمة إثيوبية في أم الهيمان في 2009، حينما استلت سكيناً وحاولت قتل أبناء كفيلها وتمكنت من تسديد طعنات إلى طفلة عمرها 12 عاماً، بينما هرب طفلان آخران منها بأعجوبة، وكذلك حادثة نحر الخادمة الإثيوبية لكفيلتها اللبنانية وغيرها من الجرائم المروعة التي وصلت إلى أكثر من 11 حادثة قتل وشروع فيه.

لقد طالت سكاكين الخادمات الإثيوبيات فتيات وسيدات بريئات لم يكن لديهن القدرة على الدفاع عن أنفسهن أو قتلن غدراً أثناء نومهن، فاغتيلت أحلامهن وآمالهن ودفنت طموحاتهن في لحظة من لحظات جنوح هؤلاء المجرمات نحو الدم، ورغم ذلك هناك من يبرر لهن ما يقدمن عليه من قتل ونحر وتمثيل بالجثث بزعم أنهن يتعرضن للظلم في المنازل التي يخدمن بها أو عدم إعطائهن رواتبهن الشهرية في موعدها المحدد، أو أنهن يشعرن بحقد وحسد لأهل البيت لما يمتلكونه من ملابس ومجوهرات وأشياء حرمن منها هن وأسرهن، بما يولد لديهن رغبة في الانتقام، ولكن حتى لو كانت كل هذه الأقوال صحيحة، فإنها لا تعطي الحق لهن في أن يقتلن ويعذبن، فهناك طرق قانونية يمكن أن يلجأن إليها ويحصلن من خلالها على حقوقهن.

وفي الحقيقة فإن تفشي هذه الظاهرة في مجتمعنا يجعلنا حريصين على التأكد من مدى تهيئة الخادمات اللائي يقدمن للعمل لدينا ويعشن في مجتمع مختلف عن مجتمعهن، وإذا ما كانت ثقافتهن تنبذ العنف الذي يقدم بعضهن على ارتكابه أم أنه جزء من عقائدهن، كذلك لابد من معرفة التاريخ النفسي للخادمة قبل أن تعمل في منازلنا وتختلط بأبنائنا حتى لا تتحول أداة للقتل والتعذيب.

 أيضاً يجب تعريف الخادمات فور وصولهن إلى الكويت بالقانون الجنائي والعقوبات التي ستطبق عليهن في حال ارتكابهن لجرائم السرقات والانحراف الأخلاقي والقتل، كما يجب التعجيل بتنفيذ أحكام الإعدام النهائية الصادرة بحق خادمات أُدِنَّ بقتل فتيات كويتيات عمداً، حيث إن القصاص العادل والناجز يردع المجرمين ويواسي أهالي الضحايا ويبث الطـمأنينة في المجتمع.

ورغم أن "الداخلية" منعت استقدام العمالة الإثيوبية مؤخراً فإن هناك بعض مكاتب الخدم لاتزال تتحايل على القانون، كما أن هناك أكثر من 80 ألف إثيوبي يعيشون في الكويت، وغالبيتهم تعمل في المنازل، وإذا كنا نبحث عن حلول جذرية لهذه المشكلة ونريد وقف نزيف الدم الذي تقوم به الخادمات الإثيوبيات فيجب عدم تجديد إقاماتهن وإنهاء خدماتهن وترحليهن إلى بلادهن، وعلى جميع الأسر أن تسارع إلى التنازل عن مخدوماتها من هذه الجنسية مهما تكبدت من خسائر مادية.

وينبغي أن تصاحب هذه الإجراءات حملات إعلامية متنوعة يتم خلالها بث رسائل توعوية بلغات عدة لباقي العمالة المنزلية التي تمثل جنسيات مختلفة، ويتم خلالها تنويرها بطبيعة المجتمع الكويتي والعادات والتقاليد التي جبل عليها، مع حث جميع العائلات على المعاملة الحسنة للخدم بما يتوافق مع تعاليم ديننا الحنيف.