بصراحة لم أجد في سلوك موقع «ميديا بارت» غير الحسد والأمل بزوال النعمة والتمني أن «يتربع» رؤساء فرنسا السابقين، ومعهم رؤساء الحكومة الذين سبقوهم تحت برج إيفل وأمامهم لوحات كرتونية مكتوب عليها «أنا الرئيس السابق... الرازق في السماء والحاسد في الأرض».

Ad

قاتل الله الحسد والإعلام الفرنسي الحر، فكم من وسيلة إعلامية فرنسية لا تكتفي برصد أنفاس رئيسي الجمهورية والوزراء وهما في مواقع المسؤولية، ولكنها تواصل "الزنّ والنق" على مصاريفهم في حياة الظل وخمول الذكر.

الخبر المنشور في "القبس" يوم الثلاثاء الماضي يكشف أن الدولة الفرنسية تتكفل بمصاريف رؤسائها السابقين ورؤساء حكوماتها السابقة أيضاً، بما فيها دفع فواتير بنزين سياراتهم، أحد المواقع الإلكترونية الحقودة والعادية لقيم الوفاء والعرفان لمن خدموا بلدهم بمحبة وإخلاص وحازوا ثقة الملايين من الفرنسيين، أخذت تحسب على هؤلاء كم غالون بنزين استهلكوا، وكم صحيفة اشتركوا فيها، وأشياء أخرى تافهة مثل فواتير التلفون والإيجار في أرقى الأحياء الباريسية!!

الموقع الحاقد الذي أجزم أنه غير مرخص، وليس له ملف في جهاز أمن الدولة الفرنسي اسمه "ميديا بارت" أخذ "يشيش" الرأي العام الفرنسي ويهيج دافعي الضرائب على الرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان الذي حكم فرنسا من 1974م إلى 1981م ويبلغ عمره الآن 90 عاماً "شفتو قلة الأدب؟"، الموقع يقول إن ديستان يكلف فرنسا نحو مليونين ونصف المليون يورو سنوياً، ومكاتبه التي تقع في بولفار سان جيرمان تكلف سنوياً 276.683 يورو "يا بلاش"، بالإضافة إلى اشتراكاته في الصحف التي تبلغ قيمتها 10571 يورو سنوياً، ولا يرغب الرئيس السابق في التخلي عنها أبداً، لكن المفاجئ وفق الموقع الحسود هو أن الدولة تدفع فواتير بنزين سيارة ديستان والمقدرة بـ5000 يورو سنوياً.

موقع "ميديا بارت" لاحق مصاريف الرؤساء السابقين مثل شيراك وساركوزي، كما قذف على جبهة الأخير المرشح للعودة إلى قصر الإليزيه بيضة نعام عندما كشف أن مكاتبه في شارع ميرو مسنيل تكلف 226290 يورو سنوياً، ويستفيد زعيم المعارضة الفرنسية الآن هو ومعاونوه من 26 خطاً هاتفياً، يتكفل بها دافعو الضرائب.

بصراحة لم أجد في سلوك موقع "ميديا بارت" غير الحسد والأمل بزوال النعمة والتمني أن "يتربع" رؤساء فرنسا السابقين، ومعهم رؤساء الحكومة الذين سبقوهم تحت برج إيفل وأمامهم لوحات كرتونية مكتوب عليها "أنا الرئيس السابق... الرازق في السماء والحاسد في الأرض".

في الختام فرنسا وجميع الدول المتخلفة مثلها، تلك التي يكون فيها الإعلام حراً لحد "التفلت" على الكبار، والمواطنون شركاء لحد "النشبة"، لم تستفد أو تتعلم من تجارب الدول المتقدمة التي "يشفط" فيها بعض المسؤولين من أبواب وشبابيك الميزانية العامة، وهم يحملون صفة "الحالي" و"السابق" و"المرحوم" إذا ما أراد الورثة تكملة المشوار.