الغانم: «الإصلاح الاقتصادي» قاصرة بلا جدول زمني ولا أولويات

نشر في 31-03-2016 | 00:14
آخر تحديث 31-03-2016 | 00:14
أكد أمام الجمعية العامة الـ ٥٢ لغرفة التجارة والصناعة أن الوثيقة تعتريها نقاط قصور كثيرة
قال الغانم إن وثيقة الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي، التي أقرها مجلس الوزراء قبيل أيام، جاءت بمنزلة تجاوب خجول مع هذا المنظور الشمولي للإصلاح المالي والاقتصادي.

أكد رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت، علي ثنيان الغانم، أن الغرفة جددت في الورقة، التي نشرتها في شهر فبراير الماضي، ما سبق أن أكدته مراراً من أن الاصلاح الاقتصادي، بشقيه المالي والتنموي، لا يمكن أن يتم إلا في إطار خارطة واضحة الخطوط والخطوات، تضم حزمة كاملة متكاملة من السياسات والتشريعات والإجراءات، يجري تنفيذها حسب جدول زمني يمتد إلى سنوات عديدة، وتتسم بالشفافية، التي تجعل المواطن يتفهم مبرراتها وأهدافها، ويطمئن إلى جدواها وعدالتها.

وقال الغانم، في كلمته أمام الجمعية العامة الـ52 للغرفة، التي عقدت أمس، إن وثيقة الإجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي، التي أقرها مجلس الوزراء قبيل أيام، جاءت بمنزلة تجاوب خجول مع هذا المنظور الشمولي للإصلاح المالي والاقتصادي.

نقاط قصور

وأضاف الغانم أن الغرفة تأخذ على هذه الوثيقة نقاط قصور كثيرة، من نماذجها؛ التداخل الواضح بين المحاور، وبين هذه والوسائل والآليات، وغياب الجدول الزمني والأولويات، وافتقاد خطة التوعية والإعلام، والجموح إلى أبعد بكثير مما تستطيع الإدارة العامة المترهلة إنجازه، وعدم التحسب للأثر الانكماشي المحتمل.

وذكر أن هناك إدراجاً أيضاً بأن وثيقة بهذا العمق الجراحي، وبهذا البعد المستقبلي المفصلي، وبهذه المهمة المثقلة بعقود من التجاهل والتأجيل، والمحاصرة بظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد، لا يمكن أن تستكمل أركانها بومضة ملهمة، فليس هناك حلول سهلة سريعة الأثر، وليس هناك حلول ترضي كل الأطراف، ولابد أن تبقى الوثيقة وسياساتها وإجراءاتها مثار جدل يطول ويقصر، وموضع اختلافات تتسع وتضيق.

ووفق الغانم، ترى «الغرفة» أن القيمة الحقيقية لهذه الوثيقة تكمن في أنها تعبير حكومي رسمي وصريح عن الالتزام بالإصلاح المالي والاقتصادي، وقراراً واضحاً بتعريف هذا الإصلاح، من خلال عرض أسسه ومنطلقاته، وتحديد مضمونه وتوجهاته وإجراءاته، موضحاً أن هذه الوثيقة ستبقى آلياتها موضع تطوير وتعديل في ضوء التجربة، دون أن يضعف ذلك من قوة الالتزام بالإصلاح، وشريطة أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها بحزم وشجاعة، وأن يبقى تعاون مجلس الأمة في إطار القناعة الموضوعية والنظرة الوطنية.

أسعار النفط

وبين الغانم أن أسعار النفط سجلت منذ سبعينيات القرن الماضي تذبذبات كثيرة وحادة، لامست بها مستوى 140 دولاراً صعوداً، وتدنت إلى أقل من 10 دولارات هبوطاً.

غير أن ما يجعل الانخفاض الحالي أخطر نذيراً وأدعى نفيراً، هو أنه ليس مجرد انعكاس لقوى السوق، بل يعكس أيضا إرهاصات تحول عميق في الاقتصاد العالمي، كما يعبر عن قلق حقيقي من تقلص الأهمية الاستراتيجية للنفط تحت ضغوط السباق العلمي المتسارع نحو الطاقة الذكية والنظيفة.

وأوضح أن هذه الحقيقة بالذات تنتقل بالتحدي، الذي تواجهه الكويت اليوم من مستوى معالجة عجز مرحلي في الميزانية العامة للدولة، إلى صعيد البحث عن رؤية تنموية تعيد هيكلة الناتج المحلي الإجمالي، وتحد من هيمنة النفط كمصدر شبه وحيد للدخل، وبصرف النظر عن الاتجاهات المستقبلية لأسعاره.

