أنهى العاهل السعودي، الملك سلمان زيارته التاريخية لمصر، أمس، في حين استمرت تداعيات توقيع القاهرة والرياض اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بينهما، وبينما ينظر القضاء الإداري طعناً على دستورية الاتفاقية، دعا عدد من النشطاء إلى تنظيم تظاهرات «الأرض هي العرض» يوم الجمعة المقبل.

Ad

بعد 5 أيام من النشاط الميداني واللقاءات الرسمية والخاصة، أنهى العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، زيارته التاريخية لمصر، ظهر أمس، في حين تصاعدت موجات رفض اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين المملكة العربية السعودية ومصر، التي تنازلت على إثرها القاهرة عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين، في البحر الأحمر، لمصلحة المملكة.

وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مقدمة مودعي الملك في ميناء القاهرة الجوي، وقد عكست مناقشات الزعيمين مدى أهمية وخصوصية الزيارة التي ناقشت مستقبل المنطقة العربية، والقضايا التي تهدد الأمن القومي العربي، وفي مقدمتها كيفية القضاء على ظاهرة الإرهاب.

وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية، السفير علاء يوسف،: "الرئيس حرص على توديع جلالة الملك سلمان في إطار علاقات المودة والأخوة التي تجمع مصر والسعودية على المستويين الرسمي والشعبي، وتقديرا وإعزازا لخادم الحرمين الشريفين والمملكة"، موضحاً أن الزيارة عكست حرص البلدين على التضامن والتكاتف في مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة العربية في المرحلة الراهنة، وأن الزيارة حققت نقلة نوعية في علاقات البلدين.

دكتوراه

إلى ذلك، وقبيل ساعات من مغادرة سلمان القاهرة، ووسط أجواء أمنية مشددة، تسلم العاهل السعودي، درجة الدكتوراه الفخرية من رئيس جامعة القاهرة جابر نصار، تقديرا لدوره المتفرد، وبوصفه شخصية عالمية لها تأثير بالغ في المحيطين العربي والإقليمي، ولدوره البارز في دعم الجامعة.

وأعرب الملك سلمان في كلمته عن شكره وتقديره لمنحه الدكتوراه الفخرية من جامعة القاهرة، وقال: "يسعدني أن أكون بينكم في جامعة القاهرة التي ساهمت في إثراء الحركة العلمية ليس في مصر فحسب بل في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، واحتضنت الطلاب من أنحاء العالم".

اتفاقيات للإنعاش

على صعيد ذي صلة، وفي ما له صلة بالقروض والاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعها الجانب المصري مع نظيره السعودي، عول مراقبون على تلك الاتفاقيات في إنعاش الاقتصاد المصري المأزوم منذ فترة، وأعلنت وزيرة التعاون الدولي، سحر نصر، أن القيمة الإجمالية للاتفاقيات التي تم توقيعها تبلغ نحو 25 مليار دولار، وأن النصيب الأكبر من قيمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية التي جرى توقيعها خلال الزيارة يعود إلى اتفاق إنشاء صندوق استثمار مشترك بقيمة 60 مليار ريال (16 مليار دولار).

ووفق وزيرة الاستثمار، داليا خورشيد، يستهدف الصندوق مختلف القطاعات الواعدة ذات المميزات التنافسية والعوائد المجزية، مثل التطوير العقاري وإقامة المدن الصناعية والقطاع السياحي والخدمي وقطاع الطاقة.

جمعة الأرض

على صعيد آخر، بدا أن اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية لن تمر بسهولة، إذ قال الناطق الرئاسي علاء يوسف، إن "الاتفاقية إنجاز للدولتين"، وأضاف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "حال بلدنا" مع الإعلامي أحمد خير، على "الراديو 9090": "مناقشات ترسيم الحدود تجرى منذ 6 سنوات وفقا لإخطار الأمم المتحدة في عام 1990"، وشدد على أن الجزيرتين تقعان داخل المياه الإقليمية للمملكة العربية السعودية.

وفي أول دعوة للتحرك الميداني الغاضب على خلفية الاتفاقية، أطلق نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي، دعوة للتظاهر الجمعة المقبل، للاحتجاج على اعتبار الحكومة المصرية الجزيرتين سعوديتين، وأطلق النشطاء على التظاهرة اسم "جمعة الأرض هي العرض"، كما قام نشطاء بجمع توكيلات وفق مبادرة "اعمل توكيل ورجع أرضك".

من جانبه، حرر النائب البرلماني هيثم الحريري، توكيلا قضائيا للمحامين، خالد علي، وطارق العوضي، ومالك عدلي، لإقامة دعوى قضائية لوقف إجراءات نقل إدارة تيران وصنافير إلى الرياض، وقال لـ"الجريدة": "وفقا للدستور المصري، هذه الأرض تقع تحت السيادة المصرية، ولا يمكن التنازل عنها إلا باستفتاء شعبي".

وأعلن عدد من الأحزاب استنكارها للاتفاقية، بينها حزب "الكرامة" الناصري، الذي أعلن شبابه في بيان رسمي أمس، استنكارهم للاتفاقية، وهددوا في بيان بالقيام بإجراءات تصعيدية، بينما أعلن المحامي والحقوقي، خالد علي، أن محكمة القضاء الإداري حددت يوم 17 مايو المقبل لنظر الطعن الذي تقدم به، ضد قرار التوقيع على الاتفاقية لمخالفتها للدستور.

في السياق، وبينما تتابع أجهزة سيادية تطورات الغضب الشعبي، علمت "الجريدة" من مصدر مطلع أنه من المقرر أن يناقش السيسي تفاصيل القضية في لقائه الأربعاء المقبل مع عدد من ممثلي فئات المجتمع المصري.

في شأن قضائي، قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة أمس، معاقبة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السابق، صلاح الدين هلال، ومساعده محيي الدين السعيد، بالسجن 10 سنوات، في إدانتهم بطلب وأخذ رشاوى، نظير تقنين وضع يد شركة مملوكة لأحد رجال الأعمال، على مساحة 2500 فدان بنطاق مدينة وادي النطرون بمحافظة البحيرة، وهي القضية المعروفة إعلامياً بـ "رشوة وزارة الزراعة".

أولاند

على صعيد آخر، يبدأ الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند زيارة إلى القاهرة الأحد المقبل على رأس وفد يضم وزراء وبرلمانيين وشخصيات عامة، يجري خلالها على مدى يومين مباحثات مع السيسي تتناول كل ملفات وعلاقات التعاون المشترك بجانب تطورات الأوضاع الإقليمية، ومن المقرر أن يشهد الرئيسان التوقيع على نحو 30 اتفاقية للتعاون بين القاهرة وباريس.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية المصرية، اتخاذ الحكومة الألمانية قرارا بإلغاء حظر السفر الذي كانت قد فرضته على سفر مواطنيها إلى مدينة شرم الشيخ، بعد تطبيق إجراءات أمنية جديدة بمطار شرم مماثلة للإجراءات المطبقة في مطاري الغردقة ومرسى علم.