إيجابيات انخفاض أسعار النفط

نشر في 23-02-2016
آخر تحديث 23-02-2016 | 00:01
 د. عبدالمالك خلف التميمي مرة ثانية أكتب في موضوع الأزمة الاقتصادية، وفي المرة الأولى قبل أسابيع قلت إنني لست متخصصاً في الاقتصاد ولكنني مهتم بالشأن العام، وأرى أن الأزمة ليست في انخفاض أسعار النفط بل في الهدر والفساد الذي تعيشه دولة الرفاهية الريعية الاستهلاكية، واليوم أكتب ثانية عن الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن انخفاض أسعار النفط والتي تمثل ظاهرة إيجابية، انظروا ماذا فعلت للإدارة الحكومية، وأصحاب الرأي والمواطنين عموماً الجميع يفكرون جدياً بسؤال ما العمل حيال هذه الأزمة؟ وما أسبابها وتداعياتها وكيفية مواجهتها؟

 وعلى ما يبدو أننا لا نتحرك إلا عندما يكون هناك تحدٍّ، وإلا لماذا لم يتم كل الذي يجري من إجراءات في وقت الرخاء، وتكون لدينا رؤية مستقبلية لأن السبب غياب الفكر الاستراتيجي في المسألة الاقتصادية وغيرها. ولذلك نفاجأ بالأزمات التي تضطرنا للبحث عن حلول عاجلة وآجلة بعد أن نغرق في تيارها.

الموضوع اليوم عن إيجابيات الأزمة الاقتصادية الأخيرة الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، ويمكن أن نجملها مع عدد من الإجراءات الواجب اتخاذها:

أولاً: مراجعة مجالات الهدر المختلفة ومحاولة وقفها من الإدارة الحكومية.

ثانياً: إجراءات تتخذ للحد من مصروفات لا مبرر لها تشكل عبئاً على ميزانيات المؤسسات الحكومية، وبالتالي تشكل عبئاً على ميزانية الدولة.

ثالثاً: ضغط ميزانيات متضخمة ومخصصات لمسؤولين وجهات غير إنتاجية، وبعضها تنفيعية.

رابعاً: الالتفات للقطاع الصناعي، وتأجير أراضي الدولة بأثمان رخيصة في السابق!

أما الإجراءات الواجب اتخاذها حيال هذا الأمر وفي هذه المرحلة فيمكن ذكر بعضها هنا.

أولاً: طرح قانون فرض الضرائب على دخول الأفراد والمؤسسات لوضع حد للاتكالية على الدولة الريعية، فالدول المتقدمة وأولها الغنية تفرض ضرائب على مؤسساتها ومواطنيها مقابل الخدمات التي تقدمها لهم.

ثانياً: إعادة النظر في قانون التقاعد المبكر، فليس من المعقول أن يتقاعد الرجل في عمر الخمسين عاماً والمرأة في عمر الأربعين عاماً، وهما في أوج نشاطهما وعطائهما، ويمكن قول الكثير في هذا الموضوع.

ثالثاً: إن تحويلات العملة للخارج، والتي تبلغ المليارات سنوياً يجب أن تفرض عليها رسوم كما تفعل الدول المتقدمة.

رابعاً: التفكير جدياً بالمؤسسات الإنتاجية لا المؤسسات الاستهلاكية فقط، وأن تسود ثقافة دافعية التعلم والعمل التي نفتقدها اليوم.

خامساً: يجب أن تخضع مسيرتنا للتفكير الاستراتيجي الممتد للمستقبل البعيد لا التفكير في الحاضر فحسب.

سادساً: وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ليس الصيدلي في العدل، والمحامي في الأوقاف، وخريج الشريعة في المالية وما إلى ذلك!

سابعاً: يجب أن يضطلع القطاع الخاص بمسؤولية أكبر في مواجهة الأزمة الاقتصادية، وعلى الدولة عدم تهميش القطاع التجاري في الوقت نفسه.

ثامناً: الشروع في حل المشكلات القائمة أولاً بأول وعدم تأجيلها حتى لا تكبر كرة الثلج في كل قطاع ويصعب حل المشكلات المتراكمة.

تاسعاً: التفكير جدياً بالموارد الأخرى الممكنة إلى جانب عائدات النفط ونترك هذا الأمر للمختصين.

عاشراً: لا بد من وضع إجراءات رادعة ضد الفساد لأنه أكبر العوامل وأخطرها تأثيراً في تدهور الدول.

إن ما نخشاه ونحن نتحدث عن الأزمة الاقتصادية هو رد الفعل الآني، وبعد عودة الأوضاع إلى طبيعتها تعود حليمة لعادتها القديمة، إن الأزمات تكشف دائماً عن حقيقة وهي قدرة الدول على مواجهة الأزمة وآلية إيجاد الحلول، وإن الأزمة الحالية الناجمة عن انخفاض سعر النفط لها إيجابيات كثيرة، لا بل ما نقوم به الآن نتيجتها هو الأمر الطبيعي الذي كان يجب أن يتخذ منذ فترة طويلة، فهذه ليست الأزمة الوحيدة التي مررنا بها ولن تكون الأخيرة كذلك.

back to top