سجل موجز

وأفاد بأن تقرير الغرفة سيبقى سجلا موجزاً وأميناً لما قامت به الغرفة في إطار دورها كممثلة لآراء ومواقف القطاع الخاص الكويتي في الشأن الاقتصادي الوطني، ولما شاركت به من أنشطة فكرية وإعلامية وتنسيقية، على المستويين المحلي والخليجي، وعلى الصعيدين العربي والدولي. والخروج عن المعتاد اليوم، مرده إلى ضرورة تخصيص هذا اللقاء للحديث عما ترى فيه الغرفة التحدي الاقتصادي الأصعب، الذي تواجهه الكويت منذ أن صدرت أول شحنة نفط عام 1946، وهو تحد مفصلي مع الذات، أطلقه انخفاض أسعار النفط، وعمقه غياب الرؤية، وعقده ضعف الإدارة، وضيق مخارجه تواضع مستوى التعليم.

إصلاح متكامل

ولفت الغانم إلى أن هناك فارقاً كبيراً بين «تنويع إيرادات الميزانية العامة» و»تنويع مصادر الناتج المحلي الإجمالي»، ومن الخطأ في معالجة أوضاعنا الاقتصادية، أن نركز على جانبها المالي فقط، بل لابد من أن يسير الإصلاح المالي بالتوازي والتكامل مع الإصلاح الاقتصادي، المتمثل برؤية تنموية حقيقية مستدامة، تضع حدوداً لمغامرتنا الخطيرة في الاعتماد المطلق على إيرادات النفط، رؤية تستند إلى قوة عاملة وطنية، ويقود قاطرتها قطاع خاص كفوء وملتزم بدوره التنموي والاجتماعي، خصوصا أن تعزيز الإيرادات العامة يرتبط – بقوة وبالضرورة – بتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني.

استراتيجية التيسير

وبين أن الغرفة، لم تكتف بنشر ورقتها بشأن «الإصلاح المالي والرؤية التنموية بدولة الكويت»، بل عملت أيضاً على شرح وإيضاح ما أسمته «استراتيجية التيسير التجاري»، التي أصدرت الغرفة دراسة معمقة بشأنها، أعدتها جهة بحثية عالمية مختصة، واستهلت الغرفة مساعيها في هذا الصدد بالتشرف بلقاء سمو أمير البلاد، ثم عرضت الاستراتيجية على سمو ولي العهد وعلى سمو رئيس مجلس الوزراء، وعلى الوزراء المتخصصين، وعلى لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس الوزراء، ولجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة.

وأشار إلى دعم وتشجيع سمو أمير البلاد لهذه الاستراتيجية، إضافة إلى الدعم الذي قدمه سمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء والتقدير والاهتمام، «ولما قوبلنا به لدى رئيس وأعضاء اللجنة الاقتصادية الوزارية، ولدى رئيس وغالبية أعضاء لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس الأمة من تعاون صادق وتفهم عميق».

التيسير التجاري

وأفاد الغانم بأن «استراتيجية التيسير التجاري»، تقوم على الاستثمار الأمثل للمزايا التنافسية الأهم في الاقتصاد الكويتي، والمتمثلة بصورة خاصة في الموقع الجغرافي، وفي الحيوية المجتمعية، وفي القطاع الخاص ذي الملاءة والخبرة والعلاقات الدولية القوية، من خلال الارتفاع بكفاءة البنية الأساسية واللوجستية، والبيئة التنظيمية، والبيئة الجمركية، والاقتصاد المعرفي.

وقال إن استراتيجية التيسير التجاري هذه ورغم أنها تستلهم النجاح المبهر للتجربة السنغافورية، فإنها لا تقوم على النشاط التجاري، وإعادة التصدير فحسب، بل تقتضي – بالضرورة – تطوير قطاعات وأنشطة كثيرة كالنقل، والاتصالات، والتأمين، والصناعات الخفيفة، والصناعات المعرفية.

كما أن هذه الاستراتيجية تساهم - بالتأكيد – في تطوير الكويت كمركز مالي متقدم، لأن المراكز المالية العالمية لا تنشأ أصلا إلا في مراكز تجارية متقدمة. وهذه الحقيقة بالذات تؤكد أن استراتيجية التيسير التجاري لا تتعارض مع الرؤية التنموية التي أطلقها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، لتحويل الكويت مركزا ماليا وتجاريا، بل هي تتكامل معها، وتشكل منطلقا لها، ومدخلا إليها.

وخلال الجمعية، تساءل عبدالكريم كرم (من مركز كرم العقاري) عن منح التراخيص دون ممارسة المهنة، ورد الغانم قائلا: إن الغرفة منذ اعوام في كفاح مع الحكومة بأنه يجب على أن من يأخذ الرخصة أن يكون كويتيا ممارسا للمهنة، حيث إن المشكلة الأساسية لديهم تراخيص بالآلاف بأسماء عوائلهم، سواء كان أخاه أو زوجته، متمنيا من الحكومة أن تضغط على من تمنحه الرخصة بأن يمارس المهنة، موضحا أنه الآن وفي ظل الوضع الاقتصادي يجب ان تكون الحكومة مجبرة على أن تمارس هذا الضغط.

