في تحرك يعكس شعوراً بالمسؤولية ويوازي حجم الأحداث والتداعيات في الأسواق المالية والتقلبات الاقتصادية التي فرضت تحدياتها من بداية العام 2016 وبشكل مبكر، جاء اجتماع نوعي رفيع لمديري الأسواق العالمية.

Ad

من نافذة الأسواق العالمية، تقيم الهيئة العامة للاستثمار الأوضاع والتداعيات والضغوط الآتية من الخارج من جهة، ومن ناحية أخرى تقوم بعملية تقييم شامل لأوضاع استثماراتها المنتشرة عالمياً.

في اجتماع أزمة دعا إليه العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار بدر السعد مديري الأسواق العالمية في الهيئة، تم استعراض الأوضاع في اجتماع موسع، استمع فيه السعد إلى آراء المديرين وتقييمهم للتداعيات الأخيرة، كذلك استعراض وجهة نظر وتوصيات المستشارين ومديري الاستثمار الخارجيين، الذين تتعامل وتتواصل معهم الهيئة عبر مديري القطاعات والأسواق العالمية في الهيئة.

وتقول مصادر مطلعة، إن هناك تباطؤاً واضحاً مستمراً في النمو الاقتصادي العالمي، وقد يستمر فترة، وهذا الأمر شكل عامل ضغط على أسعار النفط عالمياً، ناهيك عن ارتفاع نسب البطالة في بعض مناطق أوروبا، وإن كانت الأساسيات الاقتصادية غير مقلقة.

لكن إجمالاً، أكد مديري أن الوضع العام عالمياً، وإن كان سيشهد تباطؤاً وهدوءاً لكن من خبرة التعامل وردود الأفعال هناك في تلك الدول وخصوصاً الاقتصادات التي تمثل قاطرة عالمية، إجراءات عاجلة متخذة وتحركات حكومية سريعة، وحزم تحفيز وغيرها من التدخلات المختلفة،  وأثبتت الأزمة العالمية التي اندلعت أواخر 2008 ذلك، حيث خرج الاقتصاد الأميركي من عنق الزجاجة بفضل حزم التحفيز والإجراءات التي تمت ترجمتها، ما استدعى تحريك الفدرالي الأميركي الفائدة أخيراً،  ويبدوا أنه مستمر في الإبقاء عليها، حيث لا توجد مؤشرات إلى اجتماعات تقييمية للأوضاع وإعادة النظر.

ووفقاً لمصادر، فإن اجتماع الهيئة، الذي عقد، يأتي في ظل ظروف وتداعيات غيرمسبوقة ففي حين تتراجع أسعار النفط إلى مستويات حادة وقياسية، يبدو التحوط والقلق بشأن الاستثمارات أمراً واجباً لأنها تمثل رديفاً آخر ومصدراً إيرادياً يمكن الاعتماد عليه وقت الشدة.

لكن ما تجدر الإشارة إليه، هو أنه في عهد السعد شهدت استثمارات الدولة أكبر وأوسع عملية هيكلة وتحوط، وتم توزيع الفوائض والاستثمارات في قطاعات وأصول أكثر أماناً، وتتمتع بقوة دفاعية واستقرار ثابت بالنسبة للعوائد تحت أي ظروف.

وبدا لافتاً أن الهيئة استهدفت في السنوات الأخيرة عدداً من العقارات الفاخرة، التي تتمتع بأعلى نسب تشغيل وبعوائد جيدة أيضاً، فضلاً عن الانتقاء الشديد للأصول والأدوات المالية التي تعرض عليها.

وإجمالاً عكست مؤشرات القياس لدى مديري الهيئة العامة للاستثمار أنه رغم الموجة العالمية الحادة التي تجتاح الأسواق المالية عالمياً فإن الانعكاسات السلبية أقل بكثير من خسائر ومؤشرات الأسواق المالية بفضل التنوع الكبير قطاعياً وجغرافياً، فضلاً عن أن سلة الاستثمارات غالبيتها في سندات وأدوات متحوطة ومضمونة.

