في الماضي كنا نردد مقولة «لدينا وزيرة وسفيرة»، ونقنع أنفسنا أننا حققنا قفزة في عالم تمكين المرأة، أما اليوم فأمامنا المناصب الإدارية الوسطى والمرتبطة ارتباطا مباشرا بتنفيذ المسار التنموي والتي تتطلب التمكين، ليس لتتجمل الدولة بالوجود النسائي ولكن لتشعر المرأة أنها جزء مهم ورئيس في عملية اتخاذ القرار.
اعتقادات خاطئة كثيرة مست المرأة مؤخرا، وأثرت في سير القوانين والتشريعات بنمط لا يخدم وضعها في البيئة التعليمية والإدارية والاقتصادية، وأبرز تلك الاعتقادات يفترض ويعمم أن المرأة العاملة لا تستطيع التوفيق بين العمل من ناحية ومتطلبات الأسرة ورعاية الأبناء من ناحية أخرى.ومن واقع عملي واطلاعي على أحدث الدراسات الاستقصائية والخاصة بالمرأة العاملة وإدارتها للوقت، أي موازنتها بين الأعباء المنزلية والإنتاجية يتضح أن المرأة العاملة (نسبة كبيرة من النساء) قد نجحت في دورها كأم، وذلك عبر إنتاجيتها الإيجابية تجاه أبنائها وقضاء الوقت ذي القيمة النوعية العالية معهم، بالإضافة إلى نجاحها كزوجة وموظفة أو قيادية في مجال العمل.وقد نشرت في السابق عبر مقالات متعددة بيانات من دراسات شاركنا في إعدادها، تناولت محاورها المرأة الكويتية العاملة والمعايير المختلفة لأهمية وجودها في سوق العمل، من حيث المدخول المادي الذي تنتفع منه أسرتها، ودورها التنموي عبر العطاء والإنتاجية اللذين يشكلان منفعة للدولة.واليوم وبمناسبة يوم المرأة العالمي اخترنا أن نستطلع الآراء مرة أخرى حول العقبات التي تقف أمام الخريجات بعد عامهن الأول في سوق العمل، فوجدنا مبدئيا أن المشاكل والعقبات لم تتغير، وأبرزها اعتقاد المسؤول أن المرأة الكويتية ذات إنتاجية منخفضة، والمراهنة على الرجال في تسلم المناصب والترقيات، والسبب في اعتقادي يكمن في افتقار مراكز العمل للآليات الخاصة باستخدام مقاييس الكفاءة والإنتاجية، بالإضافة إلى المبالغة في المطالبات المتعددة بالتقاعد المبكر للنساء.والنتيجة كما نراها اليوم تكمن في خروج الكفاءات من النساء العاملات من بيئة العمل في سن الإنتاجية والعطاء بحجة التقاعد المبكر، بعد استثمار الدولة في تطوير قدراتهن عبر الالتحاق بالدورات الدراسية والمهاراتية المتعددة. وهنا نتساءل: ألا يعتبر ذلك هدرا؟ ألا يمكننا اعتبار الإنفاق الحكومي الموجه لتطوير القدرات البشرية، والذي يتبعه التقاعد المبكر، هدرا؟المطلوب تعديل السياسة الوظيفية العامة لاحتواء الكفاءات من النساء والضغط على المؤسسات العامة لتمكين المرأة من الوصول إلى المناصب الإدارية المهمة، ففي الماضي كنا نردد مقولة "لدينا وزيرة وسفيرة"، ونقنع أنفسنا أننا حققنا قفزة في عالم تمكين المرأة، أما اليوم فأمامنا المناصب الإدارية الوسطى والمرتبطة ارتباطا مباشرا بتنفيذ المسار التنموي والتي تتطلب التمكين، ليس لتتجمل الدولة بالوجود النسائي ولكن لتشعر المرأة أنها جزء مهم ورئيس في عملية اتخاذ القرار.كلمة أخيرة:استمعت مؤخرا لحديث تلفزيوني للأخت بيبي اليوسف الصباح، حديثها امتلأ برغبة صادقة في التعامل مع تحديات المرحلة المقبلة التي ترتبط بما لدى الدولة من رؤية حول المؤسسات التي تعمل تحت مظلة وزارة الشؤون، كانت بيبي الصباح تطل عبر برنامجها التلفزيوني المعروف بالثمانينيات "راي الناس" وتسلط الأضواء على قضايا يشعر بها المواطن ويتجاهلها المسؤول، وتستمر اليوم في النهج ذاته، فاختيارها لقضايا دور الرعاية والحضانات ما هو إلا خط مواز لـ"راي الناس" فهل انتبه المسؤول؟!!
مقالات
المرأة بين المناصب القيادية والإدارة الوسطى
09-03-2016