«الغرفة» طالبت الحكومة بالاستمرار في الإنفاق الاستثماري

تساءل المنتسب خليل بوشهري (من شركة النرويج المتحدة) عن مدينة وطريق الحرير وأهميتها، حيث انها تقع في مركز استراتيجي مهم بين عدة دول التي تربطنا معهم احتياطيات نفطية مشتركة، إضافة الى ميناء بوبيان وأهمية فتح سوق مفتوح وجعل بوبيان مدينة تجارية حرة.

وقال المدير العام للغرفة، رباح الرباح، إن طريق ومدينة الحرير مشروع حكومي، معتقدا انه لو كان هناك جانب انفاق استثماري رأسمالي سيكون له انعكاس مباشر على القطاع الخاص، مبينا ان الغرفة من دون شك تدعمه بشكل مباشر، حيث طالبت الغرفة الحكومة بالاستمرار بالانفاق الاستثماري الرأسمالي الذي سيكون له انعكاس على الاقتصاد الوطني.

انتخابات «الغرفة»

لفت الغانم إلى أنه يوم الأربعاء القادم سيجري انتخاب نصف أعضاء مجلس إدارة الغرفة في دورته الثامنة والعشرين. وبهذه المناسبة تدعو غرفة تجارة وصناعة الكويت جميع منتسبيها لممارسة حقهم الانتخابي. كما تسجل الغرفة بالغ شكرها للإخوة والأخوات رئيس وأعضاء لجنة الإشراف على الانتخابات الذين تطوعوا لهذه المهمة ومسؤوليتها.

نظرة «الغرفة» إلى الإصلاح المالي والاقتصادي

أشار الغانم إلى أن نظرة الغرفة إلى الإصلاح المالي والاقتصادي لا تكتمل، إلا بالحديث على 4 نقاط:

الأولى:

 أن العامل المشترك في التجارب التنموية الناجحة للدول النامية، هو قدرة أنظمتها التعليمية الحديثة على الارتقاء بكفاءة العنصر البشري. وهذا ما يدعونا إلى تأكيد القول إن العقبة الأصعب التي تواجهها الجهود الاصلاحية في الكويت، وعلى كل المستويات وفي مختلف المجالات، هي ضعف النظام التعليمي.

الثانية:

 أن الإصلاح تعريفاً هو التغيير نحو الأفضل، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق إذا فرضت السياسة والاصطفافات الاجتماعية المختلفة أن يبقى كل شيء على حاله. ويبقى كل صاحب موقع بمكانه. وفي غياب التغيير القادر على استيعاب المتغيرات، ستكون محاولات الاصلاح المالي والاقتصادي - والسياسي أيضا – مجرد عمليات تجميل لا تمس جوهرا، ولا تصنع مستقبلا.

الثالثة:

 أكدها تقرير صدر قبل أيام عن جهة بحثية عالمية مختصة، حين ذكر أن أسواق دول مجلس التعاون الخليجي الست ستغدو مباشرة تاسع أكبر اقتصاد في العالم لو أصبحت سوقا واحدا. وأن إزالة العقبات البيروقراطية في وجه التجارة والاستثمار في دول المجلس، ستعزز ناتجها المحلي الإجمالي بنحو 36 مليار دولار.

إن هذه الحقيقة لا تعزز صحة استراتيجية التيسير التجاري التي نقترحها فحسب، بل تشير بوضوح أيضاً إلى أن نجاح دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق سوق مشتركة عصرية، سيساعدها جميعا في إصلاحها الاقتصادي، ويقلل من تكاليف مرحلة التحول الصعب.

الرابعة:

 ضرورة أن يسبق إجراءات الاصلاح ويواكبها إعلام علمي صريح يضع أمام المواطنين كل النقاط فوق كل الحروف. إعلام موحد التوجه والتوجيه، صادق الصورة والمعلومة، يبين السبب والهدف بكل شفافية، ويشرح الواقع وتكلفة التأجيل والتردد بلا تهويل ولا تهوين. يتسم بروح متفائلة متكلة على الله، مؤمنة بتوفيقه، وينطلق من فكر واثق بقدرات الوطن واستجابة المواطن. فقد نجحت دول كثيرة في مواجهات تحديات أصعب بكثير، وبإمكانات أقل بكثير. ونحن – قطعاً وتجربة وتاريخا - لسنا أقل منها إرادة وتصميما. فاليأس ليس من خيارات الأحرار.

back to top