تتسارع الأحداث على خط الأزمة السورية، التي شهدت تصعيداً ميدانياً قوياً من قبل دمشق وموسكو، بات يهدد بانهيار واسع للمعارضة، في حال تمكن الرئيس بشار الأسد من بسط سيطرته على مدينة حلب.

Ad

ووسط تزايد الحديث عن تدخل سعودي ـ تركي وشيك يعيد التوازن، حذرت دمشق وطهران الرياض من المبادرة إلى هذه الخطوة.

تزايدت التقارير عن نية تدخل عربي أو عربي - تركي محتمل في سورية، بعد التطورات الميدانية المتسارعة هناك، حيث تمكن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم عسكري مباشر من موسكو، من تحقيق إنجازات على الأرض قد تكون الأكبر منذ اندلاع الثورة ضده في عام 2011، خصوصاً في حال تمكن من السيطرة على مدينة حلب، ثاني مدن البلاد، والمقسمة بينه والمعارضة.

وردت كل من دمشق وحليفتها طهران على احتمال تدخل عسكري سعودي في شمال سورية، بتحذير الرياض، فيما التزمت موسكو موقفا متحفظا حيال قبول أو رفض الخطوة المرتبطة بمحاربة "داعش".

قيادة مشتركة

ونقلت شبكة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية عن مصدرين سعوديين، أن السعودية وتركيا شكلتا بالفعل منذ أسبوعين قيادة للقوات المشتركة التي ستدخل سورية من الشمال عبر تركيا.

وقال المصدران المطلعان على المناورات التي ستستضيفها المملكة إن التدريبات المخصصة لمكافحة تنظيم داعش سيشارك فيها 150 ألف جندي معظمهم سعوديون مع قوات مصرية وسودانية وأردنية موجودة داخل المملكة حالياً، وأضافا أن المغرب والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر التزمت بإرسال قوات إلى جانب تركيا والسعودية.

ووفق الشبكة الإخبارية الأميركية، تشمل قائمة الدول الآسيوية المشاركة ماليزيا وإندونيسيا وبروناي.

عدد محدود

في السياق ذاته، نقلت وكالة فرانس برس عن محللين قولهم إن السعودية وتركيا قد ترسلان عدداً محدوداً من القوات البرية إلى سورية لمحاربة "داعش" ودعم المتمردين.

واعتبر أندرياس كريغ من قسم الدراسات الدفاعية في كلية "كينغ" في لندن، أن المعارضة "المعتدلة" تواجه خطر التعرض لهزيمة كبيرة، في حال سيطرت قوات النظام على حلب.

ويضيف كريغ، الذي يعمل أيضاً مستشارا للقوات المسلحة القطرية،: "هذه تعد مشكلة بالنسبة للسعودية وقطر اللتين استثمرتا بكثافة في سورية، من خلال طرح المعارضة المعتدلة كبديل لهما على الأرض".

فرص الحل السلمي

ويشير مصطفى العاني من مركز أبحاث الخليج إلى أن "السعوديين يعتقدون أن فرصة التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية محدودة جداً، ويعتقدون أن الأمور ستحسم ميدانياً في نهاية المطاف".

ويوضح أن "تركيا متحمسة لهذا الخيار (إرسال قوات برية) منذ بدأ الروس حملتهم الجوية ومحاولته إخراج تركيا من المعادلة"، مشدداً على أن السعوديين جادون في نشر قوات "كجزء من التحالف الدولي".

لكنه ومحللين آخرين يعتبرون أن التدخل السعودي سيكون محدوداً، لكونها تقود تحالفاً عربياً مستقلاً يقاتل في اليمن منذ عام تقريباً، وتحرس الحدود الجنوبية للمملكة من هجمات المتمردين اليمنيين المدعومين من إيران.

أما بشأن تركيا، فتقول الباحثة في "تشاثام هاوس" في لندن جين كينينمونت إنها "متشككة نسبيا" حيال احتمال تدخل الجيش التركي في سورية، "لكننا قد نرى اهتماما لديهم في احتواء النفوذ الكردي".

وكانت روسيا قالت إنها لديها أسباب قوية تؤكد أن تركيا تحضر لتدخل بري في سورية، ورد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس الأول بالقول إن الاتهامات الروسية مضحكة.

المعلم

من ناحيته، حذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مؤتمر صحافي في دمشق، أمس، من أي "عدوان"، وقال إن "أي تدخل بري في الأراضي السورية من دون موافقة الحكومة السورية هو عدوان، والعدوان يرتب عليه مقاومته التي تصبح واجباً على كل مواطن سوري".

وأضاف: "لا أحد يفكر في الاعتداء على سورية أو انتهاك سيادتها، لأننا سنعيد من يعتدي على سورية بصناديق خشبية، سواء كان تركياً، سعودياً، أو كائناً من يكون".

إلى ذلك، أكد الوزير السوري، أن "انجازاتنا الميدانية تؤكد اننا سائرون باتجاه نهاية الأزمة".

واعتبر أنه "انطلاقاً من مبدأ هل الحل السياسي سينهي القتل في سورية، سينهي الإرهاب في سورية؟ لا اعتقد"، مضيفاً أن "الحل السياسي قد يساعد، لكن إنهاء القتل في سورية لا يتم الا بهزيمة داعش والنصرة والتنظيمات المرتبطة بالقاعدة".

وقال المعلم إنه ينقل عن نظيره الروسي سيرغي لافروف قوله إنه "لا يمكن وقف إطلاق النار قبل ضبط الحدود مع تركيا والأردن والتوافق على لوائح المنظمات الإرهابية".

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري تحدث عن اتصالات مع روسيا لوقف إطلاق النار في سورية وفك الحصار عن بعض المناطق، الا أن المعلم أكد أن بلاده لن تنفذ أي شروط مسبقة قبل التفاوض، ضمنها فك الحصار أو وقف اطلاق النار.

إيران

في غضون ذلك، شن عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين هجوماً على السعودية، محذرينها من ارسال قوات إلى سورية.

وقال قائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، إن "السعودية لن تجرؤ على إرسال قوات إلى سورية، لأن ذلك سيكون بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على نظام الرياض"، على حد تعبيره.

بدوره، حذر أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الايراني محسن رضائي، بأن دخول السعودية الحرب في سورية سيؤدي إلى اشعال المنطقة كلها، ومنها سعودية نفسها، ما عدا إيران، على حد زعمه.

أزمة اللاجئين

إلى ذلك، تفاقمت الأزمة الانسانية على الحدود السورية - التركية مع فرار عشرات آلاف السوريين من بطش النظام ووحشية الغارات الروسية على ريف حلب الشمالي.

وأفاد حاكم محاظفة كلس التركية المحاذية للحدود السورية بأن 35 ألف لاجئ سوري وصلوا إلى الحدود قرب كلس خلال اليومين الماضيين، وتم تسكينهم في مخيمات على الجانب السوري.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن حدود بلاده مع سورية لا تزال مفتوحة، وإن ما يصل إلى 55 ألف شخص يفرون إليها.

وأوضح: "استقبلنا بالفعل خمسة آلاف منهم، وما يتراوح بين 50 و55 ألفا آخرين في طريقهم، ولا يمكننا تركهم هناك بمفردهم، لأن الضربات الجوية (الروسية) مستمرة. إنهم يهاجمون المدارس والمستشفيات والمدنيين".