محلياً، يمكن البناء على النظرة الإيجابية نسبياً لمديري القطاعات والأسواق العالمية في الهيئة، حيث إن نسبة كبيرة من الضغوط التي تهب على السوق الكويتي مستوردة، وتاريخياً يتم ربط السوق الكويتي بأسواق المنطقة خليجياً، كذلك الاضطرابات العالمية وحركات التصحيح الخارجية، حيث يعكس السوق أي اضطراب أو تصحيح خارجي حتى لو لكم يكن مرتبطاً مباشرة مع هذا السوق أو ذاك.

وفي هذا الصدد، قال أحد المصادر، إن لكل سوق ظروفه وخصوصيته، والترابط يجب أن يوضع في نطاقه الصحيح للخروج من التبعية التاريخية التي جرت ويلات على السوق، مقابل أن الأسواق التي يتبعها السوق المحلي في النزول لا يتبعها في الصعود عندما ترتفع تلك الأسواق.

مؤشر إيجابي

إلى ذلك أشار مصدر مالي رفيع لـ«الجريدة» إلى أن استمرار البنوك الخليجية والعالمية في تقديم تمويل للشركات التشغيلية ذات التدفق النقدي يمثل مؤشراً إيجابياً كبيراً، حيث حصلت أجيليتي على 235 مليون دولار بلا ضمان وهو العامل اللافت والأكثر جوهرية في ملف تمويات الشركة، حيث لم يسبق لأي شركة أو كيان أن يحصل على تمويل بلا ضمان لفترة طويلة تمتد، فترة أساس، ثلاث سنوات وعامين اختياريين، إن أرادت الشركة، ويأتي ذلك التمويل عشية الخسائر القياسية، التي غطت أسواق العالم وحالة الهلع التي خيمت على المستثمرين، مما يعكس أن شريان التمويل مستمر من البنوك، وهو معيار مهم وأساسي إذا ماعلمنا أن توقف البنوك عن التمويل يزيد من اختناق الأسواق، ويفاقم الأزمة والتراجعات.

السوق المحلي

على صعيد حضور السوق المحلي، تعتمد الهيئة العامة للاستثمار على تقييمات وتقارير مديري استثمارها في السوق، ويبدو السوق مكشوفاً بالنسبة لها، لكن العامل الأكثر التفاتاً للانتباه هو الفشل الذريع لدور المحفظة الوطنية منذ تأسيسها، فلا هي صانع سوق، ولا هي محفظة تجارية، إذا ماعلمنا حجم الخسائر التي منيت بها، حيث تدار بفكر حكومي وطريقة عشوائية بحتة وقديمة، تغيب عنها الديناميكية التي تتطلب احترافية عالية في التعاطي مع الأزمات.

وفي السياق، دعت مصادر استثمارية الهيئة، إلى ضرورة تسريع إجراءات تحويل الأموال المرتقبة لكل من شركة كامكو والوطني للاستثمار، والتي تقدر تقريباً بنحو 100 مليون دينار كويتي مناصفة بين الشركتين.

وتضيف المصادر أن قرار تنويع المديرين يعد من أفضل القرارات حيث إن تركز المحفظة الوطنية بمبلغ كبيرة يصل إلى 400 مليون لدى جهة واحدة، يعد من أسوأ القرارات، حيث تمثل مركزية مضرة في يد جهة واحدة وتقود في اتجاه واحد، ولا تخلق تباينا في البيع والشراء والأسواق المالية تحتاج إلى تنوع وتباين في وجهات النظر.

وإجمالاً لم يعد في السوق من يعول على المحفظة الوطنية التي «ماتت» تقريباً بعقم إجراءاتها وتحركاتها الميتة، حيث من بين أساليب الشراء التشاور مع المساهمين في مكونات المحفظة، علماً أن الأسواق العالمية عملها يعتبر لحظياً، لكن الأمل في أصحاب الرؤية للمديرين الجدد والخبرات التي أثبتت كفاءتها.