تتسارع الأحداث في لبنان بعد قرار السعودية وقف مساعداتها للجيش والأمن، بسبب مواقف للحكومة اللبنانية التوافقية التي تجمع بين تيار المستقبل وحزب الله والقوى المسيحية، باستثناء حزب «القوات». وتصاعدت الضغوط على الحكومة للاستقالة، وسط إعلان حلفاء السعودية نيتهم البدء بتحرك عملي، لمواجهة هيمنة حزب الله على مفاصل الدولة.
تستمر ارتدادات إعلان المملكة العربية السعودية تجميد الهبة المالية لتسليح الجيش وقوى الأمن الداخلي، والمراجعة الشاملة للعلاقة مع لبنان، مخيمة على واجهة الأحداث التي تسارعت مع إعلان وزير العدل أشرف ريفي استقالته من الحكومة، وإعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق عن "خطوات وأفعال" ستتخذ في الأيام المقبلة تؤكد "موقع لبنان العروبي في مواجهة المشروع الإيراني".ريفيوأعلن ريفي استقالته من حكومة سلام، تضامنا مع الموقف السعودي، داعيا الحكومة الى الاستقالة، ومحتجا على عدم مناقشة إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة الى المجلس العدلي.وقال في بيان وجهه الى اللبنانيين وسلام: "لن أقبل بأن أتحول الى شاهد زور، ولن أكون غطاء لمن يحاولون السيطرة على الدولة والمؤسسات"، مؤكدا أنه "باق في مواجهة الدويلة"، في إشارة الى حزب الله.واتهم حزب الله بـ "إدخال الدولة في مرحلة التفكك والفراغ، وصولا الى تشويه الهوية الوطنية وتعريض سيادة لبنان واقتصاده ومستقبله وعلاقاته الدولية والعربية لأفدح الاخطار".وطالب ريفي الحكومة بـ "تقديم اعتذار للسعودية وقيادتها وشعبها، لا بل أدعوها الى الاستقالة، قبل أن تتحول الى أداة كاملة بيد حزب الله".وفي حديث تلفزيوني، اعتبر ريفي أن "حزب الله يحاول تحقيق دويلة إيرانية في لبنان، ويجب أن نقلب الطاولة بوجهه، ولن نكون شهود زور على الدويلة الإيرانية"، مؤكدا "اننا جزء من العالم العربي، ولن نسمح لحزب الله بالتحكم في الدولة اللبنانية"، لافتا الى "اننا سنواجه سلاح "حزب الله "بالموقف الواضح لا المتردد".وحيا زعيم حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الوزير ريفي، على موقفه، وتمنى أن تؤخذ الاستقالة بعين الاعتبار.المشنوقإلى ذلك، برز تصريح ذو دلالات مهمة لوزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي أكد أنه سيكون هناك خلال الأيام المقبلة مواقف عملية متضامنة مع السعودية.وقال في هذا السياق: "غدا سيكون هناك إعلان كبير من بيروت في حضور كل القيادات والجهات المعنية، في حضور الرئيس سعد الحريري"، مضيفا: "نحن نتشاور في الخطوات، وستكون النتائج معبرة عن عروبة لبنان ووفاء غالبية اللبنانيين للسعودية والإمارات والكويت".وأضاف: "خياراتنا تتعلق بمقاومتنا السلمية السياسية، لن أعلنها، لكن أنا متأكد من أن العرب سيرون منا كل عرفان بالجميل سياسيا وواقعيا وعمليا".ووعد أنه "خلال أيام سنقرر، وسيرى العرب أننا حاضرون وصامدون ومتحركون ومحافظون على عروبة لبنان ومدافعون عن عروبتنا التي هي تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا".ورأى المشنوق أن "الموقف الخليجي الأخير الذي أعاد النظر بالعلاقة مع لبنان جاء متأخرا، وكان يجب أن يأتي قبل ذلك، وهو مؤشر إلى ضرورة زيادة المقاومة في لبنان وتحسين القدرة على منع تحويل لبنان وحرف بوصلته إلى أي اتجاه أو محور غير عربي".وقال: "لا أرى في هذه الخطوة إلا إعلان مواجهة وليس انسحابا من لبنان".وعن دعوات استقالة الحكومة اللبنانية أجاب: "هذا الأمر أيضا خاضع للمناقشة، وهو واحد من الخيارات. أولا يجب أن ندخل إلى مجلس الوزراء لكي نناقش سياسة لبنان الخارجية، ثم تقرر الخطوة المطلوبة". وتابع: "تجرى الأمور بالتدريج، وستكون هناك أفعال، وستكون هناك ردود فعل لبنانية خلال أيام قليلة، وسيرى الجميع أن مقاومة المشروع الإيراني في لبنان قادرة وصامدة ومقاومة كما كانت وكما داومت على أن تفعل منذ 11 سنة حتى الآن".وختم المشنوق: "بمعنى أو بآخر، خطوة مجلس التعاون متقدمة، وستكون هناك مواقف لبنانية تدعم الموقف السعودي، لكن الأهم أنه سيكون لأحرار لبنان ومقاومي المشروع الإيراني والمتمسكين بعروبة لبنان ما يجعل العرب واثقين من عروبة اللبنانيين، الغالبية العظمى من اللبنانيين. هي مسألة أيام فقط".اجتماع «14 آذار»في هذه الأجواء، التأمت قوى "14 آذار مساء أمس في بيت الوسط، حيث أطلقت موقفا جامعا عالي النبرة من التطورات، في حين دعا رئيس الحكومة تمام سلام الى جلسة طارئة لمجلس الوزراء صباح اليوم لمناقشة الأوضاع المستجدة، ولاسيما تداعيات قرار الرياض.قزيوعلق وزير العمل سجعان قزي لـ"الجريدة" على قرار اجتماع الحكومة استثنائياً اليوم، قائلا: "كنت أتمنى على مجلس الوزراء الاجتماع فورا، لا أن ينتظر الى الغد (الاثنين)".وتمنى أن "يصير في مجلس الوزراء إلى تحديد ثلاثة أمور: أولا، تحديد أسس السياسة الخارجية اللبنانية خاصة تجاه العالم العربي، كي لا يغني كل وزير على هواه. ثانيا، أن يحصل استنكار للاعتداءات الكلامية التي تصدر من بعض الأطراف في لبنان ضد الدول الخليجية عموما والمملكة العربية السعودية خاصة، لأن هذه الدول لم تحاول مرة الإساءة إلى لبنان. ثالثا، أن يصدر موقف يتمنى على المملكة إعادة النظر بوقف الهبة، وأن تعاد العلاقات الثنائية إلى عهدها السابق".ورفض قزي تحميل وزير الخارجية جبران باسيل وحده مسؤولية القرار السعودي، لافتا إلى أن "حزب الله يتحمل المسؤولية الرئيسة بسبب المواقف والسياسات التي ينتهجها". أبرز ما قاله ريفي عن «حزب الله»ذكر وزير العدل اللبناني أشرف ريفي عن "حزب الله"، في بيان استقالته، عددا من الأمور التي ارتكبها الحزب، وفيما يلي أبرز ما قاله ريفي في هذا الموضوع:● دمر هو وحلفاؤه علاقات لبنان مع المملكة العربية السعودية● هيمن على قرار الحكومة● غطى القاتل وحوله إلى قديس جديد● طلب من باسيل الإساءة إلى المملكة● عطل نقل ملف سماحة إلى المجلس العدلي● استعمل الحكومة في سياق ترسيخ مشروع الدويلة● لا يقيم اعتباراً للبنان ومصلحته● حرم الناس من الأمل بحد أدنى من إنعاش الوضع الاقتصادي● ضرب بسيادة الدولة وهيبتها عرض الحائطجنبلاط في «الظلمة المنيرة»لجأ زعيم الحزب "التقدمي الاشتراكي"، رئيس كتلة "اللقاء الديمقراطي" النيابية، النائب وليد جنبلاط كعادته الى موقع "تويتر" للتعبير والتعليق على ما يجري من أحداث بطريقته الخاصة المميزة، تارة عن طريق الألغاز وتارة اخرى عن طريق السخرية، وفيما يلي سلسلة تغريدات متتابعة لجنبلاط أمس:"لا بد من طبيب لتشخيص المرض بالأحرى الأمراض، التي يبدو أنها متعددة وكثيرة"، وأضاف: "جرى استدعاء طبيب نفسي"، ثم قال: "الحوار ضروري، لكن البعض لا يؤمن بالحوار أساساً. غالب العقل الممانع هكذا".وتساءل :"يا ترى هل يستمعون إلى الموسيقى؟ أشك فالهوة سحيقة"، دون أن يوضح ما اذا كان يقصد "اصحاب العقول الممانعة" أم غيرهم، وأضاف: "أجمل شيء في الحياة الحرية والتنوع لكنهم يجعلون من كل شيء قبرا أسود حتى الطبيعة وهي نعمة إلهية"، وتابع: "لكن ممنوع اليأس بالرغم من المواقف الملتبسة والمراوغة".وختم جنبلاط هذه السلسلة من التغريدات التي أرفقها بصور: "هم يعيشون في النور المظلم كما قال جبران ونحن في الظلمة المنيرة".وهاب: نحن من سيقلب الطاولةعلق رئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهاب على قول وزير العدل انه يجب قلب الطاولة على حزب الله بالقول: "إذا كان احد يعتقد أنه قادر على قلب الطاولة يجب ان يعلم بأننا سنقلب الدنيا عليه وعلى من يقف وراءه"، معتبرا أن "الحكومة الحالية لم تعد حاجة لنستمر بها".ودعا وهاب وزراء "8 آذار" الى "رمي استقالاتهم، ولنذهب باتجاه مؤتمر تأسيسي".وزعم أن رئيس "تيار المستقبل" النائب سعد الحريري اتفق مع الرياض قبل مجيئه الى لبنان على "خطة انقلابية"، مضيفاً: "نحن لن ننجر الى فتنة، ولكن من يلعب فيها سيدفع الثمن ولن نترك لداعميه مربط عنزة في لبنان".
دوليات
لبنان: ريفي يستقيل من الحكومة و«تحرك عملي» لحلفاء الرياض
22-02